وزير الزراعة: الدواجن تباع اليوم بأقل من سعر التكلفة والبيض شهد انخفاضا دراميا    سعر الدينار الكويتي اليوم الثلاثاء 19 أغسطس 2025 أمام الجنيه    التنمية المحلية: الانتهاء من التأثيث النمطي ل332 مجمع خدمات حكومية في 20 محافظة    منتدى الاستثمار المصري الياباني.. توقيع 12 اتفاقية وخطاب نوايا مع اليابان في قطاعات استراتيجية عديدة    رئيس وزراء بريطانيا: اجتماع قادة أوربيين مع ترامب وزيلينسكي خطوة تاريخية لأوكرانيا    رئيس وزراء الهند يلتقي وزير خارجية الصين في إطار سعي البلدين إلى إعادة بناء العلاقات    استشهاد 18 فلسطينيا جراء قصف الاحتلال لمواقع وأحياء فى قطاع غزة    الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية: تكثيف الهجوم على غزة سيؤدى لأثر إنسانى مروع    رسميا.. الصفاقسي يعلن إصابة معلول    انطلاق الجولة الثالثة للدوري المصري.. مواعيد مباريات اليوم الثلاثاء    على ملعب التتش.. الأهلي يواصل تدريباته استعدادا لمواجهة المحلة    هام من الأرصاد بشأن طقس اليوم| عودة الحرارة والرطوبة علي السواحل الشمالية    طلاب الدور الثاني بالثانوية العامة يؤدون اليوم امتحاني التاريخ والفيزياء    6 مواد خلال سنتين بالبكالوريا و11 مادة بالثانوية العامة.. أبرز فروق النظامين    السبت.. عزاء الدكتور يحيى عزمي عقب صلاة المغرب في مسجد الشرطة ب6 أكتوبر    الدكتور جمال شقرة: «من النيل إلى الفرات» شعار دعائي للحركة الصهيونية    مركز الأبحاث الإكلينيكية بمعهد الأورام يحصل على التسجيل والاعتماد بالأعلى لمراجعة أخلاقيات البحوث الطبية    حملة 100 يوم صحة تقدم 52.9 مليون خدمة طبية مجانية خلال 34 يوما    وزارة الأوقاف تعلن عن وظيفة وكيل دائم (الشروط وطريقة التقديم)    حركة القطارات | 90 دقيقة متوسط تأخيرات «بنها وبورسعيد».. اليوم الثلاثاء    يعرض قريبا، تعرف على قصة وأبطال مسلسل أزمة ثقة    نجلة طلعت زكريا تكشف سر عن أحمد فهمي تجاه والدها الراحل    هل محادثات ماكرون مع ترامب تتطرقت إلى تنازل أوكرانيا عن أراض؟    بحثاً عن جثمان صغير.. رفع عبّارة نيلية بطهطا ابتلعه النيل أثناء التنزه بسوهاج "صور"    إيمانويل ماكرون: نأمل في إنهاء الحرب الروسية الأوكرانية قريباً    دراسة تحذّر من الاعتماد على تقنيات الذكاء الاصطناعي في الفحوص الطبية    وداعا لتقديرات الأطباء، الذكاء الاصطناعي يحدد موعد ولادة الجنين بدقة 95 %    ضبط سائق دهس شابًا وفر هاربًا بالفيوم    وزير الزراعة: نستهدف 12 مليار دولار صادرات زراعية هذا العام.. وإضافة 3 ملايين فدان خلال 3 سنوات    الماريجوانا على رأس المضبوطات.. جمارك مطار القاهرة تحبط محاولات تهريب بضائع وأسلحة بيضاء ومخدرات    «الصفحة اتقفلت».. آمال ماهر تحسم موقفها من عودة «الإكس» (فيديو)    مخاطر الخلط بين أبحاث علوم الفضاء وفقه أحكام الفضاء    رئيس «مدينة مصر»: نسبة إلغاء التعاقدات فى معدلاتها الطبيعية ولا تتجاوز 6%    زيلينسكي يعلن استعداده للقاء الرئيس الروسي.. ماذ سيبحث معه؟    إصابة عامل إثر حريق داخل مطعم فى منطقة التجمع    رسميًا.. 24 توجيهًا عاجلًا من التعليم لضبط المدارس قبل انطلاق العام الدراسي الجديد 20252026    فرصة لطلاب المرحلة الثالثة.. تعرف الجامعات والمعاهد في معرض أخبار اليوم التعليمي    "الجبهة الوطنية بالفيوم" ينظم حوارًا مجتمعيًا حول تعديلات قانون ذوي الإعاقة    الاتحاد الأوروبي يخفض وارداته من النفط إلى أدنى مستوى تاريخي    وقت مناسب لترتيب الأولويات.. حظ برج الدلو اليوم 19 أغسطس    «زي النهارده».. وفاة الكاتب محفوظ عبد الرحمن 19 أغسطس 2017    الزمالك يطمئن جماهيره على الحالة الصحية ل«فيريرا»    "أقنعني وتنمر".. 