انتهاء موعد التنازل عن الترشح لانتخابات مجلس الشيوخ    اتمسك بحقك    تراجع معظم أسواق الخليج بفعل مخاوف من رسوم ترامب    أحمد الشرع يتسلم التقرير النهائي للجنة التحقيق بأحداث الساحل السوري    خبير اقتصادي: العلاقات الاقتصادية بين مصر والسعودية تجسد وحدة المصير المشترك    فجوات التفاوض.. التهدئة المؤقتة أم الحل الدائم فى غزة    الإعصار "ويفا" يحل بمقاطعة جنوبي الصين بعدما ضرب هونج كونج    «أجراس القلعة مستمرة».. الزمالك يمهد للإعلان عن صفقة جديدة (فيديو)    الماس والذهب والفضة والكنز الكروى المدفون !!    موعد نتيجة الثانوية العامة 2025    النيابة العامة تقرر إنهاء إدراج بعض الأشخاص بقوائم الإرهاب    كان رايح يدفنها فمات جنبها.. قصة شاب لحق بوالدته في جنازة أبكت بني سويف    ياسمين عز تُعلّق على طلاق كريم محمود عبدالعزيز: «ما محدش جاب سيرة جوزك.. مانجيبش سيرة كريم» (فيديو)    هل ملامسة القطط أو الكلاب تنقض الوضوء؟.. أمينة الفتوى تجيب    مهرجان العلمين يتصدر صيف 2025 بحفلات ضخمة ونجوم كبار    محمود بسيوني: تحسن تصنيف السفر إلى مصر يعكس الاستقرار.. فيديو    درة تخطف الأنظار من أحدث ظهور.. والجمهور: "أميرة من ديزني"    أمين الفتوى: التقديم على شقق محدودي الدخل بغير وجه حق «حرام شرعاً»    "عبدالغفار" يترأس اجتماع مجلس إدارة الهيئة العامة للتأمين الصحي    الصحة: اعتماد 7 منشآت رعاية أولية من «GAHAR» ليصل العدد الإجمالي إلى 61 منشأة معتمدة    «الصحة»: «100 يوم صحة» تقدم أكثر من 7 ملايين خدمة طبية مجانية خلال 5 أيام    المستشار محمود فوزي: الدولة حريصة على رفع الوعي السياسي لدى الشباب    فوتبول إيطاليا: يوفنتوس يحدد سعر بيع تيموثي وياه    ليفربول يكتسح ستوك بخماسية خلف أبواب مغلقة.. واستبعاد لويس دياز    نجم ريال مدريد يحذر الإدارة من رحيل فينسيوس جونيور ورودريجو    «يتواجد في إسبانيا».. تفاصيل مفاوضات الأهلي للتعاقد مع يزن النعيمات    بعد ربط اسمها بوفاة إبراهيم شيكا.. وفاء عامر ترد على اتهامها بتجارة الأعضاء    نقيب أطباء مصر يتفقد أرض النقابة وموقع النادي بمدينة قنا الجديدة    هل ملامسة القطط أو الكلاب يتقض الوضوء؟.. أمينة الفتوى تجيب    محافظ أسوان يفاجئ مركز "صحة أول" ويوجه بدعم الأطقم الطبية وتشكيل فرق توعية    محافظة القاهرة: تجهيز وإعداد المقار الانتخابية استعدادًا ل«الشيوخ»    تشييع جثمان 3 فتيات شقيقات من كفر الشيخ تعرضن للغرق أثناء الاستحمام في حوض مزرعة بالبحيرة    خطوات التحويل الإلكتروني بين المدارس 2025 (الرابط والتفاصيل)    "مدبولي" يتابع ملفات عمل جهاز تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر    لوسيد تطلق سيارتها Air Grand Touring الجديدة ب5.4 مليون جنيه.. صور    مصر ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية وحركة 23 مارس    "قومي الطفولة" يقدم الدعم ل"طفل العسلية" في الغربية    شوبير يوضح الفارق بين إمام عاشور وأحمد فتوح في أزمة حفل راغب علامة    "لا مجاملات".. "مصراوي" يواجه أمين عام "الأعلى