من الممكن أن أصبح أشهر إنسان فى الدنيا فى ثوانٍ، ولن يكلفى ذلك أكثر من أن أنزع ملابسى فى المسجد أو فى أى مكان عام، وساعتها سيحدث الآتى: - ضجيج وصراخ وعويل، وما بين مؤيد ومعارض. - وسيتناول هذا الحادث كل وكالات الأنباء المحلية والعالمية، وصورى ستتصدر الصفحات الأولى فى كل الجرائد بالإضافة إلى أن كل برامج التوك شو ستتناول هذه القضية باعتبارها حادثة غريبة ولم تحدث من قبل، بالإضافة إلى الاستضافات فى كل البرامج الحوارية وحتى غير الحوارية وستجد ما لم تتوقعه، وستسمع وتشاهد ما لم يخطر لك على بال ممن سيُستضافون من السادة العلماء والمشايخ والمحللين النفسيين وعلماء وخبراء علم الاجتماع. فهذا مؤيد على اعتبار أنها حرية شخصية، وهذا معارض على اعتبار أن ما حدث فضيحة، ومولانا يطالب بجلدى ثمانين جلدة، وسيدنا الشيخ يطالب باستتابتى وإلا فسوف يقام علىّ الحد، وغيرهم من يرى أننى قدوة له فى الشجاعة حيث إننى لم أفكر فيما سيحدث لى حينما أقدمت على هذا العمل بمنتهى الشجاعة، بالإضافة إلى مئات المحاضر التى سيقدمها ضدى كل من هو حريص على الاداب العامه فعلا ومعهم من هو حريص أيضاً على اقتناص الفرصة لينال قسطاً من الشهرة، وهتلاقى الفيديو بتاع الحادثة دى شاهده على الإنترنت قرابة المليون شخص فى الأيام الأولى، وكمان جروبات على الفيس بوك تطالب بإعدامى وجروبات أخرى متضامنة معى وترى فىّ المثل والقدوة والنموذج المتحرر، وهيبقى رمز للحرية والتحرر عند ملايين البشر، ومش بعيد يركب عمنا أوباما الموجة ويطلّع بيان مؤيد لى من البيت الأبيض على اعتبارى رمزاً للحرية العالمية والأمريكية كذلك، وطبعاً السيد كلينتون والست حرمه مش هيفوّتوا الفرصة دى من غير ما يعلقوا عليها وينوبهم من الحب جانب، واهى فرصة لاستعادة الذكريات، وشركات السيراميك هتهرول ورايا علشان أصوّر لهم إعلان فى الحمام بردُه (ملط) وهينزّلوا (منتج) جديد من السيراميك وأطقم الحمامات يحمل اسمى على اعتبار أن الحمامات هى المكان الوحيد اللى الناس بتاخد فيه حريتها و(بتخلع) براحتها. وطبعاً هاقبض فى المقابل من كل البرامج والإعلانات والمقابلات بالملايين، بالإضافة إلى أنى سأصير واحداً من أشهر الناس هابقى كمان من الأثرياء. يعنى شهرة وملايين (يا بلاش) وهتلاقى كمان شركات السياحة مصورانى على أتوبيساتها وبتروّج لنفسها على (حسى) ومش بعيد تنتعش السياحة ويأتى السياح من كل أنحاء الدنيا إلى بلد الحريات وينعموا بزيارتى على اعتبار أن أنا قبلة الحرية، ولو حصل أنى مت أو حد من إخواننا اغتالنى (لا قدر الله) هتلاقى أنصارى وهم طبعاً بالملايين جايين يشهدوا جنازتى (ملط)، ويمكن يطوفوا حوالين قبرى بردُه (ملط) ومؤكد إنهم هيتخبلوا فى مخهم وهيعملوا لى مولد كل سنة وهيبقى اسمه (مولد سيدى العريان). - طبعاً القصة دى، على قدر ما هى فكاهية وخيالية، لكنها تجسد واقعاً نعيشه، فها هى الأحداث تؤكد أن من بين المشهورين الذين يقتدى بهم الملايين ويلهثون خلفهم من لم يقدم شيئاً فى حياته إلا أنه سلك طريق سيدى العريان، ووسائل الإعلام والبرامج دائما ما تروج لهؤلاء وأمثالهم من الباحثين عن الشهرة باستضافتهم تارة أو بنقل أخبارهم تارة أخرى باستضافة المؤيدين والمعارضين لهم، لا لشىء إلا لأن قضيتهم تبدو غريبة ومثيرة حتى وإن لم يستفد منها المجتمع، فالمقياس عند البعض لم يعد هو قيمة ما يقدمونه للناس بقدر ما يهمهم فقط تقديم ما يجذب الناس، بل فى أحيان أخرى تركض بعض البرامج خلف أشخاص لا قيمة لها ولا وزن وليس عندها ما تقدمه للناس أو ربما كل ما عندها يضر الناس، والسبب كما قلت هو مجرد الشو الإعلامى أو تحقيق نسب مشاهدة عالية واللى على أساسها بتيجى الإعلانات وخلافه. يا إخوانى، ما أسهل أن تشتهر، وما أيسر أن تغتنى. وفى كل الأحوال لن تعدم المؤيدين لك ولكن السؤال المهم: هل كل طريق للشهرة مباح حتى وإن كان على حساب الأوطان والأديان والقيم؟ وهل كل طريق للثراء مباح حتى وإن كان من الحرام أو على حساب الأعراض والأعراف والأرواح؟ بل السؤال الأهم: هل شهرة المرء أو كثرة أتباعه ومريديه دليل على صلاحه؟ وهل ثراء المرء دليل على تقواه؟ بالطبع لا، فإبليس من أشهر مخلوقات الله وما أكثر أتباعه ومريديه ومع ذلك يبقى هو الملعون المطرود من رحمة الله تعالى، وقارون يوماً حسده الناس على ما هو فيه من نعيم إلى أن خسف الله به وبداره الأرض. إلى كل من يزن الناس بميزان الشهرة والمال أو على أساس شهرتهم وثرائهم، اعلموا أن ميزانكم باطل (إن أكرمكم عند الله أتقاكم) فكم من مشهور يلتف حوله الناس وأتباعه بالملايين وهو لايساوى عند الله جناح بعوضة ولا يزن فى ميزان الحق مثقال خردلة، وكم من صاحب ملايين لا يساوى فى ميزان الرجال والتاريخ درهماً. وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم: (رُبّ أشعث أغبر لو أقسم على الله لأبرّه). كفانا الله وإياكم شر الفتنة.. اللهم آمين.