ضربات القلب متسارعة، صوت التنفس يغطى على ضجيج المكان، بعضهم يتكئ على عصا تساعده على السير خطوة تلو الأخرى، ثم يتوقف لينال قسطاً من الراحة، تهيم النظرات جاهدة بحثاً عن مقعد شاغر.. هذا هو حال بعض المرضى الذين ينتظرون دورهم فى الكشف داخل أول عيادة للقضاء على السمنة والنحافة بالإسكندرية، والتى تم افتتاحها مؤخراً استجابة لمبادرة الرئيس عبدالفتاح السيسى لمكافحة أمراض السمنة. فى أول يوم عمل لعيادة التغذية العلاجية، الكائنة فى الطابق الرابع من مستشفى صدر المعمورة، شرق الإسكندرية، كانت «الوطن» حاضرة لمعايشة الوضع على الطبيعة، ومنذ الوهلة الأولى تبين أن العيادة تقدم العديد من وسائل الراحة لخدمة المترددين عليها، بداية من المصاعد التى تجنبهم معاناة صعود السلم، إضافة إلى مقاعد الانتظار فى مختلف أرجاء المكان، حتى الأدوية ومستلزمات العلاج لا تكلف المريض جنيهاً واحداً. أمام أحد المصاعد وقفت «إلهام عبدالعزيز»، 50 سنة، ربة منزل، للصعود إلى عيادة السمنة، وبعد فترة انتظار قصيرة، خضعت السيدة، البالغ وزنها نحو 114 كيلوجراماً، بينما طولها 161 سنتيمتراً، لتقييم دقيق لحالتها، لمساعدتها على اتباع نظام غذائى خلال شهر رمضان، تحدثت ل«الوطن» قائلة إن «قعدة البيت» كانت السبب الرئيسى فى زيادة وزنها، وأضافت أنها حاولت فى كثير من المرات اتباع نظم غذائية مختلفة، إلا أنها لم تحصل على النتيجة المطلوبة، وأضافت: «أنا فعلاً خسيت 10 كيلو فى أسبوعين، ولكنى رجعتهم تانى، علشان ماكنتش بأمارس الرياضة، وكنت بأكسل أمشى فى الشارع علشان أروح السوق، واتعودت على ركوب المواصلات، حتى لو المسافة قصيرة». "يارا": أصحابى بيعايرونى وكنت بشعر بالإرهاق والتعب بعد تناول الطعام.. و"إلهام": "قعدة البيت خلتنى 114 كيلو".. و"محمد": "خسرت عملى بسبب وزنى الزيادة".. ومدير المستشفى: جلسات "جيم" لتنسيق القوام ب20 جنيهاً.. ومسئول العيادة: النظام الغذائى غير مكلف وأدوية السمنة "أكذوبة" «جلال محمد»، 44 سنة، يبلغ وزنه نحو 100 كيلوجرام، وطوله 171 سنتيمتراً، قال إن «الرياضة هى العلاج الأول للقضاء على السمنة»، مشيراً إلى أنه خسر وظيفته بسبب وزنه الزائد، حيث كان يعمل مندوباً للمبيعات بإحدى الشركات لنحو 6 سنوات، ولكنه أصيب ب«جلطة» فى القدم، أفقدته القدرة على الحركة لعام كامل، وأضاف: «فى الأول ماكنتش عارف أشتغل، وقررت أخس علشان أرجع لحياتى الطبيعية، خاصة أننى أتعرض للتريقة من الغريب والقريب»، مما تسبب فى إصابته بحالة «اكتئاب»، ولكنه قرر الخروج من هذه الحالة، واللجوء إلى طبيب تغذية لمساعدته على إنقاص وزنه. «يارا فؤاد»، طفلة تبلغ من العمر 11 عاماً، تعانى من السمنة المفرطة، حيث يصل وزنها نحو 64 كيلو، عادة ما تشعر بالإرهاق والتعب بعد تناول الطعام، مما يجعلها تستسلم للنوم، الأمر الذى يؤدى إلى زيادة وزنها أكثر، تحدثت ل«الوطن» عن معاناتها بقولها: «بألاقى أحياناً تريقة من بعض أصحابى، وبأعيّط كتير من كلامهم، بيقولولى يا عجلة ويا فشلة ويا كرومبو»، ونظراً لقرب منزل أسرتها من مستشفى الصدر بالمعمورة، قرر والداها اصطحابها إلى عيادة التغذية العلاجية، لمساعدتها على إنقاص وزنها بطريقة صحية. مدير مستشفى الصدر، الدكتور علاء الدخس، أكد ل«الوطن» أنه كان أول من اقترح إنشاء عيادة التغذية العلاجية، بالتعاون مع إدارة العلاج الطبيعى، لتكون الأولى من نوعها فى المستشفيات الحكومية بالإسكندرية، مشيراً إلى أن العيادة تعتمد على 4 أطباء تغذية، وتضم غرفتين، الأولى لاستقبال الحالات وتقييمها، والثانية لممارسة بعض الألعاب الرياضية «جيم»، ويتم تنظيم جلسات لتنسيق القوام بها، بسعر 20 جنيهاً للجلسة الواحدة. أما مسئول العيادة، الدكتور أحمد حمدان، فقال إن العيادة استقبلت 4 حالات فى يوم افتتاحها، مشيراً إلى أنها تعمل لمدة 4 أيام أسبوعياً من الساعة 9 صباحاً حتى 12 ظهراً، ويبلغ سعر الكشف 50 جنيهاً، شاملاً إجراء التحاليل والفحوص اللازمة، وأضاف أن النظام الغذائى المتبع لا يكلف المريض شيئاً، حيث يعتمد على الخضراوات والفاكهة وبعض المواد الكربوهيدراتية، كما أكد أن معظم الأدوية المتداولة فى السوق على أنها تعالج السمنة لا تعطى نتائج حقيقية، ووصفها بأنها «أكذوبة كبرى»، كما أن بعضها يحتوى على مواد محظورة تشكل خطورة على الصحة العامة، وشدد على أن العيادة تعتمد فى علاجها على اتباع نظام غذائى مع ممارسة الرياضة. واقترح «حمدان» نظاماً غذائياً لخسارة الوزن خلال شهر رمضان، يتضمن تناول 3 تمرات على الإفطار، ثم كوب من الماء، وبعد 10 دقائق يمكن تناول 4 ملاعق أرز أو 5 ملاعق مكرونة، بجانب طبق السلطة، وآخر خضار «سوتيه»، مع ربع فرخة، أو تناول قطعتين من السمك المشوى، ويُستبدل البروتين بالبقوليات من الفول أو الفاصوليا البيضاء، وعلى السحور يمكن تناول رغيف و4 ملاعق فول، و2 بيضة مسلوقة، وزبادى، وشدد على ضرورة تناول 8 أكواب من المياه على الأقل يومياً، لزيادة معدلات حرق الدهون فى الجسم.