تصريحات عاجلة لترامب.. وتفاصيل مهمة عن قتل 5 جنود إسرائيليين فى غزة (فيديو)    نتنياهو: إيران كانت تدير سوريا والآن هناك فرصة لتحقيق الاستقرار والسلام    التداول بالبورصة المصرية من القرية الذكية اليوم    5 وظائف جديدة في البنك المركزي .. التفاصيل والشروط وآخر موعد ورابط التقديم    التعليم العالي يوافق على إنشاء جامعة العريش التكنولوجية.. التفاصيل الكاملة    البيت الأبيض: مجموعة بريكس تسعى إلى تقويض المصالح الأمريكية    الزمالك يعير مهاجمه لسموحة لمدة موسم بعد تمديد تعاقده    استمرار عمليات التبريد والسيطرة على حريق سنترال رمسيس بعد ظهور النيران    وزير العمل: صرف نحو 23 مليون جنيه كتعويضات للعمالة غير المنتظمة في 2024    بسبب استمرار تجدد النيران في سنترال رمسيس.. شعبة المخابز: احتمالية تعطل الشبكة وإجراءات بديلة لصرف الخبز    اتحاد بنوك مصر: البنوك ستعمل بشكل طبيعي اليوم الثلاثاء رغم التأثر بحريق سنترال رمسيس    سعر الفراخ البيضاء والساسو وكرتونة البيض الأبيض والأحمر بالأسواق اليوم الثلاثاء 8 يوليو 2025    انخفض 20 جنيهًا.. سعر عيار 21 الآن بعد آخر تراجع في سعر الذهب اليوم الثلاثاء 8 يوليو 2025؟    ترامب: سنفرض رسوم جمركية بنسبة 25% على الواردات من كوريا الجنوبية واليابان    استشهاد 16 فلسطينيا في غارات الاحتلال على النصيرات وغزة    سنرددها ألف مرة.. المفتي: «المسجد الأقصى حقٌّ إسلاميٌّ خالص لا يقبل القسمة ولا المساومة»    قوات الاحتلال تضرم النيران في منزل داخل مخيم نور شمس شرق طولكرم    المجلس الوطني الفلسطيني: هدم الاحتلال للمنازل في طولكرم جريمة تطهير عرقي    بدائل الخط الساخن.. القليوبية تعلن أرقام التواصل مع مرفق الإسعاف بعد تأثر الخدمة بحريق سنترال رمسيس    أرقام لويس دياز مع ليفربول بعد صراع برشلونة وبايرن ميونخ لضمه    موعد مباراة تشيلسي اليوم أمام فلومينينسي في نصف نهائي كأس العالم للأندية والقنوات الناقلة    الجهاز الفني لمنتخب مصر تحت 16 سنة يُقيم أداء 36 محترفًا    «درجة تانية».. سيف زاهر يكشف رحيل نجم الزمالك للدوري السعودي    وليد صلاح: بقاء عبد الله السعيد في الزمالك ضروري.. ولا أؤيد اعتزال شيكابالا    محترف الزمالك يرغب في الرحيل عن النادي.. الغندور يكشف التفاصيل    على خلفية حريق سنترال رمسيس.. غرفة عمليات ب «صحة قنا» لمتابعة تداعيات انقطاع شبكات الاتصالات    بعد تعطل سنترال رمسيس.. محافظة الغربية تعلن عن أرقام طوارئ بديلة    لقطات جديدة ترصد آخر تطورات محاولات إطفاء حريق سنترال رمسيس (صور)    احذروا الشبورة.. الأرصاد تكشف حالة الطقس اليوم الثلاثاء 8 يوليو 2025    في حريق سنترال رمسيس.. وجميع الحالات مستقرة    بعد حريق سنترال رمسيس.. «صحة الأقصر» تعلن رفع درجة الاستعداد بغرفة الأزمات والطوارئ    مصدر حكومي: إنستا باي يعمل بكفاءة.. وتأثر بعض خدمات البنوك بسبب حريق سنترال رمسيس    إصابة شقيقين فى حادث تصادم جرار زراعى وسيارة ملاكى بالغربية    انطلاق فعاليات معرض مكتبة الإسكندرية الدولي للكتاب في دورته ال 20.. المعرض بمشاركة 79 دار نشر مصرية وعربية.. 