سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
خبراء : أمريكا فقدت نفوذها فى مصر ..جنرال أمريكى: لا أحد يحترم «أوباما».. «نيوزويك»: حتى الحلفاء انقسموا.. و«بحوث الشرق الأوسط»: القاهرة تعادى واشنطن وتتقرب من روسيا والصين.. و«اللاوندى»: «السيسى» وجه صفعة لأمريكا بانحيازه لإرادة الشعب
99% من أوراق اللعبة فى مصر فى يد أمريكا، هكذا قال لنا الرئيس «السادات» فى السبعينات من القرن الماضى، وارتضينا ذلك بطريقة أو بأخرى فى عهد «مبارك» الذى استمر 30 عاماً، إلى أن جاءت الثورة وأسقط الجيش والمواطنون فى الميادين هذه المقولة، عندما حاول الأمريكان فرض إرادتهم على مصر لصالح بقاء الإخوان تارة بالنصيحة وأخرى بالعصا والجزرة، وعندما هددوا بقطع المعونة، قال المصريون بلهجتهم البسيطة المعبرة «عملتوا خير». «لا يوجد بلد فى الشرق الأوسط يصدق أو يحترم الولاياتالمتحدة الآن فى ظل حكم إدارة أوباما» بهذه الكلمات القاسية يلخص الجنرال «بول فالى» نائب قائد منطقة المحيط الهادى السابق بالجيش الأمريكى أزمة انهيار مصداقية الولاياتالمتحدة، التى سبق وقال عنها الرئيس الراحل السادات فى مطلع السبعينيات: «إنها تملك 99% من أوراق اللعبة» أى القدرة على تغيير مسار الأحداث فى المنطقة، لكن تداعيات الأحداث بعد ثورة يناير أثبتت أن واشنطن فقدت النفوذ الذى مارسته على القاهرة، وتحديداً منذ تولى «السادات» الحكم فى عام 1970، مراهناً بكل أوراقه على البيت الأبيض، وبعده جاء «مبارك» ليتبع نفس السياسة التى جعلت من مصر بلداً تابعاً تحدد واشنطن كل سياساته، وفى غياب صوت الشارع، كان رأى الولاياتالمتحدة هو القول الفصل فى غالبية الأمور. ومع اندلاع ثورة يناير كانت أنظار المصريين على موقف الجيش فى الداخل وواشنطن فى الخارج، ولسوء حظ «مبارك» أن الطرفين اتفقا على التضحية به، والانحياز لمطالب المتظاهرين، وبعد هذا الاتفاق التاريخى، فرقت الأحداث بين الحليفين، ووصل الأمر ذروته فى 3 يوليو عندما تجاهل الجيش كل النصائح والضغوط الأمريكية وأطاح ب«مرسى» وجماعته، وكانت 3 يوليو وقبلها ثورة 30 يونيو شهادة وفاة لنظرية امتلاك واشنطن ل99% من أوراق اللعبة بمصر وشهادة ميلاد لصعود إرادة شعب أربك حسابات العالم بثورتين فى أقل من 3 سنوات وجيش قرر الانحياز لمواطنيه. ويرصد كبير محررى الأمن القومى فى مجلة «نيوزويك» «جوش روجين» الانحسار الدرامى للنفوذ الأمريكى فى القاهرة فيقول: فى عام 2011، كان الرئيس أوباما والجيش المصرى على وفاق تام فيما يتعلق بدعم المتظاهرين والضغط على مبارك للتنحى وفى عام 2013، تجاهل الجيش المصرى كل توصيات البيت الأبيض بعدم ملاحقة الإخوان وإفساح المجال لإشراكهم فى الحياة السياسية بعد «مرسى». ويرصد «روجين» مظهراً آخر للارتباك الأمريكى فى الملف المصرى وهو انقسام حلفائها لملء الفراغ الذى خلفته، فالسعودية والإمارات والكويت سارعت لدعم مصر ب13 مليار دولار، أما قطر وتركيا فهرعتا لإنقاذ الإخوان، وبعد فترة طويلة من التردد فى حسم موقفها من 30 يونيو، قرر البيت الأبيض تعليق المساعدات، فكان الرد المصرى، إبرام صفقة سلاح مع موسكو بقيمة 2 مليار دولار وإعلان وزير الخارجية المصرية عن إصرار القاهرة على