بعد ثورة 25 يناير أعلن كثير من قادة الفكر الجهادى التزامهم بالمراجعات التى تمنعهم من استخدام العنف فى التعامل مع خصومهم السياسيين والفكريين، وكان من بينهم الدكتور طارق الزمر، المتحدث باسم حزب البناء والتنمية الإسلامى، الذى أعلن بشكل صريح تراجعه عن استخدام العنف، والذى أُطلق سراحه عقب سجنه 30 سنة بعد إدانته فى اغتيال محمد أنور السادات، الرئيس الأسبق، واعتبر الزمر أن الأوضاع السياسية فى البلاد تغيرت، وأن التيار الإسلامى يحقق مكاسب فى الشارع، فى ظل رئيس ينتمى إلى نفس التيار ومن قبله برلمان تسوده أغلبية تنتمى لفصائل الإسلام السياسى. * ما رأيك فى اتهام الفكر الجهادى بالوقوف وراء حادث رفح الأخير؟ - هؤلاء ليسوا جهاديين، هم فقط مجموعات شبابية لديهم فهم مشوش، ونظراً لطبيعتهم الخاصة واحتكاكهم بعناصر من المطاريد كان لهم هذه التوجه الذى يميل لاستخدام العنف فى التعامل مع خصومهم. * وهل تعتقد أن هذه العمليات ستستمر فى الفترة المقبلة؟ - بكل أسف، العمليات المسلحة مرتبطة بشكل كبير بحالة الانفلات الأمنى التى تشهدها البلاد فى كل المناحى، نظراً لوجود جهود حثيثة لفلول النظام البائد وقوى الثورة المضادة لشل الحالة الأمنية فى مصر بمزيد من الإجراءات التعسفية ضد العمال، ما يضطرهم للخروج للاحتجاج، كما أن بعض رجال الأعمال يؤجرون «البلطجية» لأداء بعض الخدمات، وفى هذه الحالة الأمنية «المترهلة» من المتوقع أن تتكرر أحداث العنف، سواء أكان فاعلوها جهاديين أم غيرهم. * وماذا عن نظرة الشارع لتلك الحركات، خاصة أن الإسلام السياسى حاز شعبية خلال الفترة الماضية؟ - بالتأكيد أعمال العنف لا تزيد الجهاديين أرضية فى الشارع، ولا تضيف لهم أى مكسب على الإطلاق، بل العكس، فكل حادث عنف ينفذه الجهاديون سيكون بمثابة خسارة جديدة، لأن الثورة المصرية أرست تقاليد جديدة فى العمل العام والسياسى، ووضعت قوانين جديدة للعبة السياسية، وأعتقد أن من يميل لاستخدام العنف بعد الثورة كأنه ينتحر سياسياً. * وماذا عن المراجعات التى أعلنها كثير من قادة الفكر الجهادى فى السابق والتى يحدث عكسها على الأرض؟ - المراجعات كانت مسألة ضرورية لأن الأوضاع السياسية مختلفة فى فترة حكم السادات، عندما كان النظام السياسى مستبداً فكان هو المسئول عن الاحتقان الموجود فى الشارع، لأن «السادات» أغلق كل منافذ حرية التعبير، وكان يزج بأبناء الفكر الجهادى فى السجون، ويقتلهم فى الطرقات، ويستبيح دماءهم، فكان لا بد وقتها من وقفة مع هذا الحاكم المتسلط. أما بعد الثورة فإننا نقول إن كل عمل ذى طبيعة مسلحة فى المستقبل هو خروج صريح على الإرادة الشعبية. * هل تعتقد أن هذه العمليات تؤثر على موقف الرئيس محمد مرسى الذى ينتمى لأحد فصائل الإسلام السياسى؟ - وجود عمليات جهادية مسلحة فى الوقت الحالى يؤثر سلباً على موقف رئيس الجمهورية الإسلامى، وأظن أن هناك أعداداً من العلمانيين المغرضين يحاولون توجيه نظر الناس إلى الأخطاء فى الدولة منذ تولى الرئيس الحكم، ويسعون لصرف الناس عن كل المحاسن التى نفذها «مرسى»، ومن قبله البرلمان الإسلامى. * وهل يؤثر هذا على المشروع الإسلامى الذى يتبناه؟ - البعض يغفل أن أكبر العمليات الجهادية كانت فى عهدى «السادات» ومن بعده المخلوع «مبارك»، حتى أننا استهدفنا رأس الدولة فى عهد «السادات»، لكنها محاولات لا تنتهى لإجهاض المشروع الإسلامى ووأده قبل أن يتشكل.