الرجل "القشعم".. هذا ليس خطأ في الكتابة أو خطأ لغويًا؛ حيث أن كلمة "قشعم" هي كلمة عربية فصحى صحيحة، والقشعم في اللغة هو المسن من كل شيء، فبدل أن أقول هذا الرجل مسن، يمكنني أن أقول هذا الرجل قشعم. لعلك تتساءل الآن ما الفائدة من استبدال كلمة مسن التي يعرفها الجميع بكلمة قشعم الغريبة عن آذان الناس، الحقيقة أنني أتساءل نفس هذا التساؤل؛ فكلمة قشعم التي استخدمتها هي بالنسبة لي رمزًا للحالة التي نعيشها يوميًا من خلال قيام البعض باستخدام كلمات صعبة بالنسبة للكثيرين يريد بها إيصال رسالة معينة بالرغم من إمكانية استبدالها بكلمات بسيطة ومفهومة لدى غالبية المتلقين، فما الحاجة إلى إرهاق القارئ بمرادفات لن تفيده بأي شيء وهو يقرأ مقالة سياسية على سبيل المثال؟!. فكرة ترسخت ومازالت تترسخ في عقول الأجيال أن الكلمات المٌعقدة أو التي لا يفهمها الكثيرون تٌعطيك صورة جيدة وسط الناس، وذلك إما باستخدام كلمات عربية غير دارجة أو باستخدام كلمات ليست عربية من الأساس!. وهنا تنتقل هذه الحالة من قشعم التي هي كلمة عربية إلى كلمات ليست عربية من الأساس، وتكون بذلك استكمالا لتلك الصورة البراقة المزيفة لمن يقول كلمات لا يفهمها بقية الناس، فتجد البعض يتعمد إدخال كلمات إنجليزية وهو يخاطب عدد كبير من المتلقين ربما يجد بعضهم أنه لا يفهم شيئًا مما يٌقال أمامه، ولكنها "عقدة الخواجة" كما يقولون، هذا الخواجة الذي هو في أحيان كثيرة لا يتعلم إلا لغته بل وفي بعض البلدان يٌصر أهلها على التحدث بلغتهم الأصلية حتى في المحافل الدولية. والمنطق يقول أن أبسط قواعد التواصل الفعال هي اختيار الرسالة المناسبة للمتلقي المناسب باستخدام قناة التواصل المناسبة لإيصال هذه الرسالة، وتنطبق هذه القاعدة على كل عمليات التواصل التي نحتاجها مرات عديدة يوميًا، والتي تكون بهدف إيصال رسالة محددة للمتلقي المستهدف، فكيف تصل الرسالة في ظل اختيار كلمات صعبة غير مناسبة للمتلقي؟!. في الوقت الحالي تركز أغلب المؤسسات والشركات على مهارات التواصل التي يجب أن يتقنها المتقدمون لشغل أي وظيفة خصوصًا إن كان بها احتكاك مباشر مع العملاء؛ لذلك فالبوابة الرئيسية لأي نجاح تحديدًا في عصرنا الحالي هي إتقان مهارات التواصل والتي منها بكل تأكيد اختيار الرسالة المناسبة بالكلمات المناسبة. تذكر دائمًا أننا لسنا بحاجة إلى استخدام كلمة قشعم، ويمكننا ببساطة استخدام كلمة مسن.