إيقاع معركة انتخابات الرئاسة يتسارع.. عديد من المرشحين المحتملين.. بعضهم مدنيون والبعض الآخر عسكريون.. لا يشغلنا المدنيون لتراجع فرصهم.. حراك القوى المدنية خلال حكم الإخوان كان متواضع المستوى، وعلى نحو لا يتناسب مع التحديات والمخاطر التى تعرض لها الوطن.. بالتالى لم تفرز قيادات، لم تُصعّد وجوها.. حتى فرسان الرئاسية السابقة مضى زمانهم.. الشعب من جهته يدرك حجم المخاطر التى يواجهها الوطن، ولذلك تفضل الأغلبية الساحقة رئيسا وطنيا ذا خلفية عسكرية، خبيرة، حازمة، لا يتناقض مع المؤسسات السيادية، على نحو ماحدث من مرسى، شفيق وموافى تراجعا عن الترشح احتراماً للإرادة الشعبية، أما استمرار «سامى عنان» فرغم ضعف فرصه، فإن تعبيره عن أجندة دولية تستهدف أمن مصر القومى ووحدتها الوطنية، سواء عن علم أو جهل، يفرض تناول الموضوع.. فى مقالى المنشور بجريدة «الوطن» الخميس 3/10/2013، بعنوان «مذكرات سامى عنان.. هل تفتح الملفات المسكوت عنها؟!» طرحت تحفظات مبكرة على ترشحه، لكن ما تكشف عن توجهات التنظيمات الداعمة له، ومرتكزات حملتة الانتخابية، يضيف أبعاداً جديدة لملامح الأجندة التى يُستخدم عنان لتمريرها.. الأمر جد خطير.. يفرض تدخل الأجهزة السيادية وسلطات التحقيق. ائتلاف شباب القبائل العربية هو أول تنظيم يتبنى صراحة ترشح عنان، تأسس أواخر 2011، بدعم مباشر من خيرت الشاطر، نشرت «الوطن» 28 يناير 2014 إحدى الرسائل المتعلقة بتأسيسه ضمن تحقيقات وتسجيلات قضيتى «التخابر والهروب».. بعد الإطاحة بمرسى فى 3 يوليو 2013 عقد رئيسه د. ماهر كامل ومنسقه العام حمدى كويلة مؤتمراً صحفياً طالبا فيه بالمشاركة فى الحكومة الانتقالية.. فى 5 نوفمبر هدد «كويلة» بأنه فى حالة عدم تمثيل الائتلاف بنصف المقاعد فى الحكومة فإن الائتلاف سيشكل حكومة ظل موالية ل«المعزول» لإدارة شئون مناطق القبائل العربية فى الصعيد وسيناء ومطروح!! رغم ذلك.. سُمح بإشهار الائتلاف، وسط ادعاءات بأنه يضم 350 ألفا من شباب قبائل العرب والأشراف والبدو والهوارة، ويمثل 30 مليونا من القبائل العربية بقنا وسوهاج وأسيوط والأقصر ومطروح وسيناء، فى 18 أكتوبر 2013 عقد الائتلاف اجتماعاً طارئاً عيّن فيه «كويلة» أميناً عاماً ورئيساً للمكتب السياسى لمدة ثلاث سنوات، على أن يُعِد لانتخاب رئيس للائتلاف وللمكتب السياسى وأمناء المحافظات، وفقاً للنظام الأساسى الجارى إعداده. نهاية أكتوبر 2013 نشر الائتلاف شهادة تدعى انتماء عنان للقبائل العربية وللأشراف أحفاد العمرين «بن الخطاب وبن عبدالعزيز»، وطالب بمبايعته رئيسا، مشيراً لما قدمه من خدمات كبيرة للقبائل البدوية أثناء خدمته بالقوات المسلحة!! فى إشارة لايخطئها التاريخ إلى أن مدينة الحمام بالساحل الشمالى التى دشن منها عنان حملتة الانتخابية 21 سبتمبر2013، هى نفس المنطقة التى أمر بانسحاب الجيش منها إبان توليه رئاسة الأركان ليعطى الضوء الأخضر للسيطرة على «الضبعة»، قبل أن ينجح المشير السيسى فى احتواء وتوظيف الروابط القبلية لتحقيق الاستقرار الأمنى بالمنطقة. 