حضرت ندوة فى نادى الكتاب والأدباء مساء يوم السبت 14/12/2013 احتفاءً بمولود جديد من الشعر بعنوان «اتولدنا» للشاعرة مريم توفيق. قدمت فيه الشاعرة حب مصر على أى شىء آخر فى الحياة، وقدمت طموحاتها وآمالها فى استقرار الحياة بعد ثورتين عظيمتين فى ظل مواطنة أصيلة، وروح وطنية تعكس الوحدة العزيزة بعيدا عن الفتنة، وتعكس الحب بعيدا عن الكراهية، وتعكس السلام بعيدا عن الحرب، وتعكس روح السماحة بعيدا عن روح العداوة. عكست الشاعرة أيضاً فى ديوانها الجديد مخاوفها من واقع الضعف فى الوطن، أملاً فى امتلاك القوة، وخوفاً من واقع الاستسلام، حبا فى التقدم والانطلاق. شهد يوم السبت ذاته أيضاً بعد الظهر احتفالا بسيطا وعمليا فى رئاسة الجمهورية بالإعلان عن الاستفتاء على الدستور فى حضور أعضاء لجنة الخمسين الأساسيين والأعضاء الاحتياطيين كذلك مع لجنة الخبراء وبعض الوزراء وكبار رجال القوات المسلحة والشرطة والإعلام، حيث ألقى رئيس لجنة الخمسين السيد عمرو موسى كلمته وتلاه خطاب الختام ألقاه المستشار عدلى منصور رئيس الجمهورية. استغرق الحفل ساعة ونصف الساعة تقريبا وانفض ليذهب كل إلى عمله. سررت بديوان «اتولدنا» حيث إننى شعرت بقيمة هذا العنوان بعد عودتى إلى مصر من المنفى الذى استمر 23 سنة. كنت قد كتبت مقدمة للديوان جاء فيها: صدقت الأحاسيس، فأضاءت الكلمات، ونورت القصائد، فكانت العناوين الجميلة، والمحتوى النابض بالحياة، ومَن غير الشعراء يفعل ذلك؟!! اختيار الكلمات شعراً ونثراً، دليل تدفق الحياة فى شرايين القصائد. ما أجمل كتابة الإهداء لمن يستحق، وما أجمل الحديث مع مصر دون وسيط، وما أجمل تدفق الشعر، كأن الشاعر يغترف من المحيط. ما أجمل أن تقول شاعرتنا الكريمة: «يا مصر عشقك فى دمى بيسرى من قبل مينا ليه النهارده يا أمى شايفاكى دايما حزينة». الحديث عن عشق الأوطان، يشمل بالضرورة عشق الإنسان، بل والحيوان والجدران والمكان والزمان. يشعر الناس فى حضن الأم بالأمان، ويشعرون بالأسى عندما تكون الأم حزينة وأى أم تلك الحزينة؟ إنها مصر، أنبياء ورسل وحضارة وقيم وتاريخ، يندر أن يكون له مثيل فى العالم على الإطلاق. استوقفنى عند القراءة بتعمق، أبيات من الشعر سلسة وعذبة، وكأنها واحة نستظل بظلها، نشعر معها وفيها بالدفء والظل الظليل والحنين إلى الوطن الجميل: «دينى ودينك كله سماحة مصر بلدنا أجمل واحة يوم مانتوه بتنادى علينا نرجع تانى على العنوان». ما أجمل وصف الحقيقة المؤلمة فى مصر، عندما تقول الشاعرة: «والصفوة عايشين فى مارينا وجنوب سينا والناس بتموت على تراسينا فى شق التعبان». تذكر ت، وأنا أقرأ هذا الشعر المعبر الجميل، أيام المنفى الحزينة، حتى فى أجمل بلاد الغرب، وتذكرت الدويقة والمقارنة العبقرية الفذة بينها وبين مارينا وشرم الشيخ فى جنوب سينا، أما الإحساس الراقى بالوجع والألم، فيتحول إلى آهات مسموعة حتى مع الصمت: «لما تحس العجز عن نجدة ضعيف محصور بيصرخ من الألم لما أخوك ينده يقول أنا بندبح وإنت تسيبه يندبح زى الغنم لما الغريب بييجى ينجده ويموت عشانه وانت واقف كالصنم». هذه صورة معبرة تنبض بالإحساس والمحسوس، وتعبر عن قيم فى المجتمع قد اندثر معظمها وكأن الشاعرة تريد مرة أخرى أن تردد مع الصورة المؤلمة قول الشاعر: «مررت على المروءة وهى تبكى فقلت علامَ تنتحب الفتاة فقالت كيف لا أبكى وأهلى جميعا دون خلق الله ماتوا». تخاطب شاعرتنا الوطن الحبيب مصر، وتجيبها مصر بكل حب عميق ومودة خالصة، أنا مصر أرض الحضارة والأديان، سأظل شاهدة مدى الأيام، على أننى أرض الحب والحضارة والوئام والسلام: «يا مصر يا أم الهرم والأديرة والكرم والمادنة والصلبان ياللى سبقتى الأمم ورفعتى دايما علم للعلم والإيمان». إن ربط العلم إلى شجرة الإيمان، يوضح قوة الجذع وأهميته، وثمرة الفرع مع ورقته. وما أروع أن تواصل الشاعرة نشر أحاسيسها الجميلة على الأم العزيزة مصر، وتشعر أن مصر فى حاجة إليها وما أجمله من إحساس أن نحس أن الأم بحاجة إلينا وإلى وقفتنا معاً يدا بيد وكتفا بكتف وقلبا بقلب، كما أننا جميعا فى حاجة إلى مصر، فتقول الشاعرة الكريمة: «مصر الزمان والمكان دى مصر ساكنه فى قلوبنا وكل مصرى حبيبنا فى الشدة دايما يبان يا مصر انتِ الأصالة ماتعرفيش الندالة ولا تخضعى لجبان». ما أجمل الشعر إذا صادف الشاعر غايته، وما أجمل الحلم إذا تحول إلى حقيقة. والله الموفق