افتتحت هالة السعيد وزيرة التخطيط والمتابعة والإصلاح الإداري، اليوم، المؤتمر الإقليمي "التعليم بالوطن العربي في الألفية الثالثة" والمنعقد تحت رعاية مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء، وينظمه معهد التخطيط القومي الذراع البحثية لوزارة التخطيط على مدار يومي 16، 17 من فبراير 2019. يأتي ذلك بحضور وزيري التربية والتعليم والتعليم العالي والبحث العلمي وبمشاركة ممثلي المنظمات العربية والمؤسسات العلمية والبحثية. ومن جانبها أشارت "السعيد"، إلى أن المؤتمر يناقش أحد أهم القضايا التي تشغل اهتمام الحكومات والشعوب، لتجسد الواقع العربي وتحدياته، وتشكّل ملامح المستقبل الذي نسعى ونأمل أن يكون أكثر ازدهاراً للأجيال المقبلة وهي قضية التعليم. وأضافت "السعيد"، أن قضية التعليم تعد قضية عالمية لا يقتصر الاهتمام بها على العالم العربي فقط حيث يمثل التعليم والنهوض به الشغل الشاغل للعالم اجمع باعتباره حجر الزاوية لأي جهود مطلوبة لتحقيق التنمية المستدامة وأوضحت أن العلاقة الوثيقة بين التعليم والنمو الاقتصادي والتنمية أكدتها الاسهامات العلمية المتراكمة للباحثين والمهتمين بقضايا التنمية منذ عقود، مشيرة إلى أنه كان هناك إجماعاً على أن التعليم لا يقتصر تأثيره فقط على حجم المساهمة في النشاط الاقتصادي بل يمتد تأثيره أيضًا الى نوعية هذه المساهمة ودورها في زيادة الإنتاجية. ولفتت إلى أن الجهود الأممية لتحقيق التنمية المستدامة كانت أولت اهتماماً كبيراً بالتعليم ليأتي الهدف الرابع من خطة "التنمية المستدامة 2030" حول "ضمان التعليم الجيد والمنصف والشامل للجميع وتعزيز فرص التعلم مدى الحياة"؛ بما يعكس الحرص والاهتمام العالمي بتبني أجندة تنموية شاملة، خاصة وأن تحقيق هذا الهدف يستدعي مناقشة كثير من قضايا التعليم وعلاقتها بالأبعاد الثلاثة للتنمية المستدامة: الاقتصادي والاجتماعي والبيئي. وعن الوضع في العالم العربي، أشارت إلى أنه رغم الجهود الحثيثة للدول العربية للارتقاء بمستوى التعليم بما يتلاءم مع متطلبات التنمية، إلا إن العائد لم يرتق بعد لقدر الاحتياجات والتطلعات، حيث لا تزال منظومة التعليم في الوطن العربي بمستوياتها وعناصرها المختلفة تعاني العديد من التحديات. وأشارت إلى أن المؤتمر الإقليمي حول "التعليم في الوطن العربي في الألفية الثالثة" يأتي ليمثل حدثاً شديد الأهمية، يتناول مناقشة قضايا التعليم وتحدياته للوقوف على السياسات والبرامج ومراجعة ما تم الوصول إليه من نتائج لتحديد بدقة الأدوار المطلوبة لرسم خارطة طريق بهدف تعظيم الاستفادة من رأس المال البشري العربي وزيادة قدراته التنافسية عالمياً باعتباره يمثل الثروة الحقيقية والركيزة الأساسية لجهود تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة للدول العربية. وأضافت وزيرة التخطيط، أن المجتمع العربي يتميز بكونه مجتمع شاب، ترتفع فيه نسبة السكان دون عمر 30 عاماً الى نحو 60%، وتبلغ نسبة من هم في الفئة العمرية 15-29 عاماً نحو 30% من السكان الأمر الذي يفرض العديد من التحديات تتمثل أبرزها في الحاجة لتحقيق النمو المستدام اللازم لخلق فرص العمل ومواجهة البطالة والتي بلغت نسبتها في الدول العربية نحو 15% في عام 2017، بما يتجاوز ضعف المعدل العالمي (البالغ 5.7%) في حين بلغ معدل البطالة بين الشباب في الدول العربية نحو 29% وأوضحت أنه يمثل المعدل الأعلى في العالم حيث يزداد الامر سوءاً فيما يتعلق بنسبة البطالة بين الشابات في