215 فعالية ثقافية على هامش المهرجان ل 800 محضر.. خصومات تصل إلى 30%.. فيديو وصور    محمد على رزق: «اكتسبت وزنًا من أجل منعم في فات الميعاد»    تساؤلات داخلية وخوف من الوحدة.. توقعات برج الحمل اليوم 8 يوليو    بعض التحديات في الأمور المادية والمهنية.. حظ برج الجدي اليوم 8 يوليو    جمال عبد الحميد: دخلت السينما وسط تهافت المنتجين.. واعتزلت فجأة بعد خطبة جمعة    عماد الدين حسين: العلاقات المصرية الصومالية تاريخية وجرى ترفيعها لآفاق الشراكة الاستراتيجية    عمرو أديب عن أزمة مها الصغير: سرقة غبية.. ومش عاوز حد يبررلها اللي حصل    أهم طرق علاج دوالي الساقين في المنزل    الدكتورة لمياء عبد القادر مديرًا لمستشفى 6 أكتوبر المركزي (تفاصيل)    لعلاج الألم وتخفيف الالتهاب.. أهم الأطعمة المفيدة لمرضى التهاب المفاصل    عاجل- المصرية للاتصالات تخرج عن صمتها: حريق سنترال رمسيس فصل الخدمة عن الملايين.. وقطع الكهرباء كان ضروريًا    السعيد غنيم : مشاركتنا في القائمة الوطنية تأكيد على دعم الدولة ومؤسساتها الدستورية    رتوش أخيرة تفصل الزمالك عن ضم مهاجم فاركو وحارس الاتحاد    أطعمة قدميها لأسرتك لحمايتهم من الجفاف في الصيف    مدارس البترول 2025.. الشروط والأوراق المطلوبة للتقديم    انطلاق مهرجان جرش 23 يوليو بمشاركة كبيرة لنجوم الغناء    أول سيدة تتقدم للترشح على مقعد الشيوخ بالفيوم في ثالث أيام فتح باب التقديم    رئيس جامعة كفر الشيخ يشهد حفل تخريج الدفعة 55 بكلية الزراعة    تعليم الوادي الجديد تعتمد جدول امتحانات الدور الثاني للصف السادس الابتدائي    وفقا للحسابات الفلكية.. تعرف على موعد المولد النبوي الشريف    نجاح إجراء جراحة معقدة لإصلاح تشوه نادر بالعمود الفقري لطفلة 12عاما بزايد التخصصي    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : الفساد صناعة ?!    (( أصل السياسة))… بقلم : د / عمر عبد الجواد عبد العزيز    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : حالة شكر.""؟!    نشرة التوك شو| الحكومة تعلق على نظام البكالوريا وخبير يكشف أسباب الأمطار المفاجئة صيفًا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حكم وقف الانتخابات وإحالة القانون للدستورية..نظرة تحليلية

أصدرت محكمة القضاء الإداري حكمًا بوقف إجراء انتخابات مجلس النواب وإحالة قانون الانتخابات رقم 2 لسنة 2013 إلى المحكمة الدستورية العليا لبيان مدى مطابقته للدستور، ويمكن القول إن المحكمة قد أسست مجمل قضاءها في هذا الحكم على أسس أربعة هي:
1- المحكمة ارتأت أن قرار رئيس الجمهورية بدعوة الناخبين للإدلاء بأصواتهم في الانتخابات البرلمانية ليس عملاً من أعمال السيادة وبالتالي يحق لها مراقبة مشروعيته.
2- قالت المحكمة إن النظام المصري في ظل دستور 2012 تحول من النظام الرئاسي إلى النظام المختلط الذي تتقاسم فيه السلطة بين رئيس الدولة والحكومة، ولم يعد لرئيس الدولة ذات السلطة التي كان يتمتع بها في إصدار القرارات في ظل دستور 1971، ومن ثم ارتأت المحكمة أن إصدار رئيس الجمهورية لقرار دعوة الناخبين للإدلاء بأصواتهم "باطل" لأنه يخالف نص المادة 141 من الدستور التي تنص على أن يمارس رئيس الجمهورية سلطاته بواسطة رئيس مجلس الوزراء ونوابه والوزراء، أي أن المحكمة ارتأت أن قرار دعوة الناخبين ليس من اختصاص رئيس الجمهورية منفردًا، بل يشترط لصحته أن تكون ممهورة بتوقيع رئيس الوزراء والوزير المختص ثم توقيع رئيس الجمهورية، حيث إن توقيع رئيس الوزراء والوزير المختص هو الدليل على عرض الأمر عليهما.
