ألقى الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف كلمة في الجلسة الافتتاحية لمؤتمر دور الأديان في تعزيز قيم التسامح الإنساني بدولة الإمارات العربية المتحدة، اليوم، أكد خلالها أن جانبا كبيرا من العنف الذي تشهده الساحة الدولية إنما يرجع إلى فقدان أو ضعف الحس الإنساني، واختلال منظومة القيم الإنسانية، والأنانية المفرطة، وضعف أو غياب الوازع الإيماني. وأضاف جمعة أن الله كرم الإنسان على إطلاق إنسانيته دون تفرقة بين بني البشر، فقال: "ولقد كرمنا بني آدم"، فالإنسان بنيان الرب من هدمه هدم بنيانه عز وجل، فقد تختلف الشرائع في العبادات وطريقة أدائها وفق طبيعة الزمان والمكان، لكن الأخلاق والقيم الإنسانية التي تكون أساساً للتعايش لم تختلف في أي شريعة من الشرائع، يقول نبينا: "إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى إذا لم تستح فاصنع ما شئت". وأوضح: "أروني أي شريعة من الشرائع أباحت قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، أو أباحت عقوق الوالدين، أو أكل السحت، أو أكل مال اليتيم، أو أكل حق العامل أو الأجير.. أروني أي شريعة أباحت الكذب، أو الغدر، أو الخيانة، أو خُلف العهد، أو مقابلة الحسنة بالسيئة.. بل على العكس فإن جميع الشرائع السماوية قد اتفقت وأجمعت على هذه القيم الإنسانية السامية، من خرج عليها فإنه لم يخرج على مقتضى الأديان فحسب، وإنما يخرج على مقتضى الإنسانية وينسلخ من آدميته ومن الفطرة السليمة التي فطر الله الناس عليها". وتابع بأن ديننا الحنيف علَّمنا أن نقول الكلمة الطيبة للناس جميعاً بلا تفرقة، فقال سبحانه: "وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا" للناس كل الناس، بل نحن مطالبون أن نقول التي هي أحسن، يقول سبحانه وتعالى: "وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ" للناس كل الناس أيضا. ويقولون: "البر شيء هين وجه طلق وقول لين"، ويقول الحق سبحانه : "وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ". وأوضح أن ثمة فرقا كبيرا بين التسامح الناشئ عن قوة، والاستجداء الذي يكون من ضعف، فالحق لا بد له من قوة تحميه ، ولن يحترم الناس ديننا ما لم نتفوق في أمور دنيانا، فإن تفوقنا في أمور دنيانا احترم الناس ديننا ودنيانا، ومن ثمة لا بد أن نبني مجتمعاتنا ودولنا بناء قويا علميا وفكريا وثقافيا واقتصاديا وعسكريا لحماية الحق والعدل والتسامح، وليس للاعتداء على الآخرين أو النيل منهم أو الجور عليهم.