سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
النيل يطرح آلاف الأطنان من الأسماك فى الغربية وكفر الشيخ والبحيرة الصيادون: مصانع المبيدات والأسمدة تلقى مخلفاتها فى مجرى النهر والدولة «عاجزة».. والأهالى يمتنعون عن شراء الأسماك
شهدت محافظات الدلتا، أمس، كارثة بيئية تسببت فى نفوق آلاف الأطنان من الأسماك بمياه النيل، فى محافظتى الغربيةوكفر الشيخ، فى ظل تقاعس المسئولين عن محاولة حل أزمة تلوث المياه، أو إعلان السبب الحقيقى وراء تكرار واقعة نفوق الأسماك. ففى الغربية، فوجئ الصيادون، صباح أمس، بنفوق كميات كبيرة من الأسماك، التى طفت على سطح الماء تصاحبها رائحة كريهة ناتجة فى الغالب عن تلوث المياه، الذى اعتبره الصيادون سبباً يهدد مصدر أرزاقهم، التى تعتمد بشكل رئيسى على الثروة السمكية، وأضحت المشكلة تشكل شبحاً يطاردهم ليل نهار. «الوطن» التقت بصيادى الغربية للتعرف على أبعاد الأزمة التى وصفها الحاج «محمود سالم»، أحد الصيادين بمركز بسيون، بأنها كارثة، قائلاً: «إلقاء مخلفات مصانع المبيدات فى مياه النيل دون أى رقابة من الحكومة، وانخفاض منسوب المياه بنهر النيل فرع رشيد، وارتفاع نسبة الأمونيا، والسدة الشتوية - أدت إلى نفوق الأسماك»، لافتاً إلى أن الآراء اختلفت حول سبب الأزمة، فالبعض يرى أنها ناتجة عن تسمم فى النيل، ومنهم من يقول: «بسبب ارتفاع نسبة الأمونيا والسدة الشتوية ومخلفات مصانع كفر الزيات والرهاوى بالجيزة»، والبعض الآخر يقول: «هناك يد خفية ألقت بمواد ضارة فى النيل». وأكد محمد حسنين، صياد بمركز كفر الزيات، أن «نسبة التلوث زادت بوجود الأقفاص السمكية فى النيل، لأن طعام أسماكها يأتى من مخلفات مزارع الدجاج ومن مخلفات محلات الدجاج وروث الحيوانات، وهذا السبب كفيل بتلوث النيل وموت الأسماك، بالإضافة إلى أن زيادة تلك الأقفاص قللت من نسبة الأكسجين فى المياه، ما تسبب فى اختناق الأسماك وخروجها على البر نافقة». وأضاف عامر حسنين، تاجر أسماك، أن هناك أشخاصاً من أصحاب الأقفاص السمكية يخرِجون الأسماك الميتة من الأقفاص استعداداً لتوزيعها على الأسواق خارج هذه المراكز رغم أن نسبة التسمم فى هذه الأسماك عالية جداً، وهو ما يشكل خطورة كبيرة على الصحة العامة. فيما أكد «محمد أ»، مهندس بمديرية الرى بالغربية، أن «السبب الحقيقى وراء تلك الكارثة البيئية هو مخلفات مصانع الكيماويات بكفر الزيات ومصنع الرهاوى بالجيزة»، لافتاً إلى أن بعض خبراء الثروة السمكية أكدوا زيادة نسبة الأمونيا والرصاص فى مياه النيل فرع رشيد خلال أيام السدة الشتوية، وهو ما يؤدى إلى إصابة الأسماك بالتسمم، مبيناً أن «نفوق الأسماك يتكرر كل عام بنفس الصورة دون تدخل من أحد لحل طلاسم هذا اللغز، ولم يتوقف الأمر على نفوق الأسماك فحسب بل تسببت هذه الأزمة فى ارتفاع نسبة أمراض الفشل الكلوى والكبدى بين المواطنين». كما تعرضت محافظة كفر الشيخ لنفس المشكلة، حيث نفقت مئات الأطنان من الأسماك فى نهر النيل فرع رشيد، أمام مراكز دسوق وفوه ومطوبس، وحاولت وزارة الموارد المائية والرى التغلب على المشكلة بفتح قناطر