3- قالت المحكمة إن رئيس الجمهورية لا يحق له إصدار القوانين قبل أن يعرضها على مجلس الوزراء، لأن سلطة إصدار القوانين من السلطات التي يجب أن يمارسها رئيس الجمهورية بواسطة رئيس الوزراء ونوابه والوزراء، ومن ثم فإصدار رئيس الجمهورية منفردًا لقانون انتخابات مجلس النواب صدر بالمخالفة لنص المادة 141 من الدستور أيضًا.
4- ارتأت المحكمة أن مجلس الشورى كان يجب عليه عرض مشروع القانون على المحكمة الدستورية مرة أخرى بعد إجراء التعديلات التي أشارت إليها المحكمة الدستورية في تقريرها، تحقيقًا لمفهوم الرقابة السابقة، وكان يجب عليه عرض كافة نصوص قانوني مباشرة الحقوق السياسية وانتخاب مجلس النواب على المحكمة، وعدم الاكتفاء بعرض النصوص التي تم تعديلها فقط.
ومن ثم قالت المحكمة إن القانون يخالف الدستور من وجهتين هما إصداره من قبل رئيس الجمهورية منفردًا دون عرضه على مجلس الوزراء، ولعدم عرض التعديلات على المحكمة الدستورية مرة أخرى، لذا قضت بإحالته إلى المحكمة الدستورية لتتبين مدى مطابقته للدستور.
وبنظرة عامة يمكن إبداء عدة ملاحظات على مجمل الموضوع تتمثل في:
1- منذ البداية كنت مؤيدًا لإعادة عرض التعديلات على المحكمة الدستورية حتى وإن كان نص الدستور ليس دالاً على وجوب العرض، وذلك قطعًا للجدل، وفي ذات الوقت للحفاظ على استقرار مؤسسات الدولة وخاصة مجلس النواب القادم، مخافة الحكم بحله بعد تكوينه، دفعًا لما سيترتب على ذلك من أثار سياسية واقتصادية يجب توقّيها.
2- تكمن أهمية حكم محكمة القضاء الإداري بوقف إجراء الانتخابات وإحالة القانون للمحكمة الدستورية في أن ذلك قد يكون سببًا في الحسم المبكر للجدل الدائر حول وجوب إعادة عرض التعديلات على المحكمة الدستورية – بصرف النظر عن الاتفاق أو الاختلاف مع أسانيده – وما سيترتب على ذلك إمكانية حل مجلس النواب بعد تكوينه، ومن قم فقد يؤدي صدور هذا الحكم المبكر إلى إعادة تعديل القانون من جديد بعد استيفائه ملاحظات المحكمة الدستورية، ثم إعادة عرضه عليها قبل إصداره إنهاء لهذا الجدل وحفاظًا على استقرار مؤسسات الدولة.
3- إحالة قانون انتخابات مجلس النواب وقانون مباشرة الحقوق السياسية إلى المحكمة الدستورية ليس معناه أن المحكمة ستقضي يقينًا بعدم دستورية هذه النصوص، أو أنها ستقضي بوجوب عرض التعديلات عليها قبل الإصدار، أو أنها ستعطي لنفسها الحق في أن تبسط رقابتها اللاحقة على القوانين التي تخضع لرقابة سابقة، فكل هذه اجتهادات ستعرض على المحكمة الدستورية التي سيكون لها القول الفصل والملزم للكافة.
4- تبنِّي المحكمة الدستورية لأي رأي في هذا الصدد لن يكون سهلاً أو هيّن الوصول إليه، خاصة فيما يتعلق بضبط فكرة التحقيق الكامل لمفهوم الرقابة السابقة، في ظل صراحة نص المادة 177 من الدستور التي تحذر صراحة عدم جواز خضوع هذه القوانين للرقابة اللاحقة مرة أخرى من قبل المحكمة، وفي ذات الوقت عدم وجود نص يلزم مجلس الشورى بوجوب عرض التعديلات على المحكمة الدستورية مرة أخرى، وفي كل الأحول فإن ما ستقضي به المحكمة سيكون قضاءًا ملزما للكافة ولكنه أيضا سيكون مثار جدل شديد على المستويين القانوني والسياسي.
