سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الأقباط فى انتخابات الرئاسة.. «أصوات» تبحث عن الأمان هيئة الأقباط العامة تؤيد أبوالفتوح.. ومنظمة التضامن القبطى تدعم شفيق.. وأساقفة الكنيسة يصوتون لموسى
التزمت الكنائس المصرية الثلاث «الأرثوذكسية والكاثوليكية والإنجيلية» بتجنب دعم أو توجيه الأقباط إلى مرشح معين فى انتخابات رئاسة الجمهورية، وتركت حرية الاختيار للأقباط، ووقفت على مسافة واحدة من كل المرشحين، وأعلنت استعدادها للتعامل مع رئيس ينتمى إلى خلفية إسلامية «سلفية كانت أو إخوانية» إذا جاء عبر انتخابات رئاسية نزيهة، فى الوقت الذى انقسمت فيه المنظمات والتيارات القبطية فى الداخل والخارج حول المرشحين الكبار فى السباق، ففى الوقت الذى اتفقوا فيه على استبعاد دعم المرشحين الإسلاميين، اختلفوا حول دعم المرشحين الثوريين، ومنهم من اتفق على دعم الفلول لرئاسة الجمهورية. وظهر جليا اهتمام الأقباط بتوحيد صفوفهم والمشاركة فى صنع مستقبل مصر عبر البيانات التى أصدرتها كنائس المهجر التى تدعو الأقباط فى الخارج للمشاركة بقوة فى التصويت، وعلى رأسها كنيسة ألمانيا برئاسة الأنبا دميان، أسقف عام ألمانيا، وكنائس بلجيكا وهولندا وفرنسا واليونان والمجر وإسبانيا وبريطانيا والسويد والنمسا وبولندا. واعتبرت الكنيستان الإنجيلية بفرنسا والقبطية بهولندا مشاركة الأقباط فى انتخابات الرئاسة واجبا كنسيا، لأن صوت الأقباط سيحدد صورة مصر المستقبل. كما عقد نشطاء ومفكرون أقباط، اجتماعات تشاورية طوال الأيام الماضية بمقر منظمة الاتحاد المصرى لحقوق الإنسان، التى يرأسها المحامى القبطى المعروف الدكتور نجيب جبرائيل، لبحث موقف الأقباط من الانتخابات الرئاسية، فى ظل حالة الانقسام بين الأقباط على أكثر من مرشح ما بين أحمد شفيق وعمرو موسى وحمدين صباحى وعبدالمنعم أبوالفتوح. وأطلق النشطاء الأقباط استطلاعا للرأى حول المرشح الذى سيدعمونه للرئاسة من بين المرشحين المذكورين، على أن يعلن اسم المرشح الذى حصل على أعلى الأصوات لدعمه للرئاسة، بعيدا عن الكنيسة التى التزمت الحياد. «الوطن» استعرضت أبرز تصريحات ووعود مرشحى الرئاسة للأقباط، والكتل التصويتية داخل التيارات القبطية لكل مرشح من مرشحى الرئاسة. فى البداية قال الأنبا باخوميوس، القائم مقام البابا بالكنيسة الأرثوذكسية، إن الكنيسة تقف على مسافة واحدة من كل المرشحين، وإنها لن تدعم مرشحا معينا، بينما أشار الأنبا مرقص، أسقف شبرا الخيمة، ورئيس لجنة الإعلام بالمجمع المقدس، إلى أن الكنيسة ليس لديها مشكلة فى التعامل مع الإسلاميين إذا وصلوا للرئاسة، وإن كان الأقباط يفضلون رئيسا مدنيا يؤمن بالمواطنة والعدل والمساواة والحرية، وهاجم تصريح الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح المرشح لرئاسة الجمهورية بأن الإسلام هو الحل، قائلا: «إذا كان أبوالفتوح الذى يسعى للرئاسة يقول إن المسلمين سيحلون مشاكلهم الاقتصادية والاجتماعية والسياسية بالإسلام، فماذا عن المسيحيين.. لا تحل مشاكلهم؟!!». وقال القس صفوت البياضى، رئيس الطائفة الإنجيلية، إنهم لن يعلنوا دعمهم لمرشح رئاسى معين، وإن كانوا يرون أن الرئيس القادم لابد أن يكون إنسانا يعرف الحق، ولا ينحاز لفئة دون فئة، رئيس يؤمن بالمواطنة والحق والحرية والعدل والمساواة، وأن تتحول تلك المعايير إلى أفعال. أما الدكتور يوحنا قلته، نائب رئيس بطريرك الكاثوليك، فاتفق مع الطوائف المسيحية الأخرى فى تجنب دعم مرشح معين للرئاسة، وإن كان يرفض التوجه الإسلامى ويفضل أن يكون الرئيس القادم مؤمنا بالمواطنة ومدنية الدولة وهو الرئيس الذى سوف يقف الأقباط خلفه. ومع الوعود التى انهال