في أطار سعيها لنشر ثقافة التحديث والمعاصرة الذي تقوم به جريدة الوطن كواحدة من أهم روافد صناعة الفكر المستنير. وإيمانا من القائمين على أمرها إدارة وتحريرا بأهمية العلوم والتكنولوجيا في صناعة الحاضر والمستقبل المصري إرتأت الصحيفة أن تبدأ بنشر سلسلة من المقالات التي تتناول هذا العالم الفسيح والزاخربمفاتيح التقدم . إن هدف الصحيفة هو محاولة تحديد موقف مصرمن العلم والتكنولوجيا في عصر ملئ بالتحديات الجسام التي يطرحها عصر المعرفة . وفي البداية نؤكد أنها قضية العلم والتكنولوجيا ليست قضية فنية وفقط ولكنها قضية سياسية وأجتماعية بأمتياز .. ويقيني أن الغرض من وراء نشر هذه السلسلة من المقالات الالكترونية ليس مجرد التوعية بأهمية العلوم والتكنولوجيا في صنع التقدم او محاولة لأثبات ذلك فهذا امربديهي. المؤكد أن الغرض من ذلك هو الحث على أتخاذ خطوة جادة للامام نحو بدء تحقيق نهضة علمية في مصرقوامها تعليم عصري متميز وبحث علمي كفء ونقلة تكنولوجية . بل والمطالبة بتحويل ذلك كله الى واقع على الارض يضمن الارتقاء بجودة الحياة في مجتمعنا وان يتحول المواطن المصري الى نظير لأقرانه على مستوى الدول الساعية للحاق بعالم التقدم على الاقل إن لم تصبح مصر بالفعل دولة حديثة وعصرية ومتقدمة. أن الغرض من وراء نشرهذه السلسلة من المقالات ايضا هو إيجاد حالة تفاعل فكري حول هذه القضية المصيرية نرجو أن يكون بعيدا عن العموميات أو الجدل لمجرد الجدل. في هذه السلسلة سوف نختصرالطريق وأن نضع ايدينا مباشرة على العديد من قضايا العلوم والتكنولوجيا ومقومات الاخذ بهما سواء سياسيا او تنفيذيا. إننا كثيرا ما تحدثنا عن معوقات الاهتمام بالعلوم والتكنولوجيا في مصرلعقود طويلة ومازلنا حتى الان بعيدين عن الولوج فى دائرة الجدية وبدء الانطلاق . إن هذه السلسة من المقالات تسعى ايضا الى دعوة الفنين والمتخصصين لتجاوز حدود الجوانب الفنية البحتة والتي قد يكون مكانها المعامل والمختبرات وقاعات البحث . إن الاهم هو أبراز مدى انعكاس التقدم العلمي والتكنولوجي عالميا على أوضاعنا الاقتصادية والاعلامية والتعليمية والثقافية وأثاره على علاقاتنا مع أنفسنا وغيرنا وتراثنا ومدى تأثير ذلك على الصناعة والزارعة ومصيرأجيالنا الحالية والمستقبلية حتى نخرج وبلا رجعة من دوائر الفقر والجهل والمرض والتطرف والتعصب ونحافظ فى نفس الوقت على هويتنا وتاريخنا وديننا وحضارتنا. أننا نؤكد منذ البداية أننا لسنا بمعرض تبسيط العلوم ولكننا سنحاول الربط بين كيفية معالجة القضايا التي تتراوح بين فلسفة العلوم وتسييس المعرفة لما لذلك من تأثير على علاقاتنا المحلية ومع دول العالم المتقدم فى هذا المجال . كما أننا لابد أن تؤكد على بعض الثوابت التي نلتزم بها ونعتبرها أساسا نبني عليه نهجنا في عرض هذه السلسلة من المقالات عن العلوم والتكنولوجيا : 1) أن نظامنا التعليمي لأبد أن يتغير وأن يتجه نحو الاستقرار المرحلي حتى يستطيع خلق أوعية بشرية قادرة على قيادة التحول العلمي والتكنولوجي وكذلك كوادر قادرة على نقل الفكر العلمي الى واقع تطبيقي . 2) أن جهلنا سيزداد كلما إزدات معارفنا وأن أفضل طريقة لصناعة المستقبل هي أن نصنعه نحن ولا ننتظر من يصنعه لنا وان نسعى لامتلاك ناصية العلم والتكنولوجيا بدلا من أن نكون عالة على الاخرين وان عدم اللحاق بالعالم يعنى المزيد من التخلف والفقر . 3) أن تكنولوجيا المعلومات قد أندمجت مع علوم الفيزياء والكيمياء والبيولوجيا وعلوم الرياضيات والفضاء مع علوم الهندسة والاتصالات والتحكم لتخلق مزيجا علميا صعبا ومعقدا قد يؤدي بنا الى اليأس من فهم أبعاده وأننا أذا رضخنا لهذا الشعور واستسلمنا له فلن نصنع شيئا وعلينا أذن بقبول التحدي والاخذ بما نقترحه وغيرنا من أسباب ووسائل . 4) أن ثورة المعلومات وشبكات التواصل قد ادت الى تدمير أسلحة العزلة والجهل وتغليب التكنولوجيا على الاستبداد واصبحت أهم أدوات تحرير الشعوب وقد حدث ذلك في مصرفي ثورتي يناير 2011 ويونيو2013 وما بقي هو أن تستثمر هذه الثورات حتى يتمكن من استخدام الافكار والمخترعات والمعلومات الحديثة لصالح شعبنا ولن يكون ذلك إلا بأرادة حديدية تلقائية وتشريعات جازمة فلم يعد هناك وقت نضيعه في ثورات أخرى زهد فيها الشعب وأصبح فى شوق للاستقرار الداعم للتقدم . 5) أن مستقبل مصرتحكمه عوامل سياسية وأقتصادية وثقافية مازالت محل جدل مجتمعي كما إن العلم والتكنولوجيا يرتبط بهمة الباحثين الذين يحملون أمانة كسرحدة المنافسة مع من سبقونا في مضمارالبحث العلمي وتطبيقاته ويقتربون بنا من العالم المتقدم بل ومزاحمته. وكذلك بهمة الدولة في خلق مناخ مناسب وتعظيم دورالقطاع الخاص وقطاع الاعمال في المجالات الاقتصادية والاجتماعية وكافة مجالات الاستثماربأسلوب علمي متطور. 6) إن أدراكنا بأن هناك تنافس عالمي من أجل احراز القوة وان المعرفة هي أهم أسلحة هذا التنافس فإن ذلك يلقي علينا أمانة فتح مجالات جديدة فى التفكير الاستراتيجي العلمي تجاريا وزراعيا وصناعيا فى اطار سياسي وأمنى وأجتماعى متوازن وهو المسلك الذي يجب على أي نظام حكم قادم أن يتبعه وأن يكون ذلك على قائمة برنامج أي رئيس قادم لمصر .