18 نوفمبر2013 كشف الائتلاف عن قيامه بإعداد لائحة للتحول إلى «حزب القبائل العربية» واعتزامه عرض النظام الأساسى على عنان لاعتماده.. إجراء تنظيمى يعكس تقديره لحجم وخطورة الدور السياسى الذى يستعد للقيام به فى مصر، فى إطار اتجاه عام لتصاعد دور القبائل كتكوينات مجتمعية أولية فى الدول العربية نتيجة لتراجع سلطة الدولة وفشلها فى إدارة التعددية المجتمعية عقب ثورات الربيع العربى. المواقف والتوجهات السياسية للائتلاف تنطلق من فكر جماعة الإخوان.. وصف 30 يونيو بالانقلاب، شكك فى مشروعية الحكومة الانتقالية، دعا لتنظيم عصيان مدنى حتى عودة «المخلوع»، قاطع لجنة الخمسين لعدم تمثيله فيها، أعلن رفضه المسبق للدستور، ودعا لمقاطعة الاستفتاء عليه، أكد تأييده للمصالحة مع الإخوان واعترض على قرار إعلانهم تنظيما إرهابيا، رفض إجراء الانتخابات الرئاسية قبل البرلمانية، سب علم الدولة فى موقعه الرسمى على «الفيس بوك»، كما أهان القضاء. علاقات الائتلاف الخارجية تثير الريبة والشك، ارتباطات وثيقة مع القبائل فى ليبيا والسودان واليمن، وصلت إلى حد دعوتهم للمشاركة فى حماية الحدود المصرية!! أنباء عن حصولهم على تمويل من أحمد قذاف الدم، وجود مكثف ونشط للائتلاف على مواقع التواصل، باعتبارها وسيلة اتصال وتعبئة للأعضاء.. صفحة «ائتلاف شباب القبائل العربية المصرية» عليها 15 ألف عضو، صفحة «المجلس الأعلى للقبائل العربية»، «الصفحة الرسمية لائتلاف شباب القبائل العربية والأفريقية»، صفحة «المجلس السياسى الديمقراطى للقبائل العربية» فضلاً عن الجريدة الإلكترونية «جريدة القبائل العربية». الاتحاد الدولى لشباب الأزهر والصوفية هو ثانى التنظيمات الداعمة ل«عنان».. لم نسمع عنه ولا عن معارضته للإخوان إبان حكم مرسى.. بعد 30 يونيو أصدر الاتحاد بيانا عن صراعات «وهمية» خاضها -كحركة صوفية- مع الإخوان -كحركة وهابية- للسيطرة على الأزهر الشريف.. وبشكل تآمرى بدأ حملة شعبية بعنوان «السيسى معاك مش عليك»، وأجرى استطلاعا ميدانيا ادعى أنه شمل 4 ملايين استمارة.. فى 19 أكتوبر أعلن د. محمد عبدالعاطى النوبى رئيس الاتحاد ورئيس مركز النوبى مصر للدراسات والبحوث أن نتيجة الاستطلاع أشارت إلى رفض 40% لترشح السيسى، تزداد إلى 60% حال ترشحه!! وأكد أن الاتحاد يعارض هذا الترشح، ويتهم السيسى بالتخاذل تجاه إقصاء الصوفية من لجنة الخمسين، ووصف مؤسسة الرئاسة بالفساد السياسى. 30 ديسمبر 2013 أعلن المركز العام للاتحاد عن نجاحه فى حشد 17 حركة وجبهة سياسية للانضمام لعضويته (جبهة أزهريون مع الدولة المدنية - الاتحاد المصرى للأشراف والصوفية - القبائل المصرية - الاتحاد العالمى للأشراف - القبائل العربية - الاتحاد الثورى لشباب الأقباط - حركة شيوخ الصوفية الأحرار - الاتحاد الدولى لشباب الجامعات - الائتلاف العام لشباب الصعيد - ائتلاف شباب الأقاليم - الائتلاف العام للأئمة والدعاة - الائتلاف العام لمحبى آل البيت - حماية الأضرحة - الائتلاف العام لجبهة الدفاع عن الأزهر والصوفية - الائتلاف الدولى للوافدين للأزهر) وكشف عن تشكيل هيئه تنفيذية عليا للاتحاد.. ومن اللافت هنا توقيت عملية التعبئة والحشد، وتضمنها تنظيمات قبائلية وعشائرية وطائفية. الحملات الانتخابية لعنان الحملة الرئيسية لعنان شعارها «كن رئيسى»، برنامجها عنوانه «عنان هو