أولاً: مع التأكيد على الهوية الإسلامية للدولة بالنص على أن الإسلام هو دين الدولة، وأن مبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الأساسى للتشريع: إلا أنه وبالمقارنة بدستور سنة 2012 تخلَّص من كل النصوص التى كانت تؤدى إلى تسلط ما يسمى التيارات الدينية وما يرتبط بها من انقسام داخل المجتمع. وبصفة خاصة: 1- فقد تم إلغاء المادة 219 بما تتضمنه من تفسير لمبادئ الشريعة الإسلامية يتنافى مع الأحكام العامة الصحيحة لهذه الشريعة الغراء. 2- إلغاء المادة 4 من دستور سنة 2012 التى كانت توجب أخذ رأى هيئة كبار العلماء فى شأن القول بمخالفة أو عدم مخالفة نصوص التشريع للدستور، وهو ما كان ينطوى على ازدواجية غير مقبولة وافتئات على اختصاص المحكمة الدستورية العليا. 3- النص فى المادة 74 على حظر مباشرة الأحزاب أى نشاط على أساس دينى، بما يحول دون غش الشعب فى العمل السياسى باسم الدين. ثانياً: تأكيد الحرص بالنصوص الدستورية على كامل تراب الوطن: 1- النص فى المادة «1» على عدم جواز النزول عن جزء من إقليم الدولة. 2- النص فى المادة 51 على عدم جواز إبرام معاهدة يترتب عليها التنازل عن أى جزء من إقليم الدولة. وهى نصوص مستحدثة لم ترد فى دستور 2012. ثالثاً: إلغاء نص فى غاية الخطورة كان يتضمن قيداً شديداً على ممارسة الحقوق والحريات: وهو نص المادة 81 من دستور 2012 الذى كان يقرر قيداً على ممارسة جميع الحقوق والحريات الواردة بالدستور وعدم تعارض هذه الحقوق والحريات مع المقومات الواردة فى باب الدولة والمجتمع، فقد تم إلغاء هذا النص فى مشروع الدستور الجديد ليختفى بذلك أى قيد على الحقوق والحريات التى يقررها الدستور. رابعاً: أتى بنصوص مستحدثة داعمة للحرية وأهمها: 1- النص فى المادة 63 على منع التهجير القسرى أو التعسفى. 2- النص فى الدستور لأول مرة على عدم جواز الحبس فى جرائم النشر. فلم يعد فى إمكان السلطة التشريعية النص على غير ذلك، لأنه أصبح نصاً مكفولاً بالدستور. 3- النص على عدم جواز مصادرة الصحف أو غلقها. 4- النص لأول مرة على ضمان الدولة لأموال التأمينات والمدخرات وكان دستور 2012 يكتفى بالتشجيع على الادخار ورعايته. 5- النص لأول مرة على التزام الدولة، وفقاً لخطة زمنية، بالقضاء على الأمية الرقمية، وكان دستور 2012 يكتفى بالنص على القضاء على الأمية الهجائية. 6- الجنسية أصبحت بنص الدستور، ولأول مرة، حقاً لكل من يولد لأب أو أم مصرية. خامساً: تعزيز الحريات التى تضمنها دستور سنة 2012: ومن ذلك: 1- تقرر لأول مرة دستورياً حق المتهم فى الصمت عند القبض عليه. 2- تقرر لأول مرة دستورياً إطلاع من فى المنزل على إذن التفتيش عند تفتيش المنازل. سادساً: دعم الانتماء الوطنى لدى كبار المسئولين: وذلك بالنص على عدم جواز حمل رئيس الجمهورية أو زوجته أو أبويه لجنسية أجنبية. والنص على عدم جواز حمل رئيس الوزراء وزوجته لجنسية أجنبية، فإضافة الأبوين بالنسبة لرئيس الجمهورية لم تكن متضمنة فى دستور 2012، كما لم يكن شرط عدم حمل رئيس الوزراء وزوجته لجنسية أجنبية موجوداً فى هذا الدستور. بما معناه أن المشروع تضمن دعماً لانتماء كبار المسئولين للوطن لم يكن موجوداً فى دستور 2012. سابعاً: تضمن المشروع عناية فائقة بالمناطق المهمشة: - فقد نصت المادة 236 على: خطة لتنمية المناطق الحدودية والصعيد وسيناء ومطروح