صباح الخميس الماضى كان الدكتور أحمد محمود المدير الفنى لصحيفة «الوطن»، والأستاذ بكلية الإعلام، يحدثنى عن الحلول البسيطة وغير التقليدية لمدير مرور الجيزة، فلقى كلامه هوى فى نفسى، لأننى رأيت ما رآه، وأدهشنى ما أدهشه.. فانتويت الكتابة عن هذا الرجل، كونه فكر فى إيجاد حلول لمشكلات مزمنة.. نزل إلى الشوارع والمحاور، وقدم حلولاً غير معتادة.. وما هى إلا ساعة ووجدت المواقع الإخبارية تنشر خبراً من سطر واحد «وزير الداخلية يقيل مدير مرور الجيزة بعد زيارة مفاجئة لميدان الجيزة».. بدا الأمر أقل من العادى: وزير يعاقب مسئولا عن «تقصير». لم يتوقف أحد عند الخبر، ومن توقف ربما امتدح الوزير «الشاطر» لأنه ينزل ويتابع بنفسه. هذا يعنى أن اليوم سيأتى على شوارع 26 يوليو والجلاء وطلعت حرب وغيرها من الشوارع، التى من يدخلها مفقود ومن يخرج منها مولود بسبب احتلال الباعة لأكثر من ثلاثة أرباع الشارع. لا أعرف اللواء سعيد طعيمة مدير مرور الجيزة «المقال» ولا يعرفه أيضا الدكتور أحمد.. كنت أتمنى أن أكتب عنه وهو فى موقعه، لأننى لمست وشاهدت، مع الناس، إنجازاته فى محافظة ماتت بالسكتة المرورية. وقبل أن يتولى طعيمة منصبه كنت على يقين أن معظم مناطق الجيزة تحتاج إلى معجزات لكى تحل مشكلاتها المرورية، لكن فجأة تحققت بعض المعجزات على الأرض. وسأضرب بعض الأمثلة حتى نفهم ماذا فعل هذا الرجل: 1- كان شارع التحرير بالدقى يغلق بشكل شبه كامل، من الساعة الثانية ظهراً وحتى التاسعة أو العاشرة مساء، وفى الاتجاهين، وفجأة أصبح المرور منساباً فى هذا الشارع بصورة مدهشة. كانت الحلول بسيطة وسهلة ولكنها تنم عن ذكاء ودراية عالية بمشكلات المرور. طعيمة قام بتوسعة ميدان الجلاء أمام شيراتون القاهرة، وجعل شارع التحرير اتجاهاً واحداً عند نهايته من ناحية «مقار»، فضلاً عن إنشاء موقف خاص لسيارات الميكروباص التى كانت تقف بصورة عشوائية تغلق الشارع تماماً أمام المتجه إلى شارعى السودان أو فيصل، أو محور صفط. 2- ظل شارع محيى الدين أبوالعز أحد الشوارع المختنقة مرورياً إلى أن تم عمل تعديل فى منطقة الدوران إلى الخلف، بطريقة بسيطة حلت مشكلة الشارع، وجعلته لا يعيق الحركة فى شارع التحرير، فضلاً عن انسيابية الحركة المرورية بالشارع. 3- كان محور 26 يوليو أحد الطرق العقابية فى مصر، إلا أن طعيمة حل مشكلته بطريقة تدعو للاحترام، حيث ألغى نزول السيارات القادمة من الدائرى والمتجهة إلى ميدان لبنان وحول «المنزل» إلى موقف لسيارات الميكروباص، لكى لا تتوقف فى نهر الطريق وتعطل السيارات القادمة من مدينة 6 أكتوبر وطريق مصر الإسكندرية الصحراوى. هكذا أصبح المحور مقبولاً. 4- نعرف أن ميدان النهضة أمام جامعة القاهرة واحد من أسوأ الميادين، من حيث تكدس السيارات فى جميع الاتجاهات، إلا أن اللواء طعيمة عدّل قليلاً فى الاتجاهات وأماكن الدوران للخلف، فأصبحت الحركة المرورية فى الميدان طبيعية، رغم ازدياد الكثافة المرورية بالميدان بعد غلق الطرق القريبة من مديرية أمن الجيزة. لا أريد أن أذكر المزيد عن رجل عمل وفكر وأنجز، ولم يكتف بالجلوس فى مكتبه قائلاً «آدى الله وآدى حكمته» و«العمل عمل ربنا».. الرجل قدم حلولاً مبتكرة لمشاكل مزمنة، ولا يمكن أن يتحمل حالة الإهمال التى يعيشها بعض رجال المرور وحده، لأنها حالة عامة والوزير نفسه أحد المسئولين عنها.. خطأ طعيمة، إن كان هناك خطأ، فلأنه يعمل ولأنه يجتهد ولأنه يقدم حلولاً. خطأ طعيمة يكمن فى منظومة العمل فى جميع إدارات المرور التى تحولت إلى عقاب أبدى للمواطنين.. فهل لا يعلم السيد الوزير أن بعض رجال المرور يقومون «بكلبشة» السيارات لحسابهم الشخص. كان أمراً غريباً أن يقال طعيمة من منصبه، فينتشر رجال مرور الجيزة فوراً فى كل الشوارع ويقومون بعمل أكمنة فى «عز الضهر»، وكأنهم كانوا ينتظرون أن «يبتعد» هذا الرجل.. أليس ذلك غريباً ويثير الشكوك حول رجل توقعت أن يتولى مهام أكبر لحل المشكلات المرورية المزمنة فى كثير من مدن الجمهورية والقاهرة فى المقدمة، أو أن يكون له دور مهم فى حل مشاكل الطرق والمواصلات فى مصر؟ لكن محمد إبراهيم أقاله لأنه وجد ميدان الجيزة غير منضبط.. طيب وميدان العتبة والظاهر ورمسيس وروكسى، وشارع الجلاء و26 يوليو وطلعت حرب، و..