مواطن يمر بأحد الكمائن الأمنية وبعد الاستعلام عنه، يسمع عبارة "اتفضل معانا حضرتك عليك حكم قضائي بالسجن كام سنة في قضية كذا". ليرد المواطن أنه برئ وأنه لم يسبق له دخول قسم الشرطة أصلا، ليرد عليه الضابط أن الاسم مسجل على "كمبيوتر تنفيذ الأحكام"، وأنه سيتم القبض عليه لتنفيذ الحكم على أن يقوم بالتظلم أو تقديم معارضة أو يثبت أمام النيابة العامة أن الواقعة تشابه أسماء وانه لم يصدر عليه أي أحكام قضائي. تسمى هذه المشكلة ب،"تشابه الأسماء" والتي تقع بسبب صدور أحكام قضائية على أشخاص بأسماء ثلاثية أو رباعية دون وجود رقم قومي أو عنوان دقيق وبالتالي يقع بعض الأبرياء ضحايا بسبب هذه المشكلة. كانت هذه المشكلة الكبيرة هي محور حوار الإعلامي أسامة كمال في برنامج "مساء dmc"، المذاع عبر فضائية "dmc"، بحضور عدد من الخبراء المتخصصين. أرجع اللواء أحمد عبدالباسط، مساعد وزير الداخلية السابق، هذه المشكلة لتأخر مصر في إصدار تقنية بطاقة الرقم القومي، كما أرجعها إلى عدد القضايا الكبير المتداول في المحاكم المصرية. وضرب مساعد وزير الداخلية السابق مثلًا بمواطن رفع قضية شك ضد مواطن يدعى أحمد علي محمد المقيم ببولاق الدكرور، وأنه فور صدور الحكم يتم تسجيله على الحاسب الآلي الخاص بالإدارة العامة لتنفيذ الأحكام. وأوضح عبدالباسط أن المعلومات المختصرة والضنينة تنتهي إلى محكمة تصدر حكما غيابيا نظرًا لغياب المتهم وعدم التوصل إليه، وصدور حكم ضد مواطن يدعى أحمد على محمد يقيم في بولاق الدكرور، لدرجة أن أي مواطن يدعى أحمد علي محمد يقف في كمين ويتم الاستعلام عنه يظهر أمام اسمه انه محكوم عليه بالسجن في قضية كذا. وأشار عبدالباسط أن تحقيق الاشتباه في المواطن يستغرق 3 أيام نظرًا لأن الحاسب الإداري الخاص بالإدارة ليس لديه أي معلومات إضافية يمكنه التحقق من الاشتباه في الأشخاص المحكوم عليهم. أكد أن الإدارة العامة لتنفيذ الأحكام تعمل على تنقية بيانات الأحكام الواردة إليها مع وجود رابط بينها وبين مصلحة الاحوال المدنية لتحقيق أقصى درجة ممكنة من الانضباط للبيانات لشكل يقترب من الصحيح. وطالب عبدالباسط بضرورة تواصل المحاكم مع البنوك في حالات قضايا الشيكات لمعرفة اسم صاحب دفتر الشيكات رباعي ورقم بطاقة الرقم القومي، ورقم هاتفه، لافتا إلى أن ذلك سيتسبب في صدور الحكم على شخص بإسمه رباعي وبالرقم القومي. ولفت مساعد وزير الداخلية السابق إلى أن قضايا الاعتداء والضرب تطلب فيها النيابة العامة تحريات المباحث، والتي تستوجب استكمال بيانات المشتكى في حقه أو الجاني. النائب حسين غيتة، عضو مجلس النواب، أكد أنه تقدم اقتراح برغبة لاتخاذ خطوات فعالة في مشكلة تشابه الأسماء. وانتقد غيتة نظام العمل في وزارة الداخلية والذي يحصل على البيانات الخاصة بالمحكوم عليهم بالاسم ثلاثي، ومكان الإقامة مطالبًا بتزويد "السيستم" الخاص بتنفيذ الأحكام بالرقم القومي واسم الأم لإنهاء مشكلة تشابه الأسماء، والقبض على أشخاص أبرياء بسبب تشابه الأسماء. وانتقد غيتة أيضًا عدم