الدول العربية لتبلغ نسبة 48% وهي الأعلى في العالم. وتابعت "السعيد"، أن التقديرات تشير كذلك الى أن خسائر الدول العربية من جراء ارتفاع معدلات البطالة بين الشباب تقدر ما بين 40 إلى 50 مليار دولار سنوياً. وأكدت "السعيد" أن تلك التحديات لا تفرض فقط الاهتمام بزيادة الانفاق على التعليم، بل الأهم هو زيادة فعالية هذا الإنفاق لدعم مؤشرات اقتصاد المعرفة وخلق أجيال جديدة قادرة على المنافسة في سوق العمل مع التركيز على دعم برامج ريادة الاعمال وتشجيع ثقافة العمر الحر بين الشباب وتنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر في كافة الدول العربية. وأضافت "السعيد"، أنه في ظل التطور التكنولوجي المتسارع، يأتي التحدي الأكبر والذي يتمثل في إمكانية توفير التعليم للجميع كتعليم قائم على تنمية المهارات، وتعزيز الابتكار. وأشارت إلى أن ربط النظام التعليمي ومناهجه ومحتوى أنشطته بتنمية المجتمع يعد أحد المتطلبات الضرورية لخلق خبرات تعليمية منتجة وفاعلة مما يستلزم تشجيع الطلاب على إيجاد حلول مبتكرة للمشكلات التنموية الموجودة بالفعل بمجتمعاتهم المحلية، والانطلاق بعدها إلى العالم الخارجي للمشاركة في إيجاد حلول للمشكلات العالمية. ولفتت إلى أنه لم يَعُد من المفيد التمسك بالتخصصات الدقيقة التي تعطي حاملها معارف في مجال واحد لا يمكنه الربط بينه وبين التخصصات الأخرى خاصة في ظل التطور السريع في العلوم والتأثيرات المتبادلة بين المعارف المختلفة، وتابعت أن التطورات المتلاحقة تتطلب ثورة في التعليم والتحول السريع إلى مجتمع المعرفة، من خلال نظم اجتماعية داعمة تتضمن دوراً فعالاً للمعلم والمجتمع وبيئة التعلم، بما يُخرّج قادة للمستقبل مستوعبين تطورات العصر، قادرين على وضع وتنفيذ سياسات التنمية المستدامة بكافة أبعادها، واتخاذ القرارات الداعمة لاستدامة التنمية للأجيال القادمة وبينت أنه مع التقدم التكنولوجي والتقني الكبير وتزايد الاستعانة بالذكاء الاصطناعي وتطبيقاته والرقمنة، أصبح هناك العديد من المهن غير مطلوب بشكله التقليدي، في المقابل استحدثت العديد من المهن التي لم تكن موجودة من قبل. وأكدت وزيرة التخطيط، أن الاهتمام بالتعليم يأتي كأولوية قصوى للدولة المصرية، وذلك في إطار توجه أعم وأشمل حددته الحكومة بتوجيه وتكليف من رئيس الجمهورية، بالتوسع في الاستثمار في البشر، وتحقيق الهدف الاستراتيجي وهو بناء الانسان المصري، والذي يأتي في مقدمة الأولويات، وفي القلب من توجه الدولة المصرية ورؤيتها لتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة. وأكدت "السعيد، النظرة والمفهوم الشامل الذي تتبناه الدولة المصرية في هذا مجال بناء الانسان والاستثمار في البشر، لافتة إلى سعى الدولة لبناء الانسان المصري من كل الجوانب سواء في التعليم أو الصحة أو الثقافة أو الرياضة، هدفاً لتكوين وبناء شخصية مصرية قادرة على التعامل الإيجابي مع المستجدات المحلية والدولية. وأوضحت أن برنامج عمل الحكومة يتضمن استراتيجيةً شاملةً لتطوير التعليم سواء العام أو الفني بهدف تحسين جودة النظام التعليمي بما يتوافق مع النظم العالمية، والعمل كذلك على إتاحة التعليم للجميع، وتحسين تنافسية نظم ومخرجات عملية التعليم لتلائم متطلبات سوق العمل، مشيرة إلى أن استراتيجية الدولة لتطوير التعليم تشمل كافة جوانب العملية التعليمية من تأهيل المدارس وتطوير المناهج ونظم التقييم، وكذلك ما يتعلق بتطوير البنية التكنولوجية في التعليم العام والفني