تنويع مصادر سلاحها. وحذر عضو مجلس العلاقات الخارجية «ستيف كوك» صناع القرار الأمريكى من أن الأوضاع فى مصر اختلفت بعد ثورة 25 يناير «التى أدت لصعود القومية المصرية من جديد والحساسية المفرطة للكرامة الوطنية». ورسم تقرير حديث ل«معهد بحوث إعلام الشرق الأوسط» الأمريكى صورة درامية لتدهور العلاقات بين البلدين بعد 30 يوينو فقال: «إن مصر باتت معادية للإدارة الأمريكية فى الوقت الذى تتقرب فيه إلى روسيا والصين»، وأكد التقرير أن شعور الكراهية إزاء واشنطن نابع بشكل أساسى من دعم «أوباما» لنظام الإخوان. وأضاف التقرير المعنون ب«فى مصر، حملة تعبئة ضد أوباما والولاياتالمتحدةالأمريكية، ودعوات للتعاون المكثف مع روسيا والصين»، أن قرار واشنطن بتأجيل تسليم الطائرات المقاتلة «إف-16» للجيش المصرى أحد أسباب الغضب على «أوباما»، وأشار التقرير إلى أن وزير الدفاع الفريق أول عبدالفتاح السيسى هو الذى قاد الحملة المعادية لواشنطن فى وسائل الإعلام المصرية مع دعوات متكررة لرفض المعونة الأمريكية وسط تأكيدات أن مصر ستكون أفضل من دونها. لكن المفكر الأمريكى المعروف «ناثان براون» يرى الأمر بشكل مختلف ويؤكد أن «أوباما» ليس ضعيفاً، ولكن أكثر واقعية وإدراكاً لحدود قوة ونفوذ الأمريكان فى العالم، من سلفه «بوش»، ويدرك أن الأمريكان حاولوا فرض رئيس على العراق، مثلاً، والنتيجة كانت كارثية، ويحاولون منذ أيام الرئيس بيل كلينتون تغيير النظام فى إيران، والنتيجة أن النظام باقٍ «أى أن المسألة ترتبط أيضاً بالضعف العام الذى أصاب أمريكا وظهرت علاماته منذ سنوات فى ملفات بأهمية العراقوإيران ومؤخراً سوريا». ويؤكد خبير العلاقات السياسية الدولية الدكتور محمد سعيد اللاوندى أن مقولة 99% سقطت مثل مقولات أخرى كثيرة فى نهر العلاقات الدولية المتدفق، موضحاً أنها واحدة من ثلاثة أخطاء كارثية ل«السادات» أولها إعطاؤه مساحة كبيرة للجماعات الإسلامية حتى تقضى على الشيوعية فقضت عليه الجماعات عام 1981 وثانيها أنه أتى ب«مبارك» نائباً له ما مهد الطريق لرئاسة مصر رغم تواضع إمكاناته السياسية، وثالثها قناعته أن واشنطن تملك كل أوراق اللعبة، ما جعلنا نسير وراءها معصوبى العينين، ويضيف «اللاوندى»: لكن الشعب المصرى أسقط هذه المقولة بنضوجه السياسى الذى فاجأ العالم بثورتين فى أقل من 3 أعوام، كما أن دعم وزير الدفاع لثورة 30 يونيو المجيدة وجعله إرادة الشعب فوق كل اعتبار وتجاهله لإرادة الأمريكيين كان ضربة موجعة لأمريكا ما دفعها لأن تتخذ مؤخراً مواقف أكثر اعتدالاً بعد أن أدركت أن مصر، التى توجهت بالفعل إلى روسيا والصين ووثقت علاقاتها بدول الجوار، لن تركع لإملاءاتها. أما رئيس مركز ابن خلدون الدكتور سعدالدين إبراهيم فيشارك «اللاوندى» رأيه، ويؤكد أن واشنطن فوجئت باندلاع ثورة 25 يناير. ولم تكن هذه المفاجأة حالة فريدة فقد فشلت المخابرات فى توقع انهيار حائط برلين وسقوط النظام الشيوعى، ويؤكد أن أمريكا وإن كانت ما زالت دولة قوية وقادرة على التأثير فى مجريات الأحداث الدولية لكنها لم تعد قوية بما يكفى لتقول للشىء «كن فيكون»، ودلل على ذلك بفشلها خلال 3 سنوات فقط فى حماية حليفها «مبارك» وإنقاذ نظام «الإخوان» الذى راهنت عليه.