إدفينا، بحسب تصريحات محمد عبدالعليم داود، وكيل مجلس الشعب المنحل، الذى أكد أن وزير الإسكان إبراهيم محلب استجاب لطلبه، لبحث تفاقم أزمة تلوث مياه النيل بفرع رشيد، وخطورتها على الصحة العامة، وأن هناك فريقاً من المتخصصين والخبراء لأخذ عينات من محطة منشأة أبوعلى بدسوق وفوه. مجدى مرعى، عضو الاتحاد التعاونى للثروة السمكية، قال إن «تلوث المياه أدى لنفوق مئات الأطنان من الأسماك بالأقفاص السمكية المخالفة، التى تغطى مساحات كبيرة من المسطح المائى لفرع نهر النيل»، فيما أكدت صفاء فهمى، مدير حماية النيل بدسوق، تحرير عشرات المخالفات لأصحاب تلك الأقفاص، مشيرة إلى أنه تم حل المشكلة، وأن نوعية المياه قد تحسنت، بحسب قولها، وهو ما نفاه الصيادون، الذين نظموا عدة وقفات احتجاجية بدسوق وشبراخيت بمحافظة البحيرة. وسادت حالة من الرعب بين مواطنى تلك المناطق بسبب أزمة تلوث مياه الشرب، ولجوء البعض إلى المياه المعدنية التى لاقى سوقها رواجاً، فى حين أكد المهندس محمد مفتاح، رئيس مجلس إدارة شركة مياه الشرب بكفر الشيخ، صلاحية المياه بالمحطات، مشيراً إلى قيام الشركة بغسيل المرشحات كل أربع ساعات لمواجهة أى تلوث. وأضاف أحمد نصار، نقيب الصيادين بكفر الشيخ، أن السبب الرئيسى وراء نفوق هذه الكميات الهائلة من الأسماك قيام مصانع كفر الزيات والجيزة بصرف مخلفاتها فى النهر، إلى جانب ردم النيل بالقمامة التى تحتوى على المخلفات العضوية التى تهدد الثروة السمكية، مطالباً رئيس مجلس الوزراء بالتدخل الفورى لحماية نهر النيل، وسرعة التشديد من قبل مباحث التموين والرقابة الصحية والحجر البيطرى وجميع الأجهزة المعنية لمنع تسرب تلك الأسماك الملوثة إلى الأسواق. من جانبه، أصدر المستشار محمد عزت عجوة، محافظ كفر الشيخ، تعليماته بتشكيل لجنة لمعاينة الأسماك النافقة لكشف السبب الرئيسى وراء نفوقها، وتعويض الصيادين المتضررين من التلوث، فى حين لم يتم حتى الآن خروج بيان رسمى بالسبب فى عملية التلوث فى ظل تعرض آلاف أسر الصيادين للتشرد. وصرح مصدر بمديرية الرى، رفض ذكر اسمه، بأن مشكلة التلوث سببها مصانع الأسمدة فى الجيزة ومصانع المبيدات بكفر الزيات حتى مطوبس، فالمشكلة عامة لتلوث نهر النيل، والأسماك التى نفقت لنقص الأكسجين فى المياه. وفى البحيرة، أعلنت نقابة الصيادين عن تنظيم وقفة احتجاجية، مؤكدة أن تلوث المياه امتد إلى الترع والمصارف الجانبية، ليهدر مئات الأطنان من الأسماك يومياً. وأكد عيد ظريف، المستشار الإعلامى لنقابة الصيادين، أن ما يلاقيه الصيادون من إهمال واضطهاد من مسئولى الدولة يدفعهم للموت داخل مراكبهم دون شعور أحد بهم، مؤكداً أن إهمال المسئولين بالدولة سيكون هو السبب الأول فى اختفاء الثروة السمكية بمصر. وكشف عبدالقادر خليف، أمين المنظمة الوطنية المتحدة لحقوق الإنسان بالبحيرة، عن تقرير المنظمة الذى أفاد بأن حجم التلوث البحرى امتد فى محافظة البحيرة ليصل إلى منطقة خليج أبوقير وبحيرة إدكو، حيث تقوم شركتا راكتا للورق وأبوقير للأسمدة، وغيرهما من الشركات، بإلقاء مخلفات المصانع الكيماوية الملوثة بالمياه.