سعى رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي خلال زيارة مفاجئة اليوم إلى مدينة الرمادي التي يسيطر مسلحون على أجزاء منها، إلى استمالة سكان الأنبار نحو دعم حكومته عبر الإعلان عن إعمار المحافظة السنية وتدريب مسلحي عشائرها. ومنذ بداية العام الحالي، يسيطر مقاتلون مناهضون للحكومة ينتمي معظمهم إلى تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام"، إحدى أقوى المجموعات الجهادية المسلحة في العراق وسوريا، على الفلوجة (60 كلم غرب بغداد) وعلى أجزاء من الرمادي (100 كلم غرب بغداد). وتخوض القوات الحكومية معارك ضارية مع هذه المجموعات المسلحة بهدف استعادة السيطرة الكاملة على الرمادي، فيما تتريث في مهاجمة الفلوجة التي تتعرض لقصف عسكري متواصل ولحصار عسكري. وكان المالكي، السياسي الشيعي الذي يحكم البلاد من 2006 والمتهم بتهميش السنة، أعلن في الأسبوع الماضي عن خطة تهدف إلى دمج مقاتلي العشائر في الأنبار التي تسكنها غالبية من السنة، والذين يقاتلون إلى جانب القوات الحكومية، بشرطة المحافظة. وقال علي الموسوي المستشار الإعلامي للمالكي في تصريح لوكالة "فرانس برس"، إن رئيس الوزراء اطلع خلال زيارته الأولى إلى الأنبار منذ بدء الأحداث الأخيرة فيها، على سير العمليات العسكرية خلال لقاءات في قيادة عمليات الأنبار في الرمادي. وأضاف: "المالكي قام بجولة على القطعات العسكرية المنتشرة في الرمادي واستقبلته الحكومة المحلية وشيوخ العشائر، يرافقه وزير الدفاع (سعدون الدليمي) ومستشار الأمن الوطني (فالح الفياض)". ونقل الموسوي عن المالكي قوله خلال زيارته العلنية الأولى إلى الأنبار منذ اندلاع الأحداث الأخيرة فيها: "جئنا لنؤكد وقوفنا إلى جانب أهلنا وعشائرنا في الأنبار". وتابع أن "المالكي أمر بتخصيص مئة مليار دينار (نحو 83,3 مليون دولار) لإعمار محافظة الأنبار، وبتدريب أبناء العشائر من أجل حماية المحافظة وسحب الجيش إلى ثكناته". لكن المالكي شدد رغم ذلك على أن "الجيش لا يمكن أن ينسحب في الوقت الحاضر (من كل المدن) لأن هذا الأمر سيؤدي إلى سقوطها في أيدي الإرهابيين". ولم يتضح ما إذا كان الإعلان عن تدريب مسلحي العشائر مرتبط بالإعلان السابق عن دمج هؤلاء بالشرطة، علما أن قناة "العراقية" الحكومية نقلت عن المالكي اليوم قوله إنه سيتم تعيين "10 آلاف من أبناء العشائر" من دون أن توضح ما إذا كان هؤلاء سيعينون في الشرطة. في هذا الوقت، قتل عشرة جنود و13 عنصرا من الشرطة بينهم ضابطان في سلسلة هجمات استهدفت قوات الأمن على مدى اليومين الماضيين. وقال ضابط برتبة عقيد في الشرطة، إن "خمسة من عناصر الشرطة قتلوا وأصيب اثنان بجروح في انفجار عبوة ناسفة قرب أنبوب للنفط في بيجي" (200 كلم شمال بغداد). وتزامنا مع هذا الهجوم، قتل عقيد في الشرطة في منزله في تكريت (160 كلم شمال بغداد) على أيدي مسلحين، بينما هاجم مسلحون سيارة تقل جنودا من الموصل إلى بغداد على الطريق السريع في تكريت فقتلوا أربعة منهم وأصابوا ثلاثة بجروح، بحسب المصدر نفسه. كما قتل في وقت سابق أربعة من عناصر الشرطة بعد إطلاق النار عليهم على الطريق السريع في تكريت، وقتل شرطي في هجوم في كركوك (240 كلم شمال بغداد)، وفقا لمصادر أمنية وطبية. وفي ناحية جرف الصخر الواقعة في محافظة بابل على بعد نحو 60 كلم جنوب بغداد، قتل ليل الجمعة بحسب مصدر مسؤول في الشرطة وطبيب في مستشفى الحلة العام خمسة جنود خلال اشتباكات مع مسلحين مجهولين. وقتل السبت جندي وشرطي في هجومين مسلحين في الشرقاط (290 كلم شمال غرب بغداد). في موازاة ذلك، لا يزال مسلحون ينتمي بعضهم إلى تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام" يسيطرون على أجزاء من ناحية سليمان بيك (150 كلم شمال بغداد) الاستراتيجية الواقعة على الطريق الذي يربط بغداد بشمال البلاد. وقال مدير الناحية طالب البياتي: "المسلحين لا يزالون يسيطرون على الجزء الجنوبي الغربي، وتحديدا ما يسمى بالحي العسكري". وذكر البياتي أن ضابطا في الشرطة برتبة نقيب قتل مساء أمس أثناء محاولته إجلاء عائلته من ناحية سليمان بيك. وخاضت القوات العراقية طوال الجمعة مواجهات مع المسلحين المتواجدين في سليمان بيك منذ فجر الخميس، قبل أن تعود وتنسحب لأسباب مجهولة، بحسب مصادر محلية وعسكرية. وكانت ناحية سليمان بيك قد سقطت في أيدي مجموعات من المسلحين المناهضين للحكومة في أبريل الماضي لعدة أيام، قبل أن تستعيد القوات الحكومية السيطرة عليها.