5 صور لمواقف رومانسية بين محمد النني وزوجته الثانية    د. إيهاب خليفة يكتب: الثورة المعرفية الجديدة .. الاستعداد لمرحلة الذكاء الاصطناعي «العام»    تحت عنوان «حسن الخُلق».. أوقاف قنا تُعقد 131 قافلة دعوية لنشر الفكر المستنير    محافظ سوهاج يُقرر خفض تنسيق القبول بالثانوي العام إلى 233 درجة    حقيقة إصابة أشرف داري في مران الأهلي وموقف ياسين مرعي من مباراة غزل المحلة    مفاجأة حول عرض لانس الفرنسي لضم ديانج من الأهلي    أوكرانيا تعرض صفقة أسلحة بقيمة 100 مليار دولار على الرئيس الأمريكي للفوز بضمان أمني    شام الذهبي في جلسة تصوير رومانسية مع زوجها: مفيش كلام يتقال    محافظ الدقهلية يفتتح حمام سباحة التعليم بالجلاء بتكلفة 4.5 مليون جنيه.. صور    ضياء السيد: الأهلي سيواجه أزمة أمام بيراميدز.. والتسجيل سيدين محمد معروف    «لو العصير وقع علي فستان فرحك».. حيل ذكية لإنقاذ الموقف بسرعة دون الشعور بحرج    ما علاج الفتور في العبادة؟.. أمين الفتوى يجيب    أمين الفتوى: تركة المتوفاة تُوزع شرعًا حتى لو رفضت ذلك في حياتها    هل يجوز قضاء الصيام عن الميت؟.. أمين الفتوى يجيب    البحوث الفلكية : غرة شهر ربيع الأول 1447ه فلكياً الأحد 24 أغسطس    هل المولد النبوي الشريف عطلة رسمية في السعودية؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اعتذرى لى.. يا دبى
نشر في الوطن يوم 28 - 02 - 2014


المكان.. مطار دبى
التاريخ 28/2/2014م
الساعة 9 صباحاً
وفى رأسى حلم يحيطنى وكأنى أراه أو يسير بجانبى.. حلم.. له رائحة حقيقية.. بأن كل أيام الحظر التى عشتها فى القاهرة.. والعيد المعبق بالدماء.. و«بيريهات الشرطة» التى سالت فيها دماء أبرياء لا ذنب لهم سوى أنهم حاولوا حماية أرض كانت جنتهم.. وأصبحت مقابر مشرفة.. وأن كل هذا سأنساه فى دبى.. وسأرتدى أياماً تمطر الدمع المسكوب فى القاهرة وعلى القاهرة وجدت فى المطار صفّين.. أحدهما لدول مجلس التعاون والآخر للبشر على جنسياتهم..
فى بداية الأمر.. احترت حملت ابنتى «تى تى» وعمرها أقل من سنتين وقلت للضابط: عفواً أنا سعودية وابنتى مصرية الجنسية، قال بمنتهى سخافة الكون وكأنه يتنازل عن موقعه الراقى وبلمحة غرور مخشونة قال: ممكن فجأة وبدون مقدمات وأنا أستعجل الوقت من تعب الرحلة قال الضابط: أنت ممكن تدخلين دبى أما ابنتك لا.. ممنوع، ولا المربيات المصرية والجزائرية ممنوعات.. الأهل السعوديون فقط، أنتم داخلين بطريقة غير شرعية لا يوجد فيزا على الباسبور، ناولت الصغيرة للمربية الجزائرية وعدت إليه لأستوضح الأمر.. قال: «ليس أحد فوق القانون»..
قسماً بالله لو أن إسرائيليا سقط من طائرة بالخطأ فوق جامعة الدول العربية كان أرحم مما رأيت وعانيته فى تلك الساعات المغموسة باللعنة..
استفسارات.. ومن مكتب إلى مكتب ودموع ابنتى من الجوع وإرهاق السفر كان يكفى أن أفرغ رصاصات فى رأس كل من «اعترض» حاولت العودة لجدة.. كى أعتذر لها فى أنى تركتها لهذا الجحيم، قالوا الطائرة ليلاً وأنت تستطيعين أن تستمتعى بدبى.. والصغيرة والمربيات فى أوتيل المطار.. تقريباً محتجزون.
وتستطيعين أن ترفعى قضية ضد خطوط الطيران الإماراتية لأنهم وافقوا أن تركبى الطائرة..
