تعوّد على تلقى الصدمات، فلم تعد تؤثر فيه وصارت لديه مناعة ضدها، لدرجة أنها أصبحت جزءاً مهماً من طبيعته، فبات خبيراً فى التعامل معها، وأصبح الرجل القوى الذى يعرف كيف ينتصر فى معاركه، كبيرة كانت أو صغيرة. لم يتأثر حسن حمدى عند صدور قرار حل مجلس إدارته، ولم يخرج بأى تصريحات عنترية، ولم يملأ الدنيا صراخاً وعويلاً، بقى صامتاً وتحرك بهدوء غطى قوته، فعاد بعد ساعات قليلة إلى منصبه، تاركاً أحد رجال الحكومة المصرية يواجه مصيره. بالتأكيد قليلون هم من ترسم لهم الحياة مصيرهم ويبدو معروفاً للجميع، منذ أن جلس للمرة الأولى داخل غرفة مجلس إدارة النادى الأهلى عام 1992 وعاد مجدداً للمجلس فى 1996، والكل يعلم أن «وزير الدفاع» المقرب من قلب المايسترو هو من سيصل لسدة الحكم فى النادى الأهلى، وبالفعل تولى «حمدى» المسئولية خلفاً لصالح سليم، وكانت بداية ولايته أسطورية، ففاز فريق الكرة على الزمالك بسداسية شهيرة بعد توليه المسئولية بعشرة أيام فقط، عززت مكانته فى قلوب الجماهير، إلا أنه سرعان ما توالت الأزمات الواحدة تلو الأخرى؛ فما بين إخفاق فريق الكرة لثلاث سنوات متوالية، والحرب الضروس التى شنتها المعارضة ضده، سارت سفينة الأهلى تحت قيادته. لم يهتز الرجل الهادئ وسار فى طريقه على درب سلفه، لينجح فى الفوز بثقة الأهلاوية ويتم انتخابه رئيساً للأهلى فى ديسمبر 2004، وتبدأ معه انتفاضة القلعة الحمراء، تلك التى نقلت الأهلى من «المحلية» إلى «العالمية»، وبدأت حقبة ذهبية للنادى الأهلى فى جميع البطولات ونجاحات ليس لها مثيل أثارت أحقاد الكثيرين. وفى خضم هذه الأحداث لم يكن الطريق مفروشاً بالورود، فالرجل الذى أحبته جماهير الأهلى من عشقها فى صالح سليم وثقة المايسترو فيه، جاءت إنجازاته المدوية لتزيد من مقدار هذا الحب، إلا أن الخصوم كانوا لحسن حمدى بالمرصاد؛ فمن تشكيك فى قدرته على الإدارة، إلى التأكيد على انقسام المجلس وأن حرباً باردة تدور بينه وبين محمود الخطيب، واستجوابات فى البرلمان بدعوى إهدار المال العام. صمد الرجل وكان له ما أراد فى عام 2009، عندما تم إعادة انتخابه مجدداً، وضمن البقاء حتى عام 2013، وكانت السنوات الأربع الأخيرة هى الأكثر صخباً فى تاريخ حسن حمدى. 42 عاماً متصلة قضاها محمد إسماعيل الشهير، بحسن حمدى، لاعباً ثم مديراً للكرة ثم عضو مجلس إدارة ثم وكيلاً للنادى ثم نائباً للرئيس ثم رئيساً، سنوات طوال كانت أقساها الأربع الأخيرة، تلك السنوات التى نهشت فى سمعة ومسيرة الرجل الأطول جلوساً على كرسى الرئاسة الأحمر طوال أحد عشر عاماً متصلة، فمع بداية صعود جماعات «الألتراس» لم يعد الرجل محصناً، فكانت قراراته تنتقد علناً، وكانت مواقفه يتم النيل منها فى المدرجات، ومرت الأيام وازدادت الضغوط على «حمدى»، فعقب ثورة 25 يناير ورد اسمه فى العديد من التحقيقات التى لم تثبت إدانته حتى الآن، واستغل البعض «مذبحة بورسعيد» لزيادة الضغط، وبعدما تولى العامرى فاروق وزارة الرياضة بدأت المسامير تسلك طريقها إلى نعش مجلس «حمدى»، إلا أنه حارب متمسكاً بأمل إلغاء بند الثمانى سنوات ويستمر فى القلعة الحمراء، وبالفعل خرج العامرى فاروق من الوزارة مع سقوط حكم الإخوان، وجاء طاهر أبوزيد وزيراً للرياضة، لتستمر المعركة مع واحد من أكبر أقطاب المعارضة، الذى ظن البعض أنه أطلق رصاصة الرحمة على مجلس «حمدى» صباح الثامن عشر من يناير 2014، حيت ارتدت عليه تلك الرصاصة لتهدد بقاءه على كرسى الوزارة.