5- فيما يتعلق بما قضت به محكمة القضاء الإداري من أن قرار دعوة الناخبين ليس عملاً من أعمال السيادة التي تنأى عن رقابة القضاء، فإنه – في تقديري- قضاء يخالف الأحكام المستقرة في أحكام مجلس الدولة في هذا الصدد، فمع التسليم بأن تقييم العمل القانوني هل هو عمل من أعمال السيادة أم لا، أمر يخضع لتقدير المحكمة التي تنظر الدعوى، إلا أنه يمكن القول أيضًا إن موضوع دعوة الناخبين هو أمر محسوم تقريبًا في قضاء مجلس الدولة منذ فترة طويلة، حيث إن أحكام المحكمة الإدارية العليا – وهي المحكمة الأعلى في سلم درجات التقاضي في مجلس الدولة – متواترة على أن قرار دعوة الناخبين يعد عملاً من أعمال السيادة التي لا تخضع لرقابة القاضي الإداري.
6- محكمة القضاء الإداري في حيثيات حكمها قالت إن الدستور الجديد جعل النظام السياسي المصري نظاما مختلطًا ( برلماني – رئاسي) وليس نظامًا رئاسيًّا، وأسست المحكمة على ذلك أن قرار رئيس الجمهورية بدعوة الناخبين صدر مخالفًا لنص المادة 141 من الدستور، لأنه أصدره منفردًا غير ممهور بتوقيع رئيس الوزراء والوزير المختص، وهذا القول محل نظر من عدة وجوه تتمثل في:
• أن المحكمة بداية مارست دور القاضي الدستوري وليس القاضي الإداري، فالمحكمة قررت بصريح عبارتها أن قرار رئيس الجمهورية بدعوة الناخبين قد صدر مخالفًا للدستور، والقطع بأن النص مخالف للدستور من عدمه ليس دور القاضي الإداري، بل هو دور القاضي الدستوري، فالقاضي الإداري دوره يقف عند تقدير جدية الدفع بعدم الدستورية، عند الدفع بذلك من الخصوم، أو بالإحالة من تلقاء نفسه للمحكمة الدستورية، وليس مختصًا بأن يقطع بمخالفة النص للدستور من عدمه، ومن ثم – في تقديري – فإن ما قررته المحكمة في هذا الصدد ينطوي على نوع من التعدي على اختصاص المحكمة الدستورية المنوط بها دون غيرها الرقابة على دستورية القوانين واللوائح وفقا لنص المادة 175 من الدستور.
• اجتهاد المحكمة في هذا الصدد في ذاته محل نظر، لأن نص المادة 127 من الدستور ينص صراحة في موضع آخر على أن قرار دعوة الناخبين هو من اختصاص رئيس الجمهورية، ولم يشترط النص من قريب أو من بعيد ضرورة عرض القرار على رئيس الوزراء أو على الوزير المختص، وقواعد التفسير ثابتة على أن إعمال النص أولى من إهماله أو تأويله، وأن النصوص يكمل بعضها بعضًا وأن النص لا يفسر مجتزأً عن باقي النصوص.
• أيضًا فإن صريح نص المادة 22 من قانون مباشرة الحقوق السياسية يقرر صراحة اختصاص رئيس الجمهورية بتحديد موعد الإدلاء بالأصوات، مع مراعاة أن هذه المادة تندرج ضمن نصوص قانون مباشرة الحقوق السياسية، وهو من القوانين الأربعة التي تخضع للرقابة الدستورية السابقة، أي أن هذا النص كان ضمن النصوص التي من حق المحكمة الدستورية الاعتراض عليها حال إن وجدت فيه مخالفة لنص المادة 141 من الدستور كما ذهبت محكمة القضاء الإداري.
