حزب «الكنبة» أصبح بلا كنبة، فالقرارات الأخيرة التى اتخذها الدكتور «محمد مرسى» بتقاعد المشير والفريق وإعادة تشكيل المجلس العسكرى، سحبت «الكنبة» من تحت «مقاعد» هذا الحزب، وبات يجلس على الأرض، فقد ظل هذا القطاع من المصريين، منذ نجاح الثورة فى الإطاحة بالرئيس المخلوع، يرتكن إلى المجلس العسكرى، وينظر إليه ك«حصن أمان» للملايين ممن زهدوا فى الثورة، وآمنوا بأن «البيادة الميرى» خير وأبقى، مؤكد أنك تتذكر هؤلاء الذين أخذوا يتحدثون عن المجلس العسكرى بالألوان، فمرة يصفونه ب«الخضار»، حين يشيرون إلى دوره فى حماية الثورة، ومرة ب«الحمار»، حين اعتبروه خطاً «أحمر» يجب الاحتياط حينما نتناول أسلوب أدائه خلال المرحلة الانتقالية، ولم ينسوا أن يذكرونا بما حدث فى ليبيا حين سلّط جيش «القذافى» نيرانه على الشعب، وبسوريا والمجازر التى تقع فيها يومياً. ويحتار المرء فى فهم هؤلاء «الكنبيين» وهل كانوا فى حديثهم هذا يخافون على الجيش المصرى أم يخافون منه؟ الآن عاد الجيش إلى مهمته الطبيعية فى حماية حدود البلاد، ولم يعد لأبناء حزب الكنبة «سند» يركنون إليه، ولم يبق أمامهم سوى حل من اثنين: أولهما الاقتناع بأن الارتكان إلى «الكنب» لا يسمن ولا يغنى من جوع، أو البحث لهم عن كنبة جديدة لتكون بديلاً لهم عن كنبة المجلس العسكرى ليستريحوا عليها ويتمددوا فوقها، وسوف يحدد اختيار أعضاء هذا الحزب لواحد من هذين الحلين الكثير من معالم المشهد السياسى فى مصر، خلال الأشهر القليلة المقبلة. فإذا رضى «الكنبيون» ب«رفص» الكنبة ليصبحوا أكثر إيجابية وفاعلية فى التعامل مع ما يواجههم من مشكلات وهموم، فسوف يضيفون إلى رصيد الحركة الثورية فى مصر، تلك الحركة التى ترى أن الثورة قد سرقت منها بمعرفة كل من المجلس العسكرى من ناحية، وجماعة الإخوان من ناحية أخرى، وقد استطاعت الجماعة التسلط على المجلس حتى فككته وأطاحت برؤوسه الكبيرة، وأصبح الشارع الآن فى مواجهة حكام الإخوان، وغدا مطالَباً بمراقبة أدائهم بشكل جيد، فإن أحسنوا أعانهم، وإن نكصوا عن أهداف الثورة واجههم بقوة، فالثورة تعنى التغيير والإصلاح، وإذا لم تعكس قرارات الرئيس وسياسات حزب الحرية والعدالة - الذراع السياسية للجماعة- رؤية فى التغيير أو الإصلاح، فمعنى ذلك أن كليهما يعمل ضد الثورة، لذا وجب توقيفهما ومواجهتهما. أما إذا سلك أصحاب حزب «الكنبة» السبيل الآخر وأخذوا يبحثون عن «كنبة» بديلة يدارون فيها ضعفهم واستكانتهم وحبهم للمذلة والعبودية، فلن يجدوا خيراً من «كنبة مرسى» ليستريحوا عليها، فليعد هؤلاء إلى الكنبة، ولكن ليعلموا أن العود هذه المرة لن يكون أحمد، بل سيكون «العود مرسى»!