وآخر المطاف أعطونا تأشيرة 4 أيام.. ولن أنسى هذا الاسم ما حييت.. عامر الحبسى.. الذى شعر بأنى سأرتكب جريمة حين قالوا لنا تُترك الصغيرة فى أوتيل المطار وبالفعل كنت على وشك أن أكسر كل الدنيا.. لتهنأ ابنتى فى أوتيل.. وللأسف حتى الأوتيل احتجز 80 ألف درهم.. وحين أردت العودة قال: «لا.. سنأخذ المبلغ كاملا وهذه قوانين دبى»..
قلت: سنجلس يوما واحدا.. قالوا: «قوانين دبى» وأوتيل فيرمونت غير مسئول على الرغم من أنى قلت وأنا أعطى فتاة الريسبشن الكارت: سنجلس يوما واحدا، قالت: «مفيش مشكلة».. لن نأخذ المبلغ وللأسف لم نجد طائرة إلا بعد 5 أيام إلى أجمل بلاد الدنيا بلدى.. يا جدة الدنيا والكون والرحمة..
الصغير فى جدة مقدس وكأنه رسول..
والصغير فى دبى إرهابى وملائكته.. مجرمة
وبلزوجة الكون أول وجه يطالعنى سُورى «مع احترامى لجميع السوريين» ومقيم فى القاهرة..
اقترب منى.. وقال: «عفواً حضرتك».
زوجتو الأستاذ خالد يوسف ماهيك دخلك شو بيعجبو فى هيدا الحمدين صباحى؟
لشو منعوكى.. عشان أستاذ خالد ماهيك.. لكن أستاذ خالد عن قريب كان مع هيدا الحمدين عم يشكروها لدبى..
ووابل من الأسئلة كان ينقصه أن يسألنى «شو فى الشنطة؟» ردد مرة أخرى: عن جد منعوكى لأنك مرتو لأستاذ خالد.
قلت له وأنا أنفجر وأضع الشنط فى التاكسى «الذى أرسلوه الأوتيل» وقد بلغونا أنها عربية مرسيدس أيوه.. منعونا لأننا إرهابيون ألا ترى فى عينى شياطين الكون ألا ترى ابنتى شاليمار «تى تى» تحمل سلاح كلاشينكوف؟
أنت أعمى.. وبدأ الأستاذ السورى يضحك ضحكات سليمان القانونى فى حريم السلطان قال: دخلك حمدين بدو ييجى رئيس جمهورية.. كنت وقتها أرمى بالشنطة الأخيرة فى السيارة.
قلت بصدق: الله لا يولّيه على مصر أبداً..
وإذا جاء.. فى يوم.. سأعيش فى دبى لأعاقب نفسى العمر كله أنى تزوجت إنساناً شارك فى جريمة أن يأتى هذا الرجل للسلّطة..
وأنا أغلق الباب أيوه بس جوزك كان معه قريب.
قلت له: جوزى اللى كان معاه فى دبى.. مش أناااااااا
وصرخت وأغلقت الباب.
وشقت بنا السيارة الطريق.. وبدأت الرحلة..
دبى يا سادة ناطحاتها مدببة كرصاصات مصوبة لنجوم الليل..
أو سهام مرفوعة للسماء ستسقط على رؤوس من فى الأرض..
ليس فى دبى بشر عتّق.. ولا حضارات ولّتْ.. ولم تبن بالحب.. بُنيت بالسرعة والتحدى من عقل أو عقلين، دبى.. سارعت الوقت.. ولم تسارع الفن والجمال.. جمال دبى قبيح.. كامرأة فقيرة تزوجت ثرياً فارتدت الماركات.. ووضعت البوتكس وتعطرت بعطر فرنسى وتبخرت بالعود وأكلت الكارى الهندى وارتدت الكيمونو اليابانى ووضعت على رأسها العقال العربى، وركبت السيارة البورش وسارت فى طريق الدول لا هوية ولا هواء ولا هواية.. دبى بنيت بأشكال وجدت فى بلاد أخرى من قبل دبى كلها.. ديجافو «شوهد من قبل».
حتى العمارة المختلفة سألت عنها قالوا مهندستها إيرانية أعطوها الجنسية الإماراتية «حتى هندسة إيران اتعوجت فى دبى».
ليس فى دبى تمثال لهنرى مور أو صلاح عبدالكريم..
ليس هناك أمسيات شعر لفاروق جويدة ومظفر النواب.