وربما يرد على ذلك بأن نص المادة 22 لم يكن ضمن النصوص التي تم تعديلها في القانون، ومن ثم لم يرسلها مجلس الشورى إلى المحكمة الدستورية ضمن النصوص التي أرسلها، ومع أن ذلك القول له وجاهته، إلا أنه يمكن الرد على ذلك بأن نص المادة 177 من الدستور يفرض على المحكمة الدستورية اختصاصًا صريحًا ببسط رقابتها على كامل مشروع قانون مباشرة الحقوق السياسية، ومن ثم لا يتصور أن يخفى هذا الفهم على المحكمة الدستورية، وأن تكتفي فقط ببسطت رقابتها على النصوص التي أرسلت إليها في منأى عن باقي النصوص المكملة لهذا المشروع، خاصة وأن النصوص التي أرسلت للمحكمة خاصة المادتين 1 و4 من القانون رقم 2 لسنة 2013 والتي عرضت على المحكمة الدستورية، وهو ما يستتبع ضمنًا النظر في كل نصوصه للتأكد من تناسقها وتناغمها مع أحكام الدستور، ومن ثم لا يتصور أن المحكمة الدستورية لم تبسط رقابتها على كل النصوص المكونة له، وإلا عد ذلك تقصير منها في أداء الالتزام المفروض عليها بموجب المادة 177 من الدستور.
وحتى مع التسليم جدلاً بأن نص المادة 22 لم يكن في حسبان المحكمة الدستورية عند رقابتها للتعديلات التي أرسلت إليها، إلا أنه يمكن القول أيضًا إن محكمة القضاء الإداري قد تعدت اختصاصها في رقابتها على هذا النص، لأنها راقبت مدى دستوريته لا مدى مشروعيته، وهو ما يعد تدخلاً أيضًا في اختصاص المحكمة الدستورية كما سبق.
7- واستكمالاً لذات النهج الذي اتبعته محكمة القضاء الإداري في حكمها من ممارستها للرقابة على دستورية نصوص القانون، قالت المحكمة إن رئيس الجمهوري لا يجوز له أن يصدر القوانين منفردًا، بل يجب أن يكون القانون ممهورًا أيضا بتوقيع رئيس الوزراء، ومن ثم فإن قانون انتخابات مجلس النواب صدر مخالفًا أيضا لنص المادة 141 من الدستور، وهذا القضاء بجانب أنه نوع من رقابة الدستورية لا المشروعية كما سبق، وأنه نوع من تخطي المحكمة لاختصاصها القانوني واعتداء على اختصاص محجوز للمحكمة الدستوري، بجانب كل ذلك فهو أيضًا محل نظر من عدة وجوه هي:
• محكمة القضاء الإداري خالفت صراحة نص المادة 104 من الدستور، والتي تنص على سلطة رئيس الجمهورية دون غيره في إصدار القوانين والاعتراض عليها، حيث تنص المادة على أن "يبلغ مجلس النواب رئيس الجمهورية بكل قانون أقر، ليصدره خلال خمسة عشر يومًا من تاريخ إرساله، فإذا اعترض عليه رده إلى المجلس خلال ثلاثين يومًا من ذلك التاريخ".
• المحكمة جردت رئيس الجمهورية من أهم سلطاته تقريبًا بجعلها رهنًا بإرادة مجلس الوزراء، ابتداء من إصدار القرارت وانتهاء بإصدار القوانين ، ومن ثم جعلته رئيسًا شرفيًا لا يتمتع بسلطات فعلية.
• المحكمة تعاملت مع سلطات رئيس الجمهورية على أننا في ظل نظام برلماني وليس نظامًا مختلطًا، ففي ظل النظام البرلماني يشترط بالفعل التوقيع المجازور لرئيس الوزراء بجانب رئيس الجمهورية، على أساس أن رئيس الجمهورية رئيس شرفي ليس مسؤولاً سياسيًا، وتقع المسؤولية السياسية كاملة على الوزراة، ومن ثم يجب موافقته وتوقيعه المجاور لتوقيع رئيس الجمهورية، أي أن المحكمة أكدت في بداية حكمها على أن النظام الذي جاء به الدستور الجديد هو نظام مختلط، ثم فسرت نصوص هذا الدستور تفسيرًا يتسق مع النظام البرلماني وليس المختلط، والذي يكون فيه رئيس الجمهورية مسؤولاً سياسيًا وليس رئيسًا شرفيًا.
• بعض نصوص الدستور أوجبت صراحة أخذ رئيس الجمهورية لرأي الحكومة قبل إصدار بعض التصرفات القانونية، مثال ذلك نص المادة 148 الخاصة بشروط فرض حالة الطوارئ، وبمفهوم المخالفة فإن المشرع الدستوري لو رغب في التوقيع المجاور لرئيس الوزراء على الإطلاق، لما نص على ذلك صراحة في شأن بعضها وترك البعض الآخر دون نص.