الحل».. محاكاة صريحة لشعار الإخوان «الإسلام هو الحل»، المنسق العام للحملة خالد العدوى كان منسقاً عاماً لحملة السيسى «كمل جميلك»، انشق عنها مع القيادى وائل أبوشعيشع نهاية سبتمبر 2013، يصعب الجزم بما إذا كان قد تم زرعهما داخل حملة السيسى، أم أن عنان قد نجح فى استقطابهما، الحملة بدأت بالدعوة للحفاظ على السيسى كبطل قومى، وحاولت ترويج شائعات بأنه حسم موقفه بالبقاء وزيراً للدفاع، محاولة إبعاده عن حلبة المنافسة، ثم نشرت بعض التسريبات المسيئة «هالغى الدعم.. أنا مش سوفت أنا عذاب ومعاناة»، واجتزأت تصريحات للواء أحمد وصفى توحى بوصف 30 يونيو بالانقلاب.. عندما تأكدت من استمرار السيسى فى المنافسة تحت الضغوط الشعبية، وصفت ترشحه بأنه «عملية صناعة لديكتاتور لن يستطع أحد محاسبته»، وشكك العدوى «لو تحول السيسى إلى رئيس سينقلب الشعب عليه بعد شهرين لأنه لن يستطيع حل مشاكل البلد العديدة»، حجم تمويل الحملة سمح لها بإعداد 5 مقرات خارج مصر بخلاف مقراتها بالسعودية، والكويت، والإمارات، و3 أخرى بالداخل «أسيوط، البحيرة، مطروح». الحملة الثانية هى «الحملة الشعبية لدعم الفريق سامى عنان رئيساً»، و«جبهة الدفاع عن سامى عنان»، أما التنظيم الدولى للإخوان فقد قرر دعم ترشحه بتزكية أمريكية، وبعد تقديره لتراجع شعبية أبوالفتوح وتردده فى الترشح للمنصب، أملاً فى العودة للساحة استكمالاً لسابق تعاونهم مع عنان، رصد التنظيم أكثر من 85 مليون دولار لهذا الغرض، ووجه أعضاءه وتحالف دعم الشرعية للبدء فى إعداد حملة ضخمة بشعار «كمل جميلك ياعنان»، ستبدأ فى تدشين مقارها بالمحافظات لجمع التوكيلات وإنشاء صفحات التواصل الترويجية والداعمة. حاول عنان الاتصال ببعض رجال الأعمال المحسوبين على «الفلول» إلا أنهم رفضوا دعمه لتورطه فى إسقاط مبارك، كما حاول كسب تأييد عدد من القيادات المسيحية إلا أنه فوجئ بحملتين ضد ترشحه، حملة «قاوم» تنظمها «صرخة الأقباط»، وحملة أخرى ينظمها «اتحاد شباب ماسبيرو». *** فى 4 سبتمبر 2013 اجتمع ثلاثة من القيادات الوطنية (مراد موافى - أحمد جمال الدين - حسام خير الله) مع سامى عنان، فى محاولة للتوافق حول مرشح لخوض معركة الرئاسة، واتفقوا مبدئياً على مخاطبة السيسى للترشح ودعمه.. محاولة لحصار طموحات عنان، وما يكمن خلفها من مخاطر على أمن مصر القومى.. الإخوان اعتمدوا فى تأمين سيطرتهم الجغرافية على أطراف الدولة وممراتها الحدودية على ركيزتين.. الأولى «القاعدة» والمنظمات التكفيرية وحماس بمنطقة سيناء وشرق القناة، والثانية التنظيمات القبلية والعشائرية بالمناطق الممتدة من مطروح شمالاً حتى حلايب جنوباً مروراً بمحافظات الصعيد.. إصرار عنان على الترشح، وطبيعة وتوجهات التنظيمات التى تدعمه، والجهات الدولية التى تسانده يفرض التعامل على نحو جدى وعاجل فى البلاغ رقم 1930 لسنة 2014 المقدم للنائب العام مؤخراً للتحقيق مع عنان بتهمة تلقى أموال من جماعة إرهابية، وتورطه فى قضايا فساد مالى، مع توسيع نطاق التحقيق ليشمل التنظيمات الأخرى التى تدعمه وتتطابق توجهاتها ومصالحها مع الإخوان، والمؤامرات التى تسعى لتفتيت مصر.. الوطن ليس غنيمة للطامحين، ولن يكون فريسة للقوى الدولية.