كلها مؤتمرات وحفلات وصور دلالة على الشخصيات العامة حتى بناء أتلانتس العظيم الأوتيل الشهير لم يستلهم المعمارى الاسم القوى للمدينة الغارقة أتلانتس ويقدم خياله.. بل وضعه «الأوتيل» كما هو فى أمريكا.. كيف أتلانتس وعلى شكل مسجد لا عثمانى.. ولا إسلامى عام.. لم تلمح عينى تمثالا للخالدين فى تاريخ البشرية كغاندى أو دافنشى أو مانديلا.. أو كونفوشيوس أو مانشيوس، لا دلالة على أن الأرض كان بها أقدام لأناس نتنفس سيرهم.. وتاريخهم أو أحلام تهاوت.. أو دفقات عشق مرشوشة على هواء دبى.. حتى هواء دبى مصنوع.. وكأنه عبئ فى مصانع حديثة وأطلق فى المدى.. البشر يخافون من البشر هناك وكله بفواتير.. والكبارى ترصد سيارتك لتدفع لا أحد يعترض لأنهم أجانب، لا أحد ينتقد لأنهم أجانب، حتى ألعابهم النارية فى رأس السنة انفجرت وكأنها اشتعلت من صدرى، عزمنا أحد الأصدقاء على مطعم إيطالى يطل على النافورة وكان صديقى الجميل الراقى معتز الدمرداش معنا ورقصت النافورة على موسيقى أم كلثوم.. فجأة.. سكن القمر صدرى.. بدأت أنير من جديد.. بدأت أشعر أن لمعة عينى عادت تسكن عينى وأن قلبى بدأ يرتجف.. ويحن.. ويشعر.. بدأ قلبى يكلمنى.. وبدأت أتحاور.. شىء من مصر.. قطعة موسيقى أحيتنى من جديد.. وبهدوء.. سألت معتز لماذا تحب دبى يا معتز؟ قال: دبى جميلة يا شالى.. ولولا صداقة السنين الحقيقية بيننا لكنت اعتذرت عن العشاء.. وانتهت الموسيقى وعدت إلى حالتى التى لا أعرفها.. فى السيارة قلت لصديق عزيز د. عمار بكار هذا البلد إحساسه «ألومنيومى» إن صح التعبير.. قال نعم فيها أكبر مصانع ألومنيوم فى العالم.. إحساسك غريب قلت نعم الرسامون يا دكتور لهم إحساس يتجسد.. وليسوا أساتذة الإعلام.. وفجأة سألته: من أشهر الإعلاميين هنا.. يا دكتور عمار، قال: شوفى طوال هذا الطريق هو البحر.. قلت أى بحر.. قال بحر.. دبى.. أتعرفون.. إنها مدينة ترى من فوق.. من طائرة.. من كوكب فضائى.. قلت له هذه المدينة ليس لها شاطئ.. لم أره.. لا يوجد كورنيش يعلمون الناس الحب ويتعلمونه.. لا يوجد كراكيب بشر.. مرمية على الطريق تكمل المشهد الإنسانى للأماكن.. كبائعى الأيس كريم.. وبالونات الأطفال.. وتيشيرتات مكتوب عليها دبى، اقترضى يا دبى من مصر تمثالا فرعونيا قديما وضعيه فى مركز المدينة اعملى سوق بغداد القديم.. أو أسواق الحجاز العتيقة.. ضعى تاريخك.. أيضاً.. ليس محبتك لصانعك الشيخ زايد «مليون رحمة عليه» فقط بالصور وأسماء الشوارع ضعى كلماته المهمة فى أماكن عامة نقرأها.. لا يمكن يا دبى يقول لى أحد الأصدقاء بأن فى دبى فقراء جداً يتقاضون 600 درهم وهم عمال الشوارع والأبنية.. وهى بلد غاية فى الغلاء لم يعط المكان الوقت بأن يعجزوا الناس ويحكوا حكايا الجدات والأجداد لأن الدنيا فى دبى تبرق من النظافة.. ولا تبرق أو تلمع بالفرح.. حاولى يا دبى أن تضيفى جزءا من تشكيل وجدان عربى راق وخاصة عندك أدوات.. الحرية.. والقانون.. بالتأكيد ليس قانون «السجون».. أقسم بالله أننى لم أنو أن أكتب خطا واحداً إلا حين كلمنى د.عمار بكار وقال لى أرسلى لى صورة من مغادرة ابنتك مطار دبى هى والمربيات لأنهم احتجزوا من بطاقته الشخصية 20 ألف درهم لن يعطوها إياه إلا بعد التأكد من أن بنتى «أقل من سنتين» قد غادرت.. قلت له.. التأشيرة 4 أيام.. وأنا دفعت اليوم الزائد الغرامة المطلوبة فلماذا احتجزوا 20 ألف درهم؟ قال: القانون.. قلت عاشت مصر.. وجدة.. ولبنان.. وفرنسا.. وتلك البلدان التى أعشقها.. فكسر قوانينهم حب.. ورحمة.. وسياحة.. وسعادة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.