والنوبة خلال عشر سنوات. - ونصت المادة 87 على التزام الدولة بوضع خطة قومية لمواجهة مشكلة العشوائيات بتوفير البنية الأساسية والمرافق وتحسين الصحة. ثامناً: الرعاية الخاصة بالفئات الاجتماعية المستحقة لهذه الرعاية: - بالنسبة للمرأة: تضمن المشروع النص على المساواة بين المرأة والرجل فى جميع الحقوق الاجتماعية والاقتصادية والمدنية والسياسية والثقافية، والنص صراحة على ضرورة اتخاذ التدابير بتمثيل المرأة تمثيلاً مناسباً فى المجال النيابى. كما تضمن كفالة حقها فى تولى الوظائف والتعيين فى الجهات والهيئات القضائية وتولى وظائف الإدارة العليا. كما تضمن النص على حماية المرأة من كل أشكال العنف. بالنسبة للمسيحيين: ورد النص فى الأحكام الانتقالية على التزام مجلس النواب القادم بإصدار قانون لترميم وبناء الكنائس. وهو لم يكن متضمناً فى دستور سنة 2012، كما ورد فى المشروع النص على حظر التمييز والحض على الكراهية واعتبار ذلك جريمة يعاقب عليها القانون. بالنسبة لذوى الإعاقة والأقزام: تضمن المشروع رعاية فائقة لهم، ومن ذلك: 1- النص على أنه فى حالات تقييد الحرية تلتزم الدولة بتقديم وسائل المساعدة لهم. 2- النص على تمثيلهم فى أول مجلس نواب بنسبة ملائمة. 3- كفالة حقوق الأطفال ذوى الإعاقة وإدماجهم فى المجتمع. 4- رعايتهم صحياً واقتصادياً واجتماعياً ومن جميع الوجوه وتوفير فرص العمل الملائمة لهم وتهيئة المرافق العامة والبيئة المحيطة لتمكينهم من ممارسة حقوقهم. بالنسبة للمسنين: تضمن المشروع ضمان حقوق المسنين وتوفير معاش مناسب يوفر حياة كريمة لهم وتخطيط المرافق العامة بما يناسب احتياجاتهم، وتمكينهم من ممارسة الحياة العامة. تاسعاً: دعم مبدأ الشفافية والنزاهة فى المناصب العليا: وأهم مظاهر ذلك: 1- النص على بطلان أى عقد يبرمه نائب البرلمان مع الدولة أو الشركات القابضة لها. وكان دستور 2012 يقصر ذلك على بعض العقود وهى: التوريد والأشغال والالتزام. 2- النص لأول مرة على نشر إقرار الذمة المالية لرئيس الجمهورية سنوياً بالجريدة الرسمية. 3- النص على تملك الدولة للهدايا التى يتلقاها رئيس الجمهورية أو رئيس الوزراء بالذات أو بالواسطة. وكان دستور 2012 ينص على أن يكون ذلك فى حدود القانون وهو ما لم يتضمنه المشروع. 4- النص على عدم جواز منح الرئيس نفسه أوسمة أو نياشين أو أنواطاً. 5- النص على أنه إذا تم تعديل راتب رئيس الجمهورية أو عضو البرلمان فلا يستفيد منه الرئيس أو العضو، الذى قرر ذلك فى عهده. 6- النص على التفرغ الكامل لعضو البرلمان من أى عمل وظيفى سواء لدى الدولة أو القطاع الخاص على أن يحتفظ له بوظيفته. عاشراً: تدعيم ضمانات القضاء بما يؤكد العدالة التى كانت أحد أهداف الثورتين: وأهم مظاهر ذلك: 1- تعيين النائب العام أصبح من اختيار مجلس القضاء الأعلى بنص صريح واضح لا يحتمل لبساً أو غموضاً كما كان فى دستور 2012. 2- النص لأول مرة على اختصاص مجلس الدولة بالإشكالات فى تنفيذ الأحكام بما يقضى على التحايل وتعطيل تنفيذ الأحكام بتقديم هذه الإشكالات إلى القضاء العادى. 3- النص حصرياً على جميع اختصاصات المحكمة الدستورية العليا فى صلب الدستور وعدم تركها للقانون وحيث أضيف لهذه الاختصاصات بالإضافة إلى الرقابة على دستورية القوانين واللوائح، تفسير النصوص الدستورية وتنازع الاختصاص ومنازعات الأعضاء. 