لم يتخيل الزعيم الراحل جمال عبدالناصر أن أفشل مصانعه خلال ثورته الصناعية، وهو مصنع الكراسى، يصل للعالمية وينتشر بين الألمان والإنجليز، فمصنع الكراسى الذى تم إنشاؤه فى أواخر الخمسينات بغرض تطوير الصناعات الخشبية والأثاث على مساحة 50 فداناً واقعة على نهر النيل مباشرة بين منطقتى إمبابة والوراق، فشل فى الهدف الذى أنشئ من أجله ليصبح أرض فضاء بمساحة كبيرة يستخدمها الخارجون عن النص فى كل ما هو غير طبيعى، بداية من المخدرات ونهاية بالجنس. وتم تداول مصطلح مصنع الكراسى بين أهالى إمبابة والوراق ليصبح «إفيه» بين المصريين كونه مصطلحاً لفظياً يحمل إيحاءات جنسية، ومع تطور استخدام المصطلح أصبح سينمائياً بعدما استعان به الكاتب الكبير يوسف معاطى فى فيلم «مرجان أحمد مرجان»، للزعيم عادل إمام، وبعد أن اقتبسه أحمد مكى فى فيلم «لا تراجع ولا استسلام»، وأصبح مصنع الكراسى مصطلحاً واضحاً لأى أحد يبحث عن مكان خالٍ لفعل أى حاجة «أيوة أى حاجة». ومع تطور الأجيال يأتى الجيل الثالث بالجديد دائماً، ومع اقتراب الشعوب من خلال الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعى مثل «فيس بوك» و«تويتر» و«يوتيوب» وانستجرام» وغيرها، أصبح الاتصال مباشراً، وانتقل مصطلح مصنع الكراسى إلى العالمية ودخل الأجواء الرياضية بقوة، بل أصبح أقوى مصطلح رياضى تستخدمه الجماهير العالمية فى التأكيد على القوة والفوز والنصر، والبداية من صفحة فريق بايرن ميونيخ الألمانى على «فيس بوك» الذى هنأ الأهلى وجماهيره على التأهل لكأس العالم للأندية، فتدخل أحد نشطاء «فيس بوك» من الشباب المصرى وكتب لهم: «elahly will take you behind the factory of the chairs» بمعنى «الأهلى هياخدكم ورا مصنع الكراسى»، وحصل المصطلح على عدد كبير من «اللايكات»، ما دفع أدمن صفحة البايرن لمعرفة معنى المصطلح، وتدخل ولاد الحلال وما أكثرهم فى التعليقات المختلفة حتى فطن الأدمن الألمانى إلى حقيقة مصطلح مصنع الكراسى، ويبدو أن الأدمن كان يبحث فى ألمانيا عن «مكان فاضى» مثل مصنع الكراسى لأن أعضاء الصفحة من المصريين خافوا من رد فعل الألمان بعد اكتشاف معنى المصطلح ليفاجأهم الأدمن بطلب دعم المصريين أمام موقعة بروسيا دورتموند، وعلى الفور تسابق بعض أعضاء الصفحة بالتأييد والتأكيد على أن البايرن سيأخذ غريمه ورا مصنع الكراسى ويفوز البايرن بثلاثة أهداف ويكتب البايرن على صفحته الرسمية إلى جماهيره فى مصر: «جمهورنا العزيز شكراً على دعمكم الرائع البايرن 3 بروسيا صفر، ملحوظة - مصنع الكراسى»، ليدخل المصطلح المصرى القاموس الألمانى، بعدها تسابقت المواقع الرسمية للأندية العالمية فى استخدام المصطلح الرياضى الأقوى «مصنع الكراسى» ليأتى الدور على الجماهير الإنجليزية والدورى الإنجليزى لتسأل الصفحة الرسمية لفريق مانشستر سيتى فى الجولة ال19 بين شوطى مباراة مان سيتى وكريستال بالاس: «هل تعتقدون أن مانشستر سيتى سيأخذ كريستال بالاس ورا مصنع الكراسى؟». ويفوز السيتيزين بثلاثية على كريستال بالاس بعد حفلة من الجماهير المصرية لتأييد الفريق السماوى، وليؤكد مصطلح مصنع الكراسى أنه الأقوى بين الجماهير على صفحات التواصل الاجتماعى للأندية العالمية. وينتشر المصطلح ويأخذ طريقه على كافة الأصعدة، ويصبح مصنع الكراسى اللفظ الأشهر بين جماهير الكرة فى العالم، وهنا أتوقف لأؤكد أننا قادرون على أن نرسل إلى العالم أجمع الرسالة التى نريدها، فقد استطعنا أن نغرس مصطلح مصنع الكراسى فى أذهان الألمان والإنجليز، لماذا لا نكرر تجربة مصطلح مصنع الكراسى بأفكار جديدة بعيدة عن المعانى والإيحاءات الجنسية؟ لماذا لا نأخذ من تجربة انتشار مصنع الكراسى مثالاً للتأكيد على أن الوصول للعالمية أصبح سهلاً. فقد فشلت الدبلوماسية والخارجية والمباحثات والمؤتمرات، ونجح الشباب الصغير فى توصيل أفكاره، ببساطة مصنع الكراسى ليس مصطلحاً، بل تجربة عظيمة، وسلامى وتقديرى لمصنع الكراسى، ورسالة أخيرة من الشباب، إحنا فى انتظار الحكومة ورا مصنع الكراسى.