أربعة أشهر مرت على الحرائق والنيران، وما زالت الجدران تحمل بصمات الإخوان وأنصارهم. أيقونات «القديسين» ورفاتهم تشهد على الوحشية التى حرقوا بها، وأطلال الكنائس الأثرية والمبانى تصرخ بأسماء الجناة لكن لا أحد يلتفت. هنا فى المنيا ترى الكنائس المحروقة والصلبان المكسورة شاهدة على عنف التنظيم الإرهابى، فقد حظيت تلك المحافظة ب65% من عنف الإخوان تجاه الأقباط والكنائس عقب «30 يونيو» وحتى الآن. 4 أشهر والأقباط يصلون فى أطلال كنائسهم، يطغى غبار الحرائق على بخور قدّاس الصلاة، 4 أشهر ويأبى الأقباط أن يغادروا كنائسهم ويتركوها، منتظرين يوم إعادة بناء أو ترميم 18 كنيسة تم حرقها والاعتداء عليها، هى: «كنيسة الأنبا إبرام بدير السيدة العذراء والأنبا إبرام بدلجا، وكنيسة مارجرجس وأبوسيفين ومبنى الخدمات بقرية بلهاسة، وكنيسة السيدة العذراء الأثرية بدير السيدة العذراء، وكنيسة الأمير تادرس الشطبى، وكنيسة الأنبا موسى الأسود بحى أبوهلال، والكنيسة الإنجيلية بملوى، والكنيسة الإنجيلية بقرية منشأة بدين بسمالوط، والكنيسة الإنجيلية ببنى مزار، والكنيسة الإنجيلية بعزبة جاد السيد، والكنيسة الرسولية بقرية بشوشة بسمالوط، والكنيسة المعمدانية بأرض سلطان، والكنيسة المعمدانية بمركز بنى مزار، وكنيسة العائلة المقدسة بملوى، وكنيسة مارجرجس بدلجا، وكنيسة مارمينا، والكنيسة الرسولية بقرية صنيم بمركز أبوقرقاص، والكنيسة الرسولية الثالثة بالمنيا». يتحدث القمص بيمن لويس، راعى كنيسة الأمير تادرس الشطبى، ل«الوطن» بتأثر عن كنيسته التى يرجع إنشاؤها إلى عام 1925، يحدثك عن تفاصيل المكان.. أين يوجد المذبح، وأين كانت يوجد رفات القديسين، وما تحمله الأيقونات التى كانت معلقة على جدران الكنيسة قبل أن تتحول إلى رماد يتطاير فى المكان، يأخذك إلى ساحة الكنيسة التى كانت ملعباً للأطفال وغُطيت بالخيام الآن لتصبح كنيسة بديلة يصلى فيها الأقباط، ثم يدلف إلى ساحة الصلاة بالكنيسة التى تحولت إلى أطلال، يحكى عن تفاصيل المكان وعبق تاريخه، يشير إلى أن 6 آلاف قبطى مرت عليهم 4 شهور وهم يقيمون شعائرهم فى العراء، فالخيام لا تحمى المصلين من ماء المطر أو برد الشتاء ولا تمنعهم من الوصول إلى أجسادهم. يعود بذاكرته إلى يوم 14 أغسطس الماضى، حينما تم الاعتداء على كنيسته، قائلاً: «هاجم المعتدون أبواب الكنيسة بالأسلحة الآلية والبيضاء وكسروا الأبواب واقتحموا الكنيسة وأشعلوا أنابيب البوتاجاز فيها وحطموا الأيقونات وحرقوا رفات القديسين». يلتقط صورة من بين حطام الكنيسة أسفل الأقدام تحمل ملامح العذراء مريم، ووليدها السيد المسيح، ويشير إلى أن 4 شهور مرت ولم يحاسَب أحد على ما حدث للكنيسة، مضيفاً: «كل المسئولين الذين كانوا موجودين فى مناصبهم أثناء الأحداث يُعتبرون شركاء فى المسئولية، وحذرناهم قبلها من الاعتداء علينا، وكانت تصلنا التهديدات والمنشورات توزع فى الشوارع علناً، فأين محاسبتهم، وأين القانون، نعلم أن الله موجود وربنا يرى كل شىء». يتجمع بعض الصبية حول المذبح المحروق، ويلتقط أحدهم بقايا أيقونة تحمل صورة قديس، يحتضنها ليحتفظ بها تيمناً بالقديس وأخذاً للبركة منها فى منزله.. ويوجد بالقرب من المذبح رامى إسحاق، شاب فى العقد الثانى من عمره، إخصائى اجتماعى، وأحد خدام الكنيسة، كان شاهداً على حرقها، زاغ بصره فى أرجاء الكنيسة قبل أن تغرورق عيناه بالدموع وهو يقول لنا عن هذا اليوم: «شىء صعب، ماعرفناش نعمل شىء، فقد هجموا على الكنيسة مثل الطوفان ولكن نثق فى ربنا وأن كل الأشياء تعمل للخير». وقبل أن تغادر الكنيسة تواجهك لوحة إعلانية كبيرة على جدار الكنيسة المحروق، أخرى ونوال بركة الاشتراك فى هذا العمل.