صديقى العزيز 3 سنوات مرت كنا فيها جنباً إلى جنب مع الثورة وفي كفاح لتحقيق أهدافها، جمعتنا مئات المسيرات وقضينا عشرات الليالي ساهرين في الميدان وأمضينا ألوف الساعات سويا نفكر كيف نستطيع حشد المزيد من الناس في صفوف ثورتنا لحمايتها ووصولها للسلطة حتى تستطيع تنفيذ هذه الأهداف.. اختلفنا كثيرا ولكن كان دائماً ما ينهى أي خلاف هو الانصياع الشعب ومطالبه إيمانًا منا أن الثورة هي ثورة الشعب وليست ثورة أفراد.. أخطأنا كثيراً يا صديقي ولكن كنا دوماً نعتمد على رصيدنا لدى الناس، هؤلاء البسطاء الذين كانوا دوماً ما يغفرون لنا أخطاءنا الثورية فقط لإحساسهم بإننا نناضل من أجلهم ونتحدث بلسان الأغلبية منهم الطامحة في مستقبل أفضل، هؤلاء الذين أعطونا كل الدعم والمساندة طوال ما كان شعار الثورة الأساسي هو عيش حرية عدالة اجتماعية. أخطأنا يا صديقي حين تصورنا أن سبيل الخلاص من النظام السابق وتحقيق أهداف الثورة هو في التحالف مع شيطان الإخوان وأخطأنا حين أقنعنا الحشود المؤيدة للثورة بالتكاتف خلفهم في انتخابات الرئاسة لينفردوا بالحكم ويظهر وجههم القبيح آخذين البلاد نحو الهاوية.. أخطأنا حين بدأنا في الاستعلاء على الشعب عندما انتفض ضد عصابة الإخوان في 30 يونيو وصنفنا الملايين لثوار أصليين وثوار جدد وحزب كنبة ثوري وحزب كنبة فلول.. أخطأنا حين لم نستغل انتفاضة الشعب لنقود ثورته ضد الإخوان ونكسب هؤلاء الملايين في صفوف الثورة.. أخطأنا عندما انعزلنا في جزيرة المثالية الثورية وجعلنا ماضينا المؤلم مع قيادات مجلس طنطاوي يعمى أعيننا عن حقيقة أن طريق الخلاص الوحيد من الكابوس الإسلامي هو عن طريق جيشنا الوطني، ابتعدنا عن الشارع في وقت كان يتلهف لمن ينقذه وعندما استغاث لم يجد إلا الجيش وقائده العام يلبي النداء. أخطأت وحدك يا صديقي حين لم تنتبه أن المعركة أصبحت معركة بقاء بين ملايين الخائفين على مستقبلهم وأمنهم في الشارع يقودهم الجيش وبين جماعة إرهابية حملت السلاح ضد المدنيين فقتلتهم تحت منازلهم في بين السرايات والمنيل والجيزة وعذبتهم في اعتصامات رابعة والنهضة وفجّرتهم في المنصورة والشرقية وذبحت وقتلت جنودنا في سيناء.. أخطأت حين أقحمت نفسك طرفاً في هذه المعركة متجاهلا الرغبة الشعبية الكاسحة في الخلاص من خطر الإخوان حتى لو كان البديل عسكرياً لأنك لم تقدم البديل.. أخطأت وفقدت كل مصداقيتك عندما دعوت للمصالحة مع الإخوان متناسياً إنك كنت الداعي لإعدام رموز نظام مبارك بمحاكم ثورية.. أخطأت عندما ساندت الإخوان ومظاهرتهم المسلحة أو حتى السلمية متوهماً أنك تساندهم ضد السلطة والجيش في حين كان الشعب يرى أنك تساندهم ضد الوطن وإرادة الشعب في الخلاص.. أخطأت حين استسلمت للتطرف الثوري ووصفت من كانوا يوماً رفقاء ثورة بالخونة، لمجرد انحيازهم لإرادة الأغلبية .. أخطأت عندما استسلمت للفاشية الثورية ووصفت 20 مليون إنسان من نزلوا وقالوا رأيهم في استفتاء نزيه بالجهلة والعبيد لمجرد أن النتيجة لم تكن في صالح ما تعتقده، زايدت على الجميع حتى أهالي الشهداء الذين تطالب بحقهم حين قرروا النظر للمستقبل ودعم خريطة الطريق استجابة لرغبة الشعب ونقلتهم فوراً إلى خانة أعداء الثورة العبيد رغم أنهم قدّموا للثورة ما لن تستطيع يوماً ما أن تقدمه، صنّفت الثورة على أنها إله لا يجوز انتقاد عيوبه، انتفضت وصرخت ضد مهاجمة أي رموز ثورية مهما كانت حقارتها التي تعرفها جيدا واختزلت الثورة في أفراد وليس فكرة فكسبت عداء الجميع، استعليت على الناس يا صديقي وخونت الآخرين فخسرتهم ورجعت وحيداً منعزلاً لا تملك إلا سطور تكتبها في عالم الإنترنت الافتراضي. أكتب إليك يا صديقي عالماً بأنك لن تهتم ولن تقتنع الآن ولكن الطريق لا زال طويلاً وأنا على ثقة أنه سيأتي يوم ما ونتفق ثانياً لأن هدفنا واحد. صديقي العزيز.. ربنا يسامحك