اهتمام وزارة الداخلية بتسجيل المعارضات القضائية لتنفيذ الأحكام، ما يتسبب في القبض على الأشخاص الصادرة أحكام ضدهم رغم قيامهم بعمل معارضات، والسير في إجراءات التقاضي وإيقاف تنفيذ الحكم مؤقتًا. الدكتور أحمد الجنزوري، المحامي بالنقض، طالب بتطبيق تأكيد البيانات في النيابات المختلفة قبل إرسال القضايا للمحاكم للحصول على الأحكام القضائية، مشيرًا إلى أن ذلك قد يستغرق مزيد من الوقت ولكنه يتسبب في دقة الأحكام. وضرب الجنزوري مثل بمواطن تم القبض عليه ولا يحمل إثبات شخصية، وقال في محضر الشرطة، إنه يدعي أحمد محمد علي وهو في الحقيقة لا يحمل هذا الاسم، قائلا إنه يتم إحالته للنيابة ومنها للمحكمة ويصدر حكم على صاحب هذا الاسم. وذكر المحامي بالنقض واقعة حقيقية حدثت معه حينما اتصل به أحد الموكلين وأخبره أنه تم القبض عليه لتنفيذ حكم قضائي لجريمة في بلد ما لم يرتكبها ولم يذهب لهذه البلد بسبب تشابه اسمه مع اسم المحكوم عليه، وأنه حينما قام بفحص المحضر الخاص بالقضية وجد أن المتهم الذي تم القبض عليه لم يكن يحمل إثبات شخصية وملى اسمه في المحضر مشابه لاسم موكله ومحل إقامة بنفس المنطقة وأنه اتخذ إجراءات عديدة ومعقدة من أجل اثبات أن المقبوض عليه ليس هو الشخص الذي ارتكب الجريمة. من جانبه أكد اللواء أحمد عبدالباسط مساعد وزير الداخلية السابق أن نظام تنفيذ الاحكام أصبح الأن لا يقبل بيانات جزئية لأشخاص محكوم عليهم ولا يقبل الا البيانات الكاملة مطالبًا بضرورة الربط المعلوماتي بين النيابات وإدارات تنفيذ الاحكام. ولفت عبدالباسط إلى أن بعض الكمائن الأمنية في الأماكن ذات الحساسية أصبحت مزودة بقارئ لباركود بطاقات الرقم القومي يمكنه من خلاله التعرف على البيانات الكاملة لصاحب البطاقة. وكشف أحمد الجنزوري المحامي أن هناك عصابات منظمة تضم موظفيين في جهات حكومية يبحثوا عن أراضي أصحابها غير موجودين ولتكن بإسم احمد محمد علي ويذهب للأحوال المدنية ويستعلم عن أصحاب هذا الاسم ثم يحرروا توكيل من صاحب الإسم لشخص آخر ليبيع هذه الأرض ومن ثم الدخول في منازعات قضائية موجودة في ساحات المحاكم بالفعل. وطالب الجنزوري بضرورة وضع الرقم القومي كشرط أساسي في رفع الدعاوى القضائية، مع ضرورة وجود قطاع متخصص في تحضير الدعاوي القضائية قبل إحالتها للمحاكم الجنائية. وقال: "أنا عندي مواطن عليه 130 حكما من 25 محافظة عشان اسمه مشابه لناس كتير واتقبض عليه وشال القضايا عن الكل". من جانبه قال الإعلامي أسامة كمال إن الرئيس عبدالفتاح السيسي يطالب دائمًا بوجود بيانات موحدة ومتوفرة مطالبًا الرئيس بضرورة التدخل لحل مشكلة تشابه الأسماء، وتنفيذ أحكام قضائية على أفراد أبرياء بسبب تشابه الأسماء. وأجمع الحاضرون على ضرورة حل مشكلة تشابه الأسماء في تنفيذ الأحكام القضائية لأن ذلك يؤدي إلى المساس بحقوق الإنسان، مؤكدين أنها ظاهرة حقيقية تستحق الإهتمام التشريعي والقانوني لها، وضرورة أن يتم التحرك بدءا من الغد لحل هذه المشكلة التي تؤرق وتزعج عدد كبير من المواطنين.