للثقافة" بشأن تشكيل اللجنة العليا للمجلس- حوار    ما يجب تناوله قبل التمرين لتعزيز الطاقة والأداء    سعر الريال القطرى اليوم الأحد 20 -7-2025.. آخر تحديث    مكتب نتنياهو: رئيس الوزراء يعاني من التهاب في الأمعاء    نائب محافظ الجيزة يبحث تطوير المنطقتين الصناعيتين بالصف وجرزا    وزير الصناعة والنقل يتفقد 3 مصانع كبرى في مدينة العبور بمحافظة القليوبية    مجلس الوزراء: "حياة كريمة" تُغير وجه القرى المصرية.. شرايين التنمية تنبض في محافظة الشرقية    مصرع سيدة سقطت من الطابق الثامن في الإسكندرية.. ونجليها: ألقت بنفسها    جنبلاط: أي دعوة لحماية دولية أو إسرائيلية تشّكل مسّاً بسيادة سوريا    نيويورك تايمز: روسيا حققت مكاسب كبيرة على الأرض فى أوكرانيا خلال يونيو    عاجل- السيسي يستقبل قائد القيادة المركزية الأمريكية بحضور وزير الدفاع المصري    بيراميدز يخوض تدريبات صباحية ومسائية فى معسكر تركيا ورفع الحمل البدني    سيدة تسقط جثة هامدة من عقار بالإسكندرية.. وأسرتها: تعاني الوسواس القهري    في ذكرى رحيله.. أبرز محطات حياة القارئ محمود علي البنا    قرار وزاري برد الجنسية المصرية ل21 مواطنًا    حكم استخدام شبكات الواى فاى بدون علم أصحابها.. دار الإفتاء تجيب    نتيجة الثانوية العامة 2025 بالاسم ورقم الجلوس.. رابط الاستعلام عبر موقع الوزارة (فور اعتمادها)    حكم قراءة الفاتحة للمأموم في الصلاة الجهرية؟.. أمين الفتوى يجيب    وزير الإسكان يتابع تطوير منظومة الصرف الصناعي بالعاشر من رمضان    دعاء الفجر | اللهم إني أسألك موجبات رحمتك وعزائم مغفرتك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



زمان وأنا صغير.. كنت عايز فانوس بشمعة
نشر في الوطن يوم 21 - 08 - 2012

أصوات الأذان ترتفع فى كل مكان.. نعم إنها العشاء، ما أجمل ذاك التناغم بين أصوات المؤذنين! نعم كم كنا على درب من الشوق إليك يا رمضان! آهٍ كم مرت أيام كان يجىء فيها رمضان فى فصل الشتاء تلك ذكريات الطفولة.. إنه الأذان، علىّ أن أسرع لتلبية النداء لبيت الله.
مر وقت كبير، وها أنا أخرج أنا وصغيرى ناصف من المسجد وهو يلح فى طلب فانوس رمضان، لأول مرة أنسى بهذا الشكل وأتأخر فى إحضاره له.. وسرعان ما اشتريت له واحدا وأخذ يتحرك به أمامى ويرقص ويغنى مع أغانى ذاك الفانوس.. فامتزجت بداخلى فرحته بذكرياتى عن رمضان.. مر أكثر من عقدين على تلك الذكريات لكنى ما زلت أذكرها كأنها منقوشة على جدران عقلى.. نعم أذكر أول فانوس أردت أن يشتريه لى أبى، حيث كنت صغيراً، أسرعت لأرتمى فى أحضانه حزينا وقلت له: «أبى أنا أريد فانوس رمضان ذاك الفانوس الملون بالشمعة البيضاء»، ابتسم أبى وأمى وقال أبى: «لا، لن أحضر لك ذاك الفانوس»، ضربت فى الأرض بقدمى ونظرت لأمى أرجوها أن تقنعه فابتسمت وقالت: «لم لن تأتى له بفانوس رمضان؟»، ابتسم هو الآخر وشدنى إلى صدره.. وقال: «من قال إنى لن أشترى فانوساً له؟».. نظر إلىّ وابتسم وأردف: «أنا لن أشترى ذاك الفانوس القديم.. أنا سأشترى له فانوسا يعمل بالبطارية وبه لمبة على شكل بوجى الذى يعشقه أحمد».
