"ينكشف الستار عن كوكب الشرق".. واحدة من أجمل وصفات الحضور، لتعلن عن ظهور فنان بقدرها، نعم إنها من احترمها المسرح التي تقف عليه، قبل الجمهور، فصوتها كان علامة، وحسها يملك القوة التي جعلت "الميكرفون يومًا ينفجر"، إجلالًا لصوتها، هي التي آآهاتها كانت تلهب مشاهر الحضور، والمستمعين أينما كانوا.. إنها "أم كلثوم". لن أتحدث عن المنشأ أو الأسرة، فكلها أشياء يعرفها الجميع، ما أود التطرق إليه ونقله هو "مقدمة أم كلثوم"، قبل ظهورها علي المسرح، فكانت المقدمة أشبه بوصف سينمائي لمشهد في غاية الدقة والتفاصيل المنمقة، يبدأ باختيار أحد الأصوات الشجية ليقدم "الست" كما يطلقون عليها، وغالبًا كان طاهر أبوزيد، أو جلال معوض، باعتبارهما مرآة الناس لوصف المسرح ووصف أم كلثوم، لمن يجلس في منزله ينتظر في لهفة أغانيها ووصلتها. وهذا كان الأمر الاعتيادي لكثير من الفنانين، وعلى رأسهم عبدالحليم حافظ.. ثم يبدأ المشهد بوصف المذيع للحضور الذين يملؤون جنبات القاعة، وتستطيع سماع ضجيجهم من ميكرفون المذيع، ثم يصف ملابس الحضور الرسمية الأنيقة، والتي تليق بحضرة "الست"، ثم يتطرق لوصف "الفرقة الموسيقية"، التي تستعد للتواصل ولمواصلة العزف والتنشيد. ثم يتطرق لأغنية الحفل، ويوضح أن الوصلة الأولى كانت لأغنية "هذه ليلتي"، والوصلة الثانية التي تنتظرونها، سوف تغني "الست" أغنية "الف ليلة و ليلة"، ويشير إلى أنها تأليف مرسي جميل عزيز، والحان بليغ حمدي، موضحًا أنه ليس العمل الأول أو المشاركة الأولى بين أم كلثوم وبليغ، فلقاؤهما دائمًا مثمر، على حد قوله. ثم يقطع كلامه متائهبًا، "و ينفرج الستار عن أم كلثوم"، وكأنه بابًا حديديً كان يعزل المستمعين عن العالم الذي ينتظروه، ثم يصمت الجميع، تختفي همهمات الحضور، وتبدأ الفرقة بالعزف، يتجمع وينصت أصحاب البيوت المنتظريين، الأكثر شغفًا من الحضور بالمسرح، وتتجلى "الست" في حضور مهيب وإطلالة محببة، وتبدأ موسيقى، أقل ما توصف به "الله يا بليغ". وتبدأ بعد مقطع موسيقي تنشد، "يا حبيبي.. يا حبيبي.. الليل وسماه ونجموه وقمره.. وقمره وسهره.. وإنت وأنا.. يا حبيبي أنا.. يا حياتي أنا.. آآآه آآآه يا حبيبي"، فيقاطعها أحد الجماهير، "عظمة على عظمة على عظمة على عظمة يا ست".. فكانت ولا زالت صوت يكتشف عبر الأجيال، تفهمه، تحبه، وتعشقه، فهي تجعلك في عالم مختلف تخلقه هي والمبدعون، وتفرج عنا هموم الحياة، كما ينفرج عنها الستار، فهي "كوكب الشرق".. سحرها بألف ليلة وليلة.