حتى هذه اللحظة، وعلى الرغم من كثافة الضربات التى وجهها الشعب المصرى، إلى الإخوان الإرهابيين، لا يزال التنظيم صامداً، من خلال قطعانه الشبابية فى الجامعات، إضافة إلى قطاع لا بأس به من الجالية السلفية التى تستوطن مصر، وشريحة موظفى وكالات المنظمات الغربية الذين يعملون تحت اسم «نشطاء ثوريين»، والدعم المالى التركى القطرى بتكليف من إسرائيل وأمريكا. أما القطعان الشبابية فى الجامعات، فإن قوانين التظاهر والعقوبات، كفيلة بالتصدى لهم بمرور الوقت، وأما شريحة مرتزقة التمويل الذين يعملون خدماً للتنظيم أو على الأقل هم مسخرون لخدمة أهداف الإرهاب، فإن تأثيرهم سيكون معدوماً إذا توقفت القنوات الفضائية الغبية عن استضافتهم، وأما الدور القذر الذى تلعبه أمريكا وإسرائيل، فإنه لن يتوقف، لأن أمريكا لن تتوقف عن كونها «بلطجى الكرة الأرضية» ولأن إسرائيل ستظل ترى مصر الخطر الوحيد الذى يهددها، والأكيد أن عودة البعبع الروسى إلى ملعب الشرق الأوسط بعد غياب 40 سنة، سيمثل عنصر توازن لصالح مصر. يبقى الخطر الحقيقى إذن، فى مجموعات الجاليات السلفية، وخلاياها العنقودية المنتشرة فى كل كومباوند وشارع وحارة. صحيح أن الدعوة السلفية تحالفت مع ثورة 30 يونيو، لتفوز بمكان الإخوان على كنبة الحكم، وتدعو حالياً إلى التصويت ب«نعم» على الدستور بعد أن نالت مرادها فى الديباجة، فإن ذلك لا يبدو كافياً للاطمئنان إلى جماعة تعد فرعاً من شجرة واحدة جذرها الإرهاب، من بين فروع كثيرة منها الإخوان والجماعة الإسلامية. طوال تاريخ الدعوة السلفية، كانت جزءاً من المنظومة التى أسسها السادات فى السبعينات، وكانت داعماً للنظام ورافضة للخروج على الحاكم، لكنها تحالفت مع الإخوان طوال عامين تقريباً. ولأن الجذر واحد فلا يمكن أن نفصل الدعوة السلفية عن أخواتها، وأقصد تحديداً جماعات الجهاد والسلفية الجهادية والسلفية الحركية والتبليغ والدعوة وأنصار بيت المقدس والفرقان والتوحيد والقاعدة والجماعة الإسلامية. وليس أدل على ذلك من نبأ القبض على عضوين فى النور و«حازمون»، ضمن المتهمين فى تفجير مديرية أمن الدقهلية، إضافة إلى أن عدداً من الجماعات السلفية الشقيقة ل«النور»، لا تزال تعلن ولاءها لأبيها الشرعى «الإخوان». وتجرى حالياً عملية تلميع الجبهة السلفية وحزبها النور، على الرغم من أن الدستور الجديد سيحظر تأسيس الأحزاب على أساس دينى، ويبدو أن «النور» سيفوز باستثناء من الدستور، ليكون الحزب الدينى الوحيد، وبالضرورة سيحظى بأصوات على أساس الدين، ليكون البوابة الخلفية التى يتسلل منها المتشددون والإرهابيون إلى الساحة السياسية، ومن خلاله أيضاً سيغتسل الذين تلوثت أياديهم بدماء الشعب، وها نحن ننتظر كيف سيطبق النظام الحاكم الآن باسم الثورة، مواد الدستور التى تلزمه بحل وإبعاد حزب النور الدينى عن ملعب السياسة.