أذكر ذاك الفانوس جيداً، إنه ليس كما تبدو فوانيس اليوم ولكنه كان يومها شيئا جديدا وبالنسبة للأطفال يومها أجدد من الطائرات التى كنا نجرى وراء بعضنا كلما رأيناها تحلق فى السماء.. نعم إنها ذكريات جميلة. رمضان أكثر ارتباطاً فى طفولتى، إننى أذكر معه جدى خير، ذاك الرجل الصالح الذى لم يكن يشاهد فى التلفاز إلا نشرة الأخبار وكان طول اليوم يستمع للقرآن الكريم أو يقرأه، كان جدى محافظاً على صلاته ومثلا يحتذى فى الخير، كان يفعل كل شىء وكأن عمله امتداد من اسمه فهو كان خير الله الممدود للناس.. فإنى أذكر ذاك اليوم جيداً، وأنا صغير، حين حاولت أن أقلدهم فى الصيام ولم أفلح، كنت صغيراً ذا أربعة أعوام، ذهبت إلى جدى ودخلت داخل عباءته لأختبئ من جدتى حتى لا تجبرنى على تناول الطعام، لكنه أوقف قراءته للقرآن وأخرجنى وابتسم لى وسألنى لم أختبئ هنا، قلت: «يا جدى أنا أريد أن أصوم مثلك ومثل جدتى وأخوالى».. فابتسم لى
وقال: «يا أحمد، أنت صغير على الصوم وسيجىء يوم تصوم فيه مثلنا ولكن اليوم لا تتعب جدتك»، فقلت: «يا جدى، إنى صائم معكم.. فأنا لم أتناول طعاما منذ الصباح.. أشرب الماء فقط»! أشرق وجه جدى من الابتسام، وقال: «سأقول لك شيئا: هذا العام تدرب على الصيام حتى الظهر والعام القادم حتى العصر والعام بعد القادم صم معنا حتى المغرب ولكن يومها سنعلمك أشياء أخرى عن الصيام»، ابتسمت وقلت له: «نعم يا جدى سأفعل، ولكنى أريد أن أذهب معك إلى الجامع لأصلى معك»، ازدادت ابتسامات جدى وأومأ برأسه موافقاً، فجريت ناحية جدتى لتطعمنى وعاد جدى لقراءة القرآن.. وفجأة قطع «ناصف» سيل الذكريات التى ملكت علىّ كيانى، وقال: «أبى، هل ستشترى فانوسا لأمى هى الأخرى؟».. ابتسمت له وقلت: «ومن قال لك ذاك؟ أعتقد أنها أمك»، أومأ برأسه فعلمت أنها هى فرجعنا إلى المحل لأشترى لها واحداً على شكل قلب.. لا أعلم كيف يكون فانوس لرمضان على شكل قلب.. إنها الصناعة الصينية تفعل أى شىء لتغزو الأسواق وتملكها.. تحركت لأعود إلى البيت أنا وناصف وسرعان ما عاد سيل الذكريات يهاجمنى فى تلك الضحكات واللعب حولى من كل الأطفال ومن ناصف.. عادت بى إلى طفولتى، فى أحد أيام رمضان كنت أحاول أن أكسر التمر مع جدتى لكنه كان صعب الكسر، كنت أحاول حتى إنى كدت أن أجرح أصابعى فحاولت أن تمنعنى جدتى كثيراً خوفاً علىّ، إلى أن طلبت منى أن أترك ذاك كله وأطلع إلى غرفة خالى محمد لأجلس معه إلى أن يحين الإفطار فطلعت وفتحت الباب فوجدت خالى نائما، فلم أحاول إيقاظه وتركته وصعدت على السرير لأصل إلى مكتبته بجوار السرير، التى كانت مملوءة بروايات الجيب التى انتشرت فى تلك الأيام بين الشباب، أخذت أقرب الروايات ليدى ثم تحركت على السرير إلى أن أصبحت قريباً من مكتبه، فأخذت قلما وجلست على السرير بجواره أحاول أن أرسم تلك الصور فى الرواية، أحاول وأفشل.. أحاول وأفشل إلى أن استيقظ خالى فجأة وقال: «يا أحمد، هل المغرب أذن؟»، قلت له: «يا خالى، لم يؤذن».. وسرعان ما نهض من على السرير، وفجأة صرخ بكل ما أوتى من قوة وقال: «ماذا تفعل؟ أنت دمرت الرواية! حرام عليك، ألم تجد إلا تلك الرواية؟.. ماذا أفعل فيك؟ إنى لم أقرأها بعد»، ابتسمت له وقلت: «يا خالى محمد، أنا أرسم الصور»، فنظر لى بيأس وقال لى: «ألم تجد إلا ذاك القلم الجاف لتبدع به يا صغيرى؟ لمَ لم تأخذ القلم الرصاص حتى كنت محوته بممحاة؟»، تنهد لفترة ثم قال: «استمر بالرسم، ولكن لا تأخذ أى قصص أخرى».. ابتسمت له.. فابتسم لى ووضع يده على رأسى.. كم رسمت تلك الذكرى على وجهى بسمات سرعان ما أثارت زوجتى جهاد التى أخرجتنى من هيام ذكرياتى مع طفولتى ورمضان.. فجذبتنى جهاد لها وقالت: «كم جميل يا حبيبى أن تتذكرنى بفانوس رمضان وترسم كل تلك البسمات فى وجهى لكى تقول أحبك!»، ابتسمت لها من فرط سيل الضحكات التى بداخلى التى أقتلها حتى لا تظهر على وجهى وأنا أسرد مع نفسى أنى كنت هناك أيام زمان، وأنا لولا ناصف ذكرنى كنت سأقتل اليوم فعلاً.. فابتسمت لها وقلت: «إن فانوسك يا عزيزتى أهم شىء يشغل بالى حتى تكونى سعيدة مثل ذاك...».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.