أيام «مرسى» كان الإخوان يروجون أن فلول نظام «مبارك» هى التى تقوم بقطع التيار حتى يكره المواطن رئيسهم، ولعلك تذكر أن «المعزول» خرج علينا ذات يوم ونسب مسألة انقطاع التيار الكهربائى إلى ذلك «الولد» الذى يقبض عشرين جنيهاً من أحد رجال الفلول ليقوم بشد السكينة ويقطع «النور». وفى سياق تفسير الخروج من الحكم أشار الكثير من أقطاب الإخوان إلى أن فلول «المخلوع» تربصت ب«المعزول» وأخذت تستغل تمكنها من مفاصل الدولة فى إشعال المشكلات المعيشية كقطع المياه والكهرباء وأزمات السولار والبنزين وأنابيب البوتاجاز، حتى ضج المواطنون من «عيشتهم» فانسالوا إلى الشوارع بالملايين وطالبوا بسقوط «المعزول» وجماعته! الآن عادت كل المشكلات التى عانيناها أواخر أيام «مرسى» إلى الظهور مرة أخرى، وعلى رأسها انقطاع الكهرباء، وتشير العديد من التقارير إلى أن المواطنين داخل بعض المحافظات يعانون من قطع التيار لعدة ساعات على مدار اليوم الواحد. ويعنى ذلك أن حديث الإخوان عن كيد الفلول لهم بخلق المشكلات من أجل دفع الشعب للمناداة بإسقاط حكمهم ليس صحيحاً. المضحك فى الأمر أن بعض المراقبين والمحللين والمسئولين يوجهون أصابع الاتهام إلى الإخوان ويزعمون أن الجماعة هى المسئولة عن انقطاع الكهرباء وأزمة السولار التى تجتاح عدداً من المحافظات حالياً من أجل تبغيض الناس فى سلطة ما بعد 30 يونيو، ومن العجيب أن تسمع من هؤلاء نفس الكلام الذى كانت تردده الجماعة حول مفاصل الدولة العميقة، حين يقولون إن عناصر الإخوان المنتشرة داخل مؤسسات الدولة المختلفة هى التى تقوم بخلق هذه المشكلات، وإن الجماعة هى السبب فى انقطاع التيار الكهربائى على وجه الخصوص. وبعيداً عن هذه الملاسنات السياسية يبقى أن السبب الواضح لهذه المشكلات جميعها يرتبط بنقص الوقود، ونقص الوقود يرتبط بالأزمة الاقتصادية التى تعيشها البلاد. تلك المشكلة التى وعدنا الإخوان بحلها من خلال المليارات التى سوف تنهال علينا من قطر (تحدثت الجماعة عن 200 مليار دولار)، وبشّرتنا سلطة ما بعد 30 يونيو بحلها عبر المليارات التى سوف نحصل عليها من كل من المملكة العربية السعودية والإمارات والكويت. وفى الحالتين كانت مصر تحصل على ما يمكن وصفه ب«التشافيط»، مليار دولار من هنا ومليارين من هناك، كانت ترمم الأوضاع عدة أسابيع لتطل المشكلات بعد ذلك بما عهدناه فيها من قسوة فتسمم حياة الناس ومعيشتهم. والمثل المصرى يقول «التشافيط ماتملاش قرب». ونحن نحتاج إلى ملء «القربة» عن آخرها حتى نستطيع مواجهة تركة المشكلات التى بدأت فى الظهور منذ أواخر عهد «المخلوع»، لكن الناس تنسى، ثم «المعزول»، ثم «السلطة المؤقتة». نحن أمام سلطة لا تريد أن تعمل طبقاً لمبدأ الاعتماد على الذات، بل تحاول الاتكال على غيرها. الكل يطالب هذا الشعب بالعمل، والناس لا تستجيب، فكيف يعمل الناس والسلطة قاعدة؟! الكل يرفع شعار «سلو بلدنا كده»!