من المعروف أن "الغيرة امرأة"- كما يرى البعض- لكن عندي أنا الموضوع مختلف، زوجي هو الغيور جدًا.. وهو لا يظهر غيرته في وقتها حفاظًا علي كرامته، ولكن لغيرته توابع مثل الزلازل، عكس كل الرجال، فبعض الرجال يعبّرون عن الغيرة إما بالخصام أو بالخناق، أما زوجي فرد فعله غريب. كنا بالأمس في سهرة مع أصدقائنا، تناولنا عشاءنا، ضحكنا وتذكّرنا مواقف جميلة، اقترب مني زوج إحدى صديقاتي يهمس في أذني لأشاركه في اختيار هدية لزوجته للاحتفال بعيد ميلادها بعد غد، فوافقت له سريعًا كي لا تلاحظ صديقتي ما يخطط لها زوجها ليفاجئها. فجأة.. وجدت زوجي انتفض واقفًا مثل "الديك الرومي" نافشًا ريشه، واحمرّ وجهه، ورفع حواجبه، قائلاً: "الوقت تأخر، لا بد أن نمشي"، فعلمت من مظهره أن الغيرة قد أصابته عندما اقترب مني زوج صديقتي، لم أتفوّه بكلمة لأني أعرفه جيدًا عندما يغضب، سلّمت علي أصدقائنا وسرت معه. طوال الطريق، لم ينطق زوجي بكلمة، سألته "مالك؟"، قال: "عندي صداع"، فعلمت من الرد أن باقي الفيلم الدرامي سيكتمل في البيت، وبمجرد وصولنا دخل غرفة نومنا ليغيّر ملابسه وهو يفكر ماذا يفعل لينكد عليّ، وإذا به يسألني: "ماذا قال لك صديقنا؟"، سيظهر غيرته عليّ، وهذا لا يرضي كبرياءه، وبعد جهد من التفكير قال لنفسه على رأي أرشيميدس "وجدتها ..وجدتها"، وفتح دولابه وسأل عن "القميص الموف"، فقلت له "في الدولاب"، قال "مش موجود"، فبحثت في كل مكان في الغرفة وأيضاً في غرف الأولاد، وسألت الشغالة قالت: "إنها علّقته في الدولاب أمس"، القميص أصبح "فص ملح وداب" وطبعًا البيت كله كان كعب داير يبحث عن "القميص المفقود"، فكرت أبلّغ البوليس للبحث معنا عن القميص، وسط صولات وجولات من الزعيق واتهامنا بالأهمال.. وإلى آخره، طبعًا فرصة يعبّر فيها عن غضبه، ونظرت إليه فوجدته يضحك ضحكة خبيثة لتوترنا كلنا، ويقول لسان حاله: "نكدت عليها، انتقمت منها"، وتتصوروا بعد هذه المحاولات المستميتة للبحث عن القميص الفقود .. أين وجدته! عندما نظفت الشغالة غرفتنا في اليوم التالي وأخرجت الفرش للتهوية في الشمس، وجدت زوجي قد خبأ القميص أسفل المرتبة وطبعًا لو واجهته بما فعل سوف ينكر ويلقي التهم على إهمالنا، فآثرت الصمت بالضحك على رد فعله. شوفتوا الغيرة بتعمل إيه؟