بما أننا أمام مشهد عبثى فلا تتعجب لو شاهدت مجلسا أعلى لم يقدم للتعليم العالى سوى عدد من الخريجين سنويا مشكوك فى قدراتهم العلمية والدليل عدم اعتراف بعض دول الجوار بتلك المؤهلات واشتراط دراسات تكميلية للعمل فى تلك الدول، فما بالنا بحالة الاعتراف فى الجزء الغربى من الكرة الأرضية؟! ويقدم طلابا مشكوكا فى مصريتهم بدليل كم العنف الممنهج والقتل والترويع للأساتذة والطلاب والذى وصل إلى حد تهديد أحد أعضاء هيئة التدريس بخلع بنطاله وتصويره عاريا، طبعا بعد نجاحهم فى فعل ذلك فى جامعة الأزهر لأستاذة فاضلة.. اجتمع المجلس الأعلى للتعليم العالى مشهرا سلاحه الفتاك، لا لحل مشاكله المزمنة ولا لمحاربة حالات الفساد المالى والإدارى والأخلاقى ولا لعلاج الفشل فى الملف الأمنى، بل اجتمع هؤلاء لإعلان رفضهم ترشيح المهندس إبراهيم محلب للدكتور أشرف منصور رئيس مجلس أمناء الجامعة الألمانية ليتولى حقيبة التعليم العالى والبحث العلمى. ولأن المريب يكاد أن يقول خذونى؛ استند بيان الرفض الذى أسفر عنه اجتماع السادة الموقرين إلى حجة واهية فضفاضة تنقصها الحكمة والدليل وتقترب إلى الرعونة والتهور حيث قالوا فى بيانهم إن المجتمع الجامعى أصابه الإحباط والاستياء حيث إن المرشح ليس على علم ودراية بمشاكل الجامعات الحكومية، وإن الحاجة ملحة إلى مرشح من القيادات الجامعية التى لها خبرات كبيرة ومعايشة لمشاكل الجامعات المصرية والعمل الأكاديمى.. وللأسف تلك بضاعتهم الفاسدة روجها من عجزوا وفشلوا عن إظهار كرامات إيجابية فى المجتمع العلمى والأكاديمى الذى يتحدثون عنه وتناسوا، فى غمرة حماستهم، إيجاد سبب مقنع وعلمى يبرر رغبتهم وخوفهم من قيادة شابة نابهة صاحبة تجربة إدارية وعلمية وبحثية يشار لها بالبنان، وبدلا من التحجج مثلا بأن الرجل صاحب جامعة خاصة وقد يكون هناك تضارب مصالح، رغم أن القانون ينظم تلك الحالات، لجأ هؤلاء إلى الحل الأسهل وهو الطعن فى كفاءة وعلم وخبرات وقدرات الرجل وهو للأسف سلاح العجز والخوف. الرجل الذى طعنوا على خبراته هو أحد أبناء جامعة القاهرة النابهين الحاصل على درجتين للدكتوراه واحدة من جامعة القاهرة والأخرى من جامعة أولم فى ألمانيا، الرجل الذى استعانت بخبراته وعلمه المؤسسة العسكرية وهو فى فترة التجنيد عقب حصوله على بكالوريوس العلوم ليكمل تطوير أحد الأبحاث السرية المهمة فى مجال الكيمياء، الرجل الذى أبهر المجتمع العلمى الألمانى بأبحاثه المتطورة لدرجة منحه درجة سيناتور ليكون أول عربى فى مجلس الشيوخ الألمانى، الرجل الذى رفض قبول أوراق ابن الرئيس المخلوع محمد مرسى فى الجامعة الألمانية لعدم انطباق الشروط عليه و«مرسى» على كرسى الحكم، الرجل الذى حصل على أكبر دعم مادى وعلمى من ألمانيا لصالح جامعة تخرج طلابا مصريين يستحقون لقب علماء وحصل أكثرهم على براءات اختراع معتمدة. الرجل الذى حقق نموذجا إداريا وعلميا وبحثيا وأمنيا ناجحا بكل المقاييس كان يجب أن يرفضه مجلس العواجيز الذى يفتخر بخبراته رغم أننا لم نجنِ منها سوى التراجع والتدهور والخراب. خاف مجلس العواجيز من الشعر الأسود، خافوا على مكاسبهم الضيقة وأدائهم الهين الواهن المهين، خافوا وانتفضوا هم وبعض مجالس الأقسام وبعض اتحادات الطلاب المشبوهة ليقتلوا الأمل فى النهوض من جديد. لا أعلم مبررات د.أشرف منصور فى قبول المنصب ولا أعلم حجم الدعم الذى وعده به المهندس محلب ليقبل هذه المهمة الشاقة، ولا أعلم موقفه بعد حملة الهجوم الشرس من مجلس العواجيز وأتباعه. لكن ما أعلمه تمام العلم أن الرجل لو قدر له وتولى الحقيبة الوزارية ستكون محشوة بقنابل بيولوجية وعنقودية وإخوانية وضعت بفعل فاعل وهو معروف لدى الجميع.