• وأيضًا مما يقطع بأن هذه الوجهة التي ارتأتها المحكمة هي وجهة محل نظر أن إحدى مسودات الدستور ( المسودة المنشورة في 10/11/2012) كانت تنص في المادة 144 منها على أن: "يتولى رئيس الجمهورية سلطاته بواسطة رئيس الوزراء ونوابه والوزراء؛ ويجب لنفاذ توقيعاته في "شئون الدولة" توقيع رئيس مجلس الوزراء أو من يفوضه من الوزراء المختصين ، عدا ما يتصل منها بالدفاع والامن القومي والسياسية الخارجية للدولة والسلطات المنصوص عليها بالمواد142 ، 148 ، 149 ، ، 150 ، 152 ،153 من الدستور. ولا تعفى أوامر رئيس الجمهورية ، الشفهية أو المكتوبة ، الحكومة من المسئولية".
• وحيث إن هذا النص تم العدول عنه من قبل المشرع الدستوري في الصياغة النهائية التي أقر بها الدستور، وجاء نص المادة 141 الموازي لنص المادة 144 من المسودة المذكورة خاليًا من هذا النص، فهو دليل قاطع على أن إرادة المشرع الدستوري لم تتجه إلى ذلك، ويقطع بأن نص المادة 141 لا يشترط التوقيع المجاور لرئيس الوزراء أو الوزير المختص لنفاذ القرارات أو القوانين التي يصدرها رئيس الجمهورية.
8- أما فيما يتعلق بوجوب عرض تعديلات قانون الانتخاب على المحكمة الدستورية مرة أخرى بعد إجراء التعديلات المطلوبة - ومع أنني مؤيد لفكرة العرض منذ البداية درءًا للجدل وحفاظًا على استقرار البرلمان القادم – إلا أنه مع ذلك يجب توضيح ما يلي:
• مصر عرفت الرقابة السابقة على دستورية القوانين منذ تعديل المادة 76 من دستور 1971 عام 2005، حيث نص التعديل على وجوب عرض مشروع قانون انتخابات الرئاسة على المحكمة الدستورية قبل إصداره.
• منذ ذلك التاريخ وحتى الآن قامت المحكمة بممارسة الرقابة السابقة على دستورية القوانين خمس مرات فقط بالإضافة إلى المرة الأخيرة التي راقبت فيها مشروع قانون انتخابات البرلمان وقانون مباشرة الحقوق السياسية.
• في 3 مرات فقط من الخمس مرات السابقة كان للمحكمة مآخذ دستورية على النصوص المعروضة عليها، وفي هذه المرات الثلاث كانت المحكمة تكتب تقريرها موضحة فيه مآخذها الدستورية على النصوص المعروضة عليها ثم ترسل التقرير إلى السلطة التشريعية، ثم تقوم السلطة التشريعية بإجراء التعديلات ثم إصدار القانون مباشرة دون إعادة عرضه على المحكمة
• ويستخلص من ذلك أنه لا يوجد عرف دستوري، أو سوابق قضائية تلزم السلطة التشريعية بإعادة عرض التعديلات على المحكمة الدستورية قل إصدار القانون، وأنه في جميع المرات لم يحدث أن أثيرت فكرة ضرورة عرض التعديلات مرة آخرى على المحكمة، لا من قبل الأفراد ولا الهيئات، بما في ذلك المحكمة الدستورية ذاتها.
• ولتمام الفائدة فإن هذه المرات الثلاث التي كان للمحكمة فيها مآخذ دستورية على النصوص المعروضة عليها هي:
1- في عام 2005 وبعد تعديل المادة 76 ( قبل ثورة يناير ) وفي أول مرة تطبق فيها الرقابة السابقة في تاريخ المحكمة الدستورية، تم عرض مشروع قانون الانتخابات الرئاسية رقم 174 لسنة 2005 على المحكمة الدستورية، وأصدرت المحكمة تقريرها في 26 يونية سنة 2005، والذي قررت فيه المحكمة أن الفقرة الثالثة من المادة (5) والمواد 22 و 49 و 54 و55 من مشروع القانون المعروض غير مطابقة لأحكام الدستور، ثم أرسلته لمجلس الشعب الذي قام بإجراء التعديلات، ثم قام مباشرة برفعة لرئيس الجمهورية لإصداره.
