إذا كنت ممن اقترب عمرهم من الأربعين أو تجاوز فعليك أن تعود بذاكرتك إلى الخلف أعواماً، لكى تمنح نفسك استراحة حياتية فى ظل منغصات تلتف حولك كأفعى لا تختلف فى تفاصيلها عن الأفاعى التى تطل برأسها بين الحين والآخر ما بين متآمرة أو انتهازية أو خلافه، ولتكن القائمة التى يحلو لى كتابتها مجرد دليل، لعلك تكتب عزيزى القارئ شيئاً آخر أسقطته الأيام من ذاكرتى، فإلى الذكريات يا أصحاب الذكريات: فى البدء تذكر الخرزة الزرقاء وأوراقك الملونة التى كتبت عليها كلمات حب أو دونت عليها مشاعر مختلطة مرتبكة كنت تحبو بها نحو شبابك. تذكر حفلات السينما التى تبدأ فى نهار ربنا وتنتهى فى الليل الحالك، التى تنقلك من العربى إلى الأجنبى حتى أخونا رفيق الشباب «بروس لى» ومعها كام حتة تركى وكثيراً من الأكشن وأفلام نجمات الزمن الفسيح. تذكر حميد الشاعرى وأغانيه وتيماته الشهيرة من «أكيد» حتى «كواحل»، ومعه بالطبع حنان وهالة هادى وأحمد الجبالى وحسام حسنى وعلى حميدة «لولاكى» و«الفور إم». تذكر «منير» و«شجر الليمون» و«وسط الدايرة» وصعبانيات هانى شاكر و«الحجار» عندما يشدو «لما الشتا يدق البيبان». تذكر مقاومتك لعبدالحليم حافظ وأم كلثوم ونهايتك بالوقوع فى أسرهما بعدما أخذ منك الزمان أحلى ما فيك وفشلت فى جميع قصصك مع الجنس الآخر. تذكر ملابس عمرو دياب وتيشرتاته وبنطلوناته أم كُسَر الواسعة و«ميال» و«غنى من قلبك» و«متخافيش». لا تنس إعلانات إنجرام وجرافينا وانزل يا لورد واطلع يا لورد بالطول والعرض، وشاى الشيخ الشريب، وعمو حسن عابدين وسره الشويبسى الذى مات معه. تذكر «ليالى الحلمية» و«رحلة أبوالعلا البشرى» و«بابا عبده» و«عصفور النار» وتقل دم خالد زكى وعنفوان نبيل الحلفاوى وأداء محمد الدفراوى. تذكر الفوازير ونيللى و«سمورة وفطوطة» و«اخترنا لك» وفريال صالح ودرية شرف الدين وناديها للسينما ويوسف شريف رزق الله وبابا شارو والمسلسل الأجنبى وماكجيفر والإرسال الذى كان ينتهى ب«الوش». تذكر «بقلظ» و«المغامرون الخمسة» و«مازينجر» و«بولا بولا بارم بلا» والكلبة لاسى. تذكر يوم جمعة ونهاية الصلاة وعالم الحيوان والشيخ الشعراوى ولمة عيلة حول قناتين فقط، وعناء ضبط إريال فى مصيف عشان يلقط قناة تانية برّه مصر!! تذكر خليل حنا تادرس وروايات عبير ورجل المستحيل وكل ما امتلأت به دماغك من خيالات حتى أديب الشباب محمود عفيفى. تذكر لحظتك الأولى خارج سياق طفولتك مع صورة أو فتاة أو مشهدا يدخل بك عالم الكبار. تذكر لحظة السيجارة الأولى واستسلامك لها أو دفاعك عن رئتيك وقتها من دخان زملائك أو الواد ابن الجيران. تذكر صورتك الأولى بتصوير الميّه على حائط مدرسة ثانوية أو أمام محكمة أو سجل مدنى أو فى سوق مدينتك. تذكر شنبك الأول وذقنك الأولى وصوت بلوغك وكابوريتك أو شعرك الكنيش وسوالفك الطويلة وجينزك «الإس سى 51 أو الريفل». تذكر لعبك الكرة حافياً فى عز الضهر وتسلقك لأشجار النبق والنخل ومقلاعك الأول وصفقتك الأولى للبلى وكرتك الشراب. لعلها ذكريات تصيبنا بانتشاء أو دغدغة مشاعر نستعيد بها زمناً فات يعيننا على حاضر قاسٍ وسنوات عمر تتسرب من بين أيدينا!!