بها المرشحون الإسلاميون، وأبرزهم على الساحة الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح والدكتور محمد مرسى، فلم يسع أى منهم إلى زيارة الكنائس خلال الجولات الانتخابية فى مختلف المحافظات. الدكتور أبوالفتوح وصف الأقباط فى برنامجه الانتخابى بالأقلية الدينية، وهو المصطلح الذى أغضب كثيرا من النشطاء الأقباط، ولم يشفع لأبوالفتوح تبريره بأن ورود ذلك المصطلح سوء صياغة، بالإضافة إلى تأكيده أن أموال الكنيسة سوف تخضع لرقابة الدولة، إذا أصبح رئيسا للجمهورية، لأن أموال الكنيسة مثل أموال الأوقاف، أموال عامة للدولة. أما الدكتور مرسى، مرشح جماعة الإخوان المسلمين، فانهالت منه الوعود الانتخابية للأقباط ليكسب ثقتهم ودعمهم له، وقال إن الحفاظ على الكنائس والأديرة دين فى رقبته، وحرية بناء دور العبادة ستكون مكفولة حتى يشعر الجميع بأنهم يعيشون فى وطن واحد دون تمييز. ووصل الأمر بمرسى إلى التأكيد على تدريس الحقبة القبطية فى التاريخ المصرى، وأنها ستأخذ حقها كاملا فى التدريس والبحث بصفتها جزءا لا يتجزأ من التاريخ المصرى. وحدثت انشقاقات بين لجنة المائة القبطية، التى تتكون من 18 منظمة قبطية فى الخارج وعشرات المنظمات والائتلافات القبطية فى الداخل، لدرجة التراشق بينها بسبب إعلان هيئة الأقباط العامة، التى يرأسها الدكتور شريف دوس تأييد أبوالفتوح، فمن وجهة نظر دوس، أبوالفتوح يمثل الإسلام الوسطى، ولم يقدم تنازلات للسلفيين من أجل أن يدعموه حتى يخشاه الأقباط، لأن أبوالفتوح يدعو إلى الدولة المدنية التى مرجعيتها الحق والقانون، مشيراً إلى أن كثيرا من الأقباط الآن يفكرون فى دعمه. ولكن الدكتور نجيب جبرائيل، رئيس منظمة الاتحاد المصرى لحقوق الإنسان، ومدحت قلادة، رئيس اتحاد المنظمات القبطية بأوروبا، قادا اتجاها مناهضا لأبوالفتوح وكل المرشحين الإسلاميين، وأصدرا وثيقة أطلقا عليها «الوثيقة الذهبية» عن معايير اختيار رئيس الجمهورية لاستبعاد الأقباط تأييد أى مرشح ذى خلفية إسلامية أو يدعو لتيار قومى ولا يعلى من قيم المواطنة ومدنية الدولة. وأعلنت منظمات الأقباط فى أوروبا أنها لن تدعم أى مرشح ذى خلفية إسلامية، مشيرة إلى أن الدولة الدينية هى أساس الإرهاب والتطرف، وهى أشد عنفا وفاشية من الدول الديكتاتورية، لأنها تستبيح أرواح المخالفين لعقيدتها. ومن أبرز من يقف ضد وصول الإسلاميين للحكم بين أقباط المهجر كل من الدكتور إبراهيم حبيب، نائب اتحاد المنظمات القبطية بأوروبا، وبهاء رمزى، رئيس الهيئة القبطية الهولندية، وحسنى بباوى، رئيس هيئة أقباط النمسا، وبطرس حكيم، رئيس الهيئة القبطية النمساوية، وجميل جورجى، رئيس جمعية أصدقاء الأقباط بفرنسا، ومجدى يوسف، منسق عام اتحاد المنظمات القبطية، ونسيم كامل شحاتة، رئيس جمعية الشباب القبطى الفرنسى، ومجدى فلتس، رئيس الهيئة القبطية بميلانو، وأكرم سركيس، رئيس الجمعية القبطية برومانيا، وشيرين كامل ومادلين روفائيل، عضوا اتحاد المنظمات القبطية بأوروبا، وجون سدراك وعصام عبيد وسامح سوريال، أعضاء الاتحاد القبطى بهولندا، وشفيق بطرس، عضو التجمع القبطى الأمريكى بشيكاغو. أما عمرو موسى والفريق أحمد شفيق اللذان يوصفان بأنهما من فلول النظام السابق، فدأبا على مغازلة الأقباط بإطلاق الوعود الانتخابية، مؤكدين إقامة الدولة المدنية، وعكس المرشحين الإسلاميين، زار موسى وشفيق الكنائس والأديرة، والتقيا بقيادات كنسية كبيرة طلبا لدعمها فى الانتخابات الرئاسية. وشفيق هو المرشح الوحيد الذى أعلنت إحدى منظمات أقباط المهجر دعمها له فى الانتخابات الرئاسية، وهى منظمة التضامن القبطى التى يرأسها كل من مجدى خليل الناشط القبطى بأمريكا، والمهندس