4- إزالة ما وقع من اعتداء على المحكمة الدستورية فى دستور 2012 بتحديد عدد أعضائها، حيث تم النص على أن تشكل من عدد كاف من الأعضاء. 5- جعل اختيار رئيس المحكمة الدستورية وأعضائها للجمعية العمومية وليس لرئيس الجمهورية كما كان فى دستور 2012. 6- إلغاء الرقابة السابقة على دستورية القوانين التى كانت منتقدة فى دستور 2012. 7- ولدعم جميع الجهات القائمة على شئون العدالة تم النص على أن تدرج الميزانية الخاصة بكل جهة قضائية برقم واحد داعماً لاستقلال الجهات والسلطات القضائية ولتمكينها من توزيع اتفاقاتها على النحو الذى يحقق سيراً أفضل للعدالة. 8- إلغاء الحظر الذى كان مقرراً فى دستورى 1971 و2012، بشأن الطعن على الانتخابات الرئاسية. 9- ورد فى الأحكام الانتقالية نص يلزم مجلس النواب بأن يصدر خلال 5 سنوات قانوناً يمنع الندب الكلى أو الجزئى للقضاة بما يحقق عدالة ناجزة وتأكيداً للحياد. حادى عشر: الاهتمام البالغ بالمقومات الأساسية للمواطنين: بالنص على تخصيص نسبة من الناتج القومى الإجمالى وزيادتها لتتفق مع معايير الجودة العالمية وهذه النسبة هى 4٪ للتعليم الأساسى، 2٪ للتعليم قبل الجامعى و3٪ للتعليم الجامعى. ثانى عشر: لأول مرة يتضمن المشروع نصاً يقرر تشجيع القطاع الخاص على المساهمة فى الدور الاجتماعى للدولة. ثالث عشر: لأول مرة تتقرر المساءلة السياسية لرئيس الجمهورية بوضع نصوص يمكن بموجبها إقالته عند مخالفته أحكام الدستور. رابع عشر: مشاركة البرلمان لرئيس الجمهورية فى اختيار الحكومة بحيث إنه إن لم يحز اختيار رئيس الجمهورية لرئيس الوزراء واختيار هذا الأخير للوزراء على ثقة البرلمان يقترح حزب الأكثرية حكومة أخرى. الرد على الانتقادات المثارة أولاً: بالنسبة لاشتراط موافقة المجلس الأعلى للقوات المسلحة على وزير الدفاع وما أثير بشأنه: 1- فهو ليس بدعة، فالجمعية العمومية للمحكمة الدستورية العليا هى التى تختار رئيس وأعضاء المحكمة ويكون دور رئيس الجمهورية الاعتماد، وهو نفس الشىء بالنسبة للجهات القضائية الأخرى. 2- إن هذا الشرط أمر فى غاية الضرورة فهو يضمن تماسك القوات المسلحة بموافقة قادتها على القائد العام، ونحن نعرف جميعاً أهمية هذا التماسك حماية للأمن القومى فى الداخل والخارج، وإن لم يرد مثل هذا الشرط لكان هذا عيباً فى الدستور. ثانياً: بالنسبة لاختصاص القضاء العسكرى بمحاكمة المدنيين وما أثير بشأنه: فقد كان لمشروع الدستور الجديد بالمقارنة بدستور 2012 فضل النص على أن القاعدة هى عدم محاكمة المدنيين أمام القضاء العسكرى سوى فى حالات خاصة وردت على سبيل الحصر تنطوى على اعتداء مباشر على القوات، ومن الملائم لمصلحة الأمن القومى أن تتم المحاكمة فى هذه الحالات أمام القضاء العسكرى. فضلاً عن أن مشروع الدستور نص صراحة على أن توفر أمام القضاء العسكرى جميع الضمانات التى يتمتع بها المتهم أمام القضاء العادى. ثالثاً: بالنسبة للافتراءات المثارة حول هوية الدولة وأنه دستور الكفر: فهو قول عار من الصحة، فهذا المشروع أكد الهوية الإسلامية للدولة، وأن مبادئ الشريعة الإسلامية هى المصدر الأساسى للتشريع، فلا يمكن أن يخرج قانون يتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية وإلا كان غير دستورى، كما أكد المشروع على استقلال الأزهر الشريف باعتباره الجهة المرجعية فى جميع شئون الدين الإسلامى.