2- في عام 2012 ( أي بعد الثورة ) أرسل المجلس الأعلى للقوات المسلحة بوصفه السلطة القائمة بمهام التشريع آن ذاك، مشروع قانون الانتخابات الرئاسية رقم 174 لسنة 2005 بعد تعديله إلى المحكمة الدستورية لفحص مدى دستوريته، وأصدرت المحكمة تقريرها بجلسة 17 يناير 2012، والذي قررت فيه أن المواد ( 5 ، 11 ، 33 ) المستبدلة بالمادة الأولى من المشروع المعروض، والمادة الثالثة فيما تضمنته من إلغاء المادة (18) من القانون رقم 174 لسنة 2005 بتنظيم الانتخابات الرئاسية، غير مطابقة لأحكام الإعلان الدستورى الصادر فى 30 مارس سنة 2011، ثم أرسلت تقريرها إلى المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي قام بإجراء التعديلات، ثم أصدر القانون مباشرة دون إعادة عرضه على المحكمة .
3- في عام 2012 وقبل الانتخابات الرئاسية الأخيرة قام مجلس الشعب قبل حله بتعديل بعض أحكام قانون الانتخابات الرئاسية، ومن ثم قام بعرض التعديلات على المحكمة الدستورية، والتي أصدرت تقريرها بجلسة 16 مايو 2012، والذي قررت فيه أن نص الفقرة الأولى من المادة (20) من القانون رقم 174 لسنة 2005 بتنظيم الانتخابات الرئاسية، المستبدلة بمقتضى نص المادة الأولى من مشروع القانون الماثل، وكذا نص المادة (6) مكررًا المضافة إلى القانون رقم 174 لسنة 2005، لا يتفقان وأحكام الإعلان الدستورى الصادر فى 30 مارس سنة 2011، ثم أرسلت تقريرها إلى مجلس الشعب الذي قام بإجراء التعديلات، ثم قام برفعه مباشرة إلى رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة، والذي قام بإصداره أيضًا دون إعادة عرضه على المحكمة.
وبناء على ما سبق، وحيث إن نص المادة 177 لا يفهم منه صراحة وجوب عرض التعديلات مرة أخرى على المحكمة، وحيث إنه أيضًا لا توجد سوابق أو أعراف دستورية توجب هذا الاتجاه، إذن فالأمر محل اجتهاد، والجهة المنوط بها حسم هذا الأمر في النهاية هي المحكمة الدستورية وليس محكمة القضاء الإداري، ومن ثم كان الأولى – في تقديري- ألا تقطع محكمة القضاء الإداري في الأمر، وكان أولى بها أن تكتفي بإحالة الأمر للمحكمة الدستورية، وإلا فما فائدة الإحالة بعد أن حسمت المحكمة أمرها بأن عدم العرض يعد مخالفة دستورية، وقضت في الموضوع بناء على ذلك؟.
ملاحظتان أخيرتان:
أولهما أنني أؤيد الطعن على هذا الحكم أمام المحكمة الإدارية العليا، ليس بهدف إلغاء الحكم وإجراء الانتخابات، بل بهدف عرض حيثيات هذا الحكم على المحكمة الإدارية العليا لتقول فيها رأيها، لما تمثله هذه الحيثيات من سوابق قضائية في غاية الأهمية حال تأييدها، ولكن في ذات الوقت أتمنى أن يقوم مجلس الشورى بالتوازي بإعادة تعديل قانون الانتخابات وعرضه على المحكمة الدستورية بعد استيفاء كافة الملاحظات التي أشارت إليها المحكمة الدستورية في تقريرها، حتى ولو حكمت المحكمة الإدارية العليا بإلغاء حكم محكمة القضاء الإداري.
ثانيهما: أن مبدأ الفصل بين السلطات يعد مظهرًا مستقرًا في النظم الديمقراطية المعاصرة، وهو ضمانة لعدم تغول سلطة على اختصاصات سلطة أخرى، ومن ثم يجب التعامل بعناية فائقة مع النصوص التي تنظم هذه الاختصاصات، وبناء على ذلك يجب على كل سلطة من سلطات الدولة أن تراعي استقلال السلطة الأخرى، وفقًا للضوابط الدستورية الحاكمة.
أرسل مقالك للنشر هنا وتجنب ما يجرح المشاعر والمقدسات والآداب العامة
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.