عادل جندى الناشط القبطى بفرنسا، وذلك بعد المفاضلة بينه وبين موسى. وقالت المنظمة، التى تتخذ من واشنطن مقرا لها، إن الفريق شفيق هو الشخص الوحيد المؤهل لتحمل المسئولية لقيادة مصر، ويحظى بتأييد شعبى كبير، وأضافت المنظمة فى بيان لها أن هناك مرشحين لديهم مبادئ وخبرة سياسية جيدة، لكنهم يبدون أفكارا قد لا تناسب العصر، والتصويت لهم سيؤدى لتفتيت الأصوات لمصلحة دعاة الدولة الدينية، مما تركهم أمام مرشحين اثنين هما شفيق وموسى، وأن شفيق هو صاحب الشعبية الأكبر بين الأقباط لذلك يدعون لتأييده ومساندته حرصا على عدم تفتيت أصوات تيار الدولة المدنية، ولأن شفيق هو المرشح الأنسب لمصر فى هذه المرحلة. وجاء هذا التأييد بعد 24 ساعة من الرسالة التى وجهها شفيق لأقباط المهجر وتعهد خلالها، بتفعيل القانون بنسبة 100% فيما يتعلق بالمواطنة وعلاقة المواطنين ببعضهم البعض، مشيرا إلى أنه لن يكون هناك أى إحساس بأى تمييز على الإطلاق بين المسيحى والمسلم، وأن إجراءات المصالحة التى كانت تتم بين المسيحى والمسلم لن تمر كما كانت، مع تفعيل القانون ليعود الحق لصاحبه، فالحل «الودى» لن تعترف به الدولة. وقال إن قوانين بناء دور العبادة والمدارس سوف يُراعى فيها تأمين علاقة طيبة كريمة بين المسيحى والمسلم بعيداً عن المهاترات، موضحاً أنه لن يسمح -بأى حال- بتخطى مسلم على مسيحى أو العكس، وأنه سيعين نائبة لرئيس الجمهورية تكون مسيحية. أما موسى، فيحظى بدعم العديد من الأقباط فى الداخل، خاصة بعد إعلان العديد من الأحزاب الليبرالية التى تدعو لمدنية الدولة، وعلى رأسها حزب الوفد الجديد تأييدها له. موسى الذى من المتوقع أن تعلن لجنة المائة القبطية يوم السبت المقبل برئاسة عدد من النشطاء الأقباط فى الداخل، مثل الدكتور نجيب جبرائيل وممدوح نخلة وفادى يوسف، دعمه فى انتخابات الرئاسة، جاء فى المرتبة الأولى فى الدراسة التى قام بها المركز المصرى للدراسات الإنمائية حول اتجاه الأوساط القبطية لرئيس الجمهورية، إذ أعلن موسى أنه سيجرم التمييز الدينى، وجاء الفريق شفيق فى المرتبة الثانية، ثم المرشح ذو الفكر الاشتراكى حمدين صباحى. ويحظى موسى بتأييد أغلب أساقفة الكنيسة الأرثوذكسية لعلاقته الطيبة بهم وعلاقته الحميمية مع البابا الراحل شنودة الثالث، وارتفعت أسهمه جدا بعد المناظرة التى جرت أمام الدكتور أبوالفتوح، فيما عدا الأنبا أرميا، السكرتير الثالث للبابا الراحل، ونائب المركز الثقافى القبطى، والمشرف على قناة المقر الباباوى «مارمرقس» والتى ظهرت جلية فى دعمها للفريق شفيق عبر الرسائل النصية التى تبثها الشاشة لمشاهديها، وهو الأمر الذى تعرضت من خلاله لهجوم من العديد من شباب الأقباط الثوريين. أما حمدين صباحى فلم يترك مناسبة أو جولة أو احتفالية للأقباط إلا وحضرها، كافة كنائس الجمهورية كانت فى مقدمة جولاته الانتخابية، وهو دائم الالتقاء بالأساقفة داخل الكنيسة الأرثوذكسية، وطلب أكثر من مرة صراحة دعم الأقباط له فى الانتخابات الرئاسية، كان آخر ها زيارة للكاتدرائية العباسية يوم الخميس الماضى. صباحى لا يحظى إلا بنسبة ضئيلة جدا من تأييد الأقباط، وهى تنحصر فى فئة الشباب، لكونه ثوريا ومناضلا سياسيا منذ صغره، ومناصرا للدولة المدنية، ومنحازا للفقراء، ومناصرا للعدالة الاجتماعية. وأكبر أزمة تواجه صباحى فى الحصول على أصوات الأقباط، تعريف نفسه بأنه قومى، يريد أن يعيد مشروع جمال عبدالناصر فى القرن الواحد والعشرين، فكثير من النشطاء السياسيين من الأقباط والتيارات والمنظمات القبطية أعلنت أنها لن تدعم رئيسا قوميا يطوف ويمجد القومية العربية فقط ويدخل البلاد فى حروب تستنزف خيرة شبابها وخيراتها.