جلست "أُلفت" في حصة الكيمياء السعيدة – بالنسبة لها - تتابع شرح مستر "طارق" الممتاز للمعادلات الكيميائية السمينة, تتابع باهتمام التركيبات العضوية الشهيرة و المعتادة, وتنتظر نتائج التقاعلات المبهرة، أثناء متابعتها الشديدة التركيز لفت انتباهها ذلك التفاعل الشهير, الذي ينتج عنه مادة الصابون وحضر إلى ذهنها في تلك الأثناء حلمها الكبير, حلمها الذي بدأ منذ أن بدأت تعي وتفيق إلى أن ما تريده حقًا في هذه الحياة هي ماركة تجميل –أو براند- تحمل اسمها ..نعم سيدي القارئ, ليس الحلم ببعيد و ليس الهدف بمستحيل; لما ليس مستحيلا ؟! لأن أي حلم مهما كان بعيدًا, أومهما كان الهدف – يبدو- مستحيلًا أو مرهقًا أو متعِبًا, فإن تحقيقه وجعل الحلم حقيقة يعتمد على شخصية الحالم و روح الهادف. ف"ألفت" نِعم قادرعلى تحقيق حلمها; فهي فتاة هادئة, رزينة, صاحبة رأي صائب, ملائم لما يحتاجه الموقف, تمتلك وجهة نظر ملائمة لحل أي مشكلة، ثقتها بنفسها ونشاطها وتصميمها على أن يكون ما تقدمه لا يعلى عليه، وألا يكون عرضة للنقص أو للنقد.. فهي تمتلك الموهبة والقدرة والسعي.. فمن يمتلك الهدف والشخصية و الموهبة قادرعلى تحقيق الحلم وسحق المستحيل. وفي تلك الأثناء عادت "ألفت" إلى أرض الواقع ورأت نفسها وقد اجتازت الثانوية العامة – حاصلة على الدرجة النهائية في مادة الكيمياء - ورأت أنها في أول يوم في كلية "الصيدلة" وها هي في السنة الخامسة حاصلة على امتياز مع مرتبة الشرف، ثم طارت إلى باريس من ثم إلى روما إلى من يقدر موهبتها ويحترم طموحها. بعد سنوات من الجهد العظيم والمجهود الكبير والشقاء المرير والعديد من التفاعلات الكيميائية والمحاولات والإنفجارات وداخل معملها القابع في أحد مصانع أدوات التجميل الشهيرة في هذا البلد الجميل, نجحت أخيرًا في إنتاج أول مسحوق تجميل يساعد على تجميل البشرة وتنقيتها وإزالة التجاعيد في نفس الوقت وبدون آثار جانبية، وبعد سنوات طوال - أخرى - أصبح هذا المنتج هوالمنتج الأول عالميًا بلا منازع وأصبحت هي أشهرخبيرة تجميل في العالم. لم تنتبه "ألفت" إلّا وقد ضرب الجرس معلنًا انتهاء حصة الكيمياء - واصتدمت بأرض الواقع- لكن لا يستطيع أن يضع حدًا لأحلامها العلياء; فالحلم لا ينهزم طالما يدعمه السعي وتحافظ عليه الموهبة ويشجعه الطموح.