تلقت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية بقلق بالغ التصريحات التي نسبتها بعض الصحف الرسمية لهيئة المحطات النووية، والتي تفيد اعتزام الهيئة استخدام عامليها في إزالة ما أطلقت عليه "جميع صور التعديات على موقع الضبعة" بعد عيد الفطر مباشرة. وطالبت المبادرة المصرية، فى بيان لها اليوم الأربعاء، كافة السلطات المعنية بضمان التزام هيئة المحطات النووية بالاتفاق الذي تم إبرامه بمقر المنطقة الشمالية العسكرية منذ حوالى ستة أشهر، بحضور ممثلين للقوات المسلحة ومديرية الأمن وهيئة المساحة ومحافظة مطروح وأهالي الضبعة المتضررين من مشروع المحطة النووية. وقد نص الاتفاق على بقاء الوضع على ما هو عليه لحين قيام لجنة علمية اجتماعية أمنية اقتصادية محايدة ببحث مشكلة الضبعة وتقرير مصيرها، بالإضافة إلى زيارة أرض مشروع المفاعل النووى بواسطة لجنة من مجلس الشعب، وهي التي يُنتَظر تشكيلها من مجلس الشعب الجديد بعد حل المجلس السابق. وترجع مشكلة أهل الضبعة إلى سنة 1981، حين صدر القرار الرئاسي رقم 309 بشأن تخصيص أرضهم لبناء مفاعل نووي عليها. وبموجب القرار تم وقف التعامل على الأراضي تماما، بما في ذلك البناء والتملك وحتى استغلال الموارد كالزراعة والصيد، إلى أن تم إخلاء السكان قسريا في عام 2003 بقرار من محافظ مطروح آنذاك، حمل رقم 160 لسنة 2003. وقد شهدت عملية الإخلاء العديد من الانتهاكات، من هدم المنازل وردم الآبار وتهجير المواطنين بالقوة الجبرية دون توفير أي بدائل للسكان المتضررين. ومنذ إخلاء السكان في 2003 وحتى يومنا هذا لم يتم تنفيذ المشروع، بما يعني وجوب إعادة الأرض لأصحابها لانتفاء سبب المصادرة، عملا بنص القانون 23 لسنة 1962 (والمعدل بالقانون 10 لسنة 1990)، والذي تم بمقتضاه إصدار قرار نزع الملكية سالف الذكر، وتنص أحكامه على وجوب الانتهاء من المشروع الذى صدر قرار نزع الملكية لتنفيذه خلال عامين من تاريخ صدور القرار، وإلا سقط وعُدَّ كأن لم يكن. وعلى العكس تم تحويل الأرض المنتزعة من أهلها إلى مصيف خاص ومنتجع سياحي لعاملي هيئة الطاقة النووية، وتوقف المشروع تماما في 2006. وكافح أهالي الضبعة على مدى هذه الأعوام لاسترداد أراضيهم وحقهم فى الانتفاع بها، مستخدمين كل الوسائل، من التحاور مع المسؤولين إلى التظاهر والاعتصام، والذي بلغ قمة ضغطه في يناير 2012 وسط اهتمام إعلامي غير مسبوق بقضيتهم. واستنكرت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية اعتزام الهيئة، حسب التصريحات والأخبار المنشورة بجريدة الأهرام، إزالة "التعديات" عن طريق العاملين بها، متجاهلة القنوات التنفيذية الشرعية المنوط بها تنفيذ مثل هذا القرار حال صدوره وفقا لإجراءات ومعايير محددة قانونا. كما أعربت المبادرة المصرية عن استغرابها من إصرار هيئة المحطات النووية على المضي قدما في مشروع تؤكد كل المؤشرات على نية الجهات السيادية والتنفيذية مراجعته. وترى المبادرة المصرية في الاتفاق المبرم بين السلطات وأهالي الضبعة فرصة سانحة لطرح المشروع النووي أمام نقاش مجتمعي شفاف وتقييم علمي محايد يليق بتطلعات مصر وشعبها في تداول ديمقراطي حقيقي للقضايا التي تمسه، وتفتح الباب أمام عرض ومناقشة البدائل المتجددة للطاقة، والتي تمثل حلولا أكثر أمنا واستدامة وفعالية لمشكلة الطاقة في مصر، من حيث الكلفة الاقتصادية والآثار البيئية واستراتيجية التوليد والاكتفاء من الطاقة، والتي ترى المبادرة ضرورة طرحها أيضا من منظور العدالة البيئية والاجتماعية والاقتصادية.