وأوضحت "السعيد"، أن برنامج عمل الحكومة للسنوات الأربع (2018-2022) حدد عدداً من البرامج الرئيسية والفرعية لتطوير منظومة التعليم قبل الجامعي، وذلك من خلال التوسع في تدريب وتطوير قدرات القيادات التعليمية في مختلف المستويات الوظيفية، مشيرة أنه تم بالفعل تدريب 164 ألف معلم بالصفوف الأولى على نظام التعليم الجديد، وذلك في النصف الأول من العام الجاري 18/2019، بما يفوق العدد المستهدف خلال العام وهو 107.4 ألف معلم إضافة إلى تدريب 221.5 ألف معلم ضمن مشروع " المعلمون أولاً" من اجمالي مستهدف خلال العام 500 ألف معلم إلي جانب تدريب 79.6 الف متدرب من خلال برامج التدريب الصناعي الذي تتعاون في تنفيذه عدد من الوزارات المصرية وفيما يتعلق ببرنامج إتاحة التعليم للجميع دون تمييز، أوضحت "السعيد"، أنه يشمل التوسع في إنشاء المدارس التكنولوجية التطبيقية حيث شهد النصف الأول من العام الجاري إنشاء 3 مدارس من اجمالي مستهدف 185مدرسة خلال العام 18/2019 ليتضمن البرنامج كذلك دعم وتشجيع الشراكات مع القطاع الخاص (PPP) في التعليم والتدريب المزدوج وإنشاء مدارس داخل المصانع والمزارع حيث تم خلال النصف الأول من العام عقد 8 شراكات من اجمالي مستهدف 50 شراكة الى جانب إنشاء نوادي ابتكار FABLAB في المحافظات ولفتت الوزيرة، إلى إنشاء 2 نادي خلال النصف الأول من اجمالي مستهدف 14 نادي خلال العام المالي 18/2019، متابعة أن برنامج عمل الحكومة يتضمن في مجال التعليم العالي عدداً من البرامج الرئيسية والفرعية أهمها برنامج تطوير التعليم الفني التطبيقي، شهد النصف الأول من العام الجاري تطوير 4 معاهد فنية ومن ناحية أخرى يجرى العمل على تنفيذ مستهدفات برنامج عمل الحكومة 18/2022 بإنشاء 8 جامعات تكنولوجية. وأكدت وزيرة التخطيط في كلمتها أن الدولة تعمل على زيادة الاستثمارات العامة الموجهة لقطاع التعليم، والتي بلغت في العام المالي الجاري 18/2019 نحو 28.9 مليار جنيه بنسبة 7% من اجمالي الاستثمارات العامة خلال العام، مقارنة ب 26,4 مليار جنيه في العام السابق (17/2018) بنسبة زيادة قدرها 10%، موضحة أن النصف الأول من العام الجاري شهد الانتهاء من تنفيذ عدد كبير من المشروعات الاستثمارية في قطاع التعليم تضمنت الانتهاء من تطوير وتوسعة 296 مدرسة بإجمالي عدد فصول 4639 فصل، بإجمالي تكلفة 1.87 مليار جنيه. وقالت السعيد :"لدينا القناعة بأن النظام التعليمي الجيد ربما يكون "الثمرة" من جهود التنمية الاقتصادية، وفي الوقت ذاته لدينا يقين تام بأن التعليم هو ايضاً "البذرة" اللازمة لتحقيق التنمية" متابعة أن تلك العلاقة المتبادلة والوثيقة تدفع لبذل مزيد من الجهد والسعي للارتقاء بمستوى التعليم في الدول العربية ولفتت السعيد إلي أن مشاركة كلُ من المعهد العربي للتخطيط بالكويت، وجامعة الدول العربية، والمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم(ألكسو)، ومعهد التخطيط القومي، في تنظيم هذا المؤتمر الإقليمي تعد خير دافع ودليل على الاهتمام الواعي بأهمية التعليم ودوره في تحقيق أفضل مستويات الإنجاز في التنمية البشرية، ووضع رأس المال البشري العربي في المكانة التي يستحقها مشيرة إلي ضرورة اغتنام فرصة انطلاق المؤتمر لتبادل الآراء والخبرات، وتقديم الرؤى والبدائل المناسبة لصانعى السياسات ومتخذي القرارات بما يسهم في انطلاق البلدان العربية نحو مجتمعات المعرفة، التي تساهم في دعم وتحقيق أهداف التنمية المستدامة التي تلبي تطلعات الشعوب العربية.