تتسع أرض الشهرة لتضم صنفين من الناس؛ الأول يسرق العيون ويسكن فى القمة، ويجنى أموالا بلا حد، أما الصنف الثانى فيسكن على الهامش، رغم أنه يمتلك رصيدا كبيرا من الموهبة، ولديه قدرة على اختراق الجمهور. ولا يخلو فيلم سينمائى أو مسلسل تليفزيونى من نجوم الهامش، الذين تملأ شهرتهم الدنيا، لكن الحظ يتخلى عنهم دائما، فلا يحصلون على أجور عادلة، ولا تطاردهم عدسات الكاميرات، وعندما تتآمر عليهم الظروف ويعرف المرض الطريق إليهم يحبسون أنفسهم خلف جدران بلا عنوان، ويفضلون الهروب والاختفاء بدلا من المواجهة فى زمن الاغتراب. أحمد فؤاد سليم: راضٍ عن حالى.. وإصابة ابنى بالعمى محنتى فى الحياة من يتأمل أعمال أحمد فؤاد سليم يكتشف أنه فنان جاد لديه مبادئ يحاول الحفاظ عليها، ويسعى جاهدا لتقديم أعمال تحتوى على قيم ورسائل ذات مغزى، وبالرغم من براعة أحمد فؤاد سليم على شاشة السينما وخشبة المسرح والدراما التليفزيونية، فإن كل محبيه يشعرون أن الرجل لم يأخذ حتى هذه اللحظة فرصته بشكل كامل. وهو يشارك هذا العام فى عملين؛ الأول دور كبير أمام يحيى الفخرانى فى مسلسل «الخواجة عبدالقادر»، والثانى دور رجل أمن فى مسلسل «باب الخلق» لمحمود عبدالعزيز. عن مشواره الفنى وهل يشعر بالرضا عن حاله، قال أحمد فؤاد سليم: «الحمد لله، أشعر بالرضا عن نفسى، صحيح أننى لم أقدم كل ما تمنيت، ولكنى نجحت فى تقديم أعمال تتفق مع الحد الأدنى من قناعاتى، ولا تنسَ أن المناخ صعب جداً والبحث عن فرصة تحقق من خلالها كل أفكارك شىء مستحيل، لذا أشعر بالرضا عن موقعى وعن أجرى». وبسؤاله عن المحنة التى تعرض لها وأثرت عليه قال: «بأمانة شديدة تعرضت لمحنة كبيرة بسبب ابنى الذى كان يعانى من الإصابة بمرض السكر، وشاءت الأقدار أن يدخل غرفة العمليات لإزالة تجمعات دموية فى عينيه، وبكل أسف رغم أن الطبيب الذى أجرى لابنى هذه الجراحة دكتور كبير وشهير، فإنه أهمل فى حالة ابنى ولم يضع له مادة تساعد على توقف النزيف، وظل ابنى لأنه مريض سكر ينزف، والدكتور لا يدرى، وكانت النتيجة هى إصابته بالعمى، وهذا أثر تأثيرا بالغاً على مستقبله، وإذا تأملت هذه الحادثة سوف تجدها نتيجة طبيعية لمناخ مهموم ومهووس بالفلوس، ويسيطر عليه الجهل، وآخر شىء تفكر فيه هو الإنسان». ويضيف: «كان لهذا الحادث أثر صادم وعنيف، ويكفى أننى كلما نظرت إلى ابنى أشعر بالألم والحسرة، ولكنه قضاء الله الذى لا نملك إلا الدعاء باللطف فيه، فأنا مؤمن بالله الرحمن الرحيم». وعن لحظات الإحباط فى حياته، قال: «قبل أحداث ثورة 25 يناير كنت أشعر أن الإحباط جزء منى، كنت شأن كل الناس أخاف من التعبير عن رأيى، فقد كان الثمن غالياً، والحقيقة أن أحداث الثورة التى أطاحت بنظام مبارك غيرت شكل الحياة، وجعلت الدنيا أكثر جمالاً وأكثر رحابة». «صحيح لسه بدرى علينا فى ممارسة الديمقراطية، لكنى متفائل لأن قطار الحرية غادر المحطة ولن يعود إليها مرة ثانية، ومهما طال الزمن أو قصر فسوف تتغير الصورة ويعود الاستقرار، ولكن حتى يحدث الاستقرار بشكل سليم يجب على كل إنسان أن يدرك جيداً أن الحرية التزام وليست تعدياً على حقوق الآخر». وعن تأثير الفن فى المشهد السياسى، قال: «الفن لسان حال المجتمع، يعبر عن آلام وأحلام الناس، والفن الجاد هو الذى يغير من حال الأفراد ويرتقى بسلوكهم، والأفراد هم الذين يبنون المجتمعات، أقصد من كلامى أن الفن له تأثير شديد على الواقع، ودليل ذلك ما حدث فى «ميدان التحرير»، حيث كان هناك كل أنواع الفنون من تمثيل وغناء ورسم كاريكاتير، باختصار الفن يحدث نوعا من التعويض لدى الإنسان». صبرى عبدالمنعم: الفن حياتى.. وأتحدى السرطان منذ 12 عاماً لم يقدم صبرى عبدالمنعم تنازلات تخرجه من حسابات الجمهور، ورغم عطائه الطويل، دائماً ما يأتى على هامش الأضواء الصاخبة وضجيج برامج الفضائيات، ويفرض على نفسه حصاراً من العزلة، ولا يخرج من بيته إلا للعمل، ومؤخراً تردد أن حالته الصحية تدهورت، وأنه يمر بظروف بالغة الصعوبة، وللوقوف