"زغرودة فرحة انتقلت من الفنان لتعبر عما يجيش به شعب مصر بعواطفه وبوجدانه وبقلبه من فرحه في هذا النصر الكبير".. تلك كانت لقطة صوتية عزفها المذيع الراحل أحمد سمير، على أوتار حنجرته بصوته العميق ولغته العربية الفصيحة، ولبقاته ووجهه السينمائي، من داخل قاعة المؤتمرات بمدينة نصر في الذكرى السادسة عشرة لانتصارات أكتوبر، ليستحق عن جدارة أن يكون مذيع المراسم والبروتوكلات والفعاليات الرسمية. أحمد سمير، الذي ولد في مدينة الزقازيق بمحافظة الشرقية عام 1940، وتخرج في كلية التجارة من جامعة القاهرة عام1961، أهلته إمكانياته الصوتية ومظهره المتميز، أن يكون مذيعًا بالتلفزيون الرسمي للدولة بعد انطلاقته بثلاثة أعوام، ليصبح في مصاف المذيعين الأوائل في تقديم النشرة الإخبارية. الظروف ساقت "سمير" لأن يقرأ خبر انسحاب القوات المصرية من سيناء عام1967 على شاشة التلفزيون المصري وقتها، ومن اللحظات العصيبة أيضًا في حياته أيضا عندما قرأ خبر وفاة الزعيم جمال عبدالناصر في نشرة الأخبار، إلا أن أقلام محرري الأخبار ابتسمت له من جديد، فقرأ أول بيان عسكري عن حرب أكتوبر عام 1973. تعليقه الصوتي الرائع على تلك الأخبار والأحداث الموثقة في سجلات التاريخ، خرجت به إلى مصاف المذيعين الرسميين، عندما مضى لفترة من الزمن يغطي معظم رحلات الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، وحواره مع المشير أبو غزالة، وزير الدفاع الأسبق. لم يكتفِ المذيع الراحل بإمكانياته الصوتية فحسب، بل درس الإعلام وفن الإلقاء، لصعوبة المهمات التي أسندت له في التغطيات للحفلات الرسمية والإذعات الخارجية، وتدرجه في المناصب الإعلامية إلى أن وصل لمنصب كبير مذيعي الأخبار والبرامج السياسة، ثم نائبا لرئيس القناة الأولي، وفي عام 1994 أصبح رئيسا لها. وجه "سمير" السينمائي، الذي كانت تعشقه الكاميرا، جعله يتجه نحو الفن فاشترك بالتمثيل في 3 مسرحيات هي: "المصيدة"، "الزلزال"، "ثلاثة مجانين عقلاء"، كما أن لغته الفصيحة وأسلوبه المميز لم يكن في قراءة النشرة والتغطيات الإخبارية فقط، بل استخدمه لصياغة حوار ثلاثة أفلام، كما كتب للتليفزيون سيناريو وحوار مسلسلين هما: "الهروب إلى المجهول"، "عصر الخانكة" وله أيضا روايتان هما: "عصر الضحايا"، "لن يضيع الغد يا حبيبي". في 15 ديسمبر 1959، رحل "سمير" عن عالمنا، إثر أزمة قلبية مفاجئة، ولا أحد ينسى طلته ولا رنين صوته المميز.