على الحقيقة كان هذا اللقاء: عن حالته الصحية قال صبرى عبدالمنعم: «الحمد لله أنا كويس جداً، فقد أصابنى مرض السرطان منذ 12 عاماً وأدركت بخبرة الأيام وحكمة العمر أن أفضل علاج لكل الأمراض والآلام والفقر، هو الترفع عن التفكير فيها والانشغال بها، وباختصار جعلت إرادة الإنسان تهزم المرض وتمسكت بالأمل فى الحياة، والحمد لله أننى عايش حتى الآن، وسأظل أحلم حتى أفارق الحياة». وواصل كلامه قائلاً: «لم تكن محنة الإصابة بالسرطان هى الأولى التى تعرضت لها، حيث كانت هناك محنة أخرى خطيرة، وهى فقدان الرؤية تماماً بالعين اليسرى، وقد عانيت جداً حتى أتعامل مع هذا الأمر، فيا له من إحساس مؤلم أن تعيش بعين ترى الأشياء، وأخرى تسبح فى بحر من العتمة». وحول الإحساس بالرضا عن مشواره الفنى، قال: «أنا ابن الحلم الناصرى، خرجت وأبناء جيلى وكلنا أمل فى الغد، والتحقت بمعهد الفنون المسرحية، ونجحنا فى تقديم فن راقٍ ينهض بوعى المتلقى ويصحح الأوضاع الخاطئة، والحمد لله أشعر بالرضا عن مشوارى الفنى، وبشأن العامل المادى فأنا والحمد لله مستور جداً، ولكنى دائماً أرى أن الستر النفسى أهم من الستر المادى، وأقصد بالستر النفسى الإحساس بالقناعة، فعلى الإنسان أن يبذل كل ما فى وسعه لإدراك النجاح، لكنه مطالب بالرضا بما قسمه الله، وهذا معنى القناعة». وعن مقومات النجومية فى الوقت الحالى، قال: «بكل تأكيد كل شىء تغير وتبدل، فى هذا الوقت أصبح النجم هو كل شىء، وهو الذى يتحكم فى تفاصيل العمل، لكن فى الماضى كان المخرج والمؤلف والممثل فى صف واحد، والكل همه الأول والأخير هو صالح العمل، وتقديم موضوعات يحترمها الجمهور بعيدة عن الفكر التجارى». وبشأن تصنيفه كممثل تليفزيونى، قال: «قدمت أعمالاً جيدة على شاشة السينما، لكن بصراحة شديدة أدركت أن التليفزيون هو الأفضل لأنه وسيلة سريعة للانتشار، والمسلسل التليفزيونى يدخل كل بيت، وقد مرت الأيام وصدقت رؤيتى، فقد أصبح التليفزيون الآن رقم واحد، وخاصة أن السينما باتت تعانى من مشاكل مزمنة بسبب كساد عملية الإنتاج، وإذا تأملت الوضع الإنسانى سوف تكتشف أن نجوم السينما هجروا الآن إلى التليفزيون أمثال عادل إمام وأحمد السقا وكريم عبدالعزيز، فالتليفزيون جهاز ساحر، كما أن الأعمال التليفزيونية أصبحت خالدة مثل الأفلام بعد تعدد القنوات الفضائية وانتشارها». وعن مشروعاته الفنية، قال: «أنتظر عرض فيلم «بعد الطوفان» بطولة أحمد عزمى وحنان مطاوع، وأجسد فيه دور سجين يستقبل مسئولاً كبيراً بعدما أطاحت به ثورة يناير، وسعيد بظهورى فى مسلسل «نابليون بونابرت» مع المخرج شوقى الماجرى، حيث أقوم فى هذا العمل الضخم بدور الشيخ منصور الذى يقود الثوار ضد نابليون بونابرت فى ثورة القاهرة الأولى، كما أننى شاركت فى مسلسل «فيرتيجو»، ومسلسل «النار والطين»، وأملى أن تكون أعمالى دائما عند حسن ظن الجمهور والنقاد». شعبان حسين: حرام.. فيه ناس أجورها بالملايين وناس أجورها بالملاليم يشارك شعبان حسين فى عدد من الأعمال الفنية المهمة هذا العام، منها: «الخواجة عبدالقادر» و«عرفة البحر» و«شربات لوز»، وهو سعيد بأن يلتقى مع جمهوره بشكل دائم فى رمضان، وعندما سألناه عن إحساسه بالعدالة فى الأجور، قال: «لا أعرف متى يتم النظر إلى قضية الأجور بالنسبة للفنانين، فهناك نجوم تحصل على أجور بالملايين وناس تانية أجورها بالملاليم، ويجب أن تكون هناك لائحة تضمن العدالة فى الأجور، وحتى لا يحدث هذا التفاوت الرهيب والكبير بين أجر النجم وأجر الفنان العادى»، وأضاف: «ليس صحيحا أن اسم النجم هو الذى يجذب شركات الإعلان، لكن العمل كله هو الذى يجذب المعلنين، وأكبر دليل على ذلك ما حدث مع مسلسل «المواطن إكس» العام الماضى، الذى حقق أعلى نسبة مشاهدة رغم أنه لا يعتمد على نظرية البطل الوحيد، فنحن بالفعل على الهامش فى الأجور وفى عدالة الفرص، وأتمنى أن تحمل الأيام المقبلة الخير لى ولأبناء جيلى، الذين أخلصوا للفن، ووهبوا حياتهم لإسعاد الجمهور».