نزل إلى ميدان التحرير في 25 يناير 2011، بمطلب وطموح مختلف عن باقي أقرانه من شباب الثورة، فحلمه لم يكن تحقيق العيش والحرية والعدالة الاجتماعية، بل كان مطلبه وحلمه هو الإنسانية، التي رآها الهدف الأسمى.. خرج بحلمه من جديد في شارع "محمد محمود"، ولم يسلم من خرطوش "الداخلية"، بعدها أصر على الصمود في شارع مجلس الوزراء دفاعا عن "النخوة والرجولة"، التي رآها قد أصيبت في مقتل بعد مشهد سحل "ست البنات".. إلى أن حقق أمنية سعى من أجلها كثيرا منذ الصغر "أنا نفسي أموت شهيد". "عاش طول عمره بينادي بحقوق الناس الغلابة وبيصعب عليه حالهم"، هكذا تقول شقيقة الشهيد محمد مصطفى، شهيد أحداث مجلس الوزراء عنه، فهو الشاب صاحب ال 21 عاما، ورغم أنه كان من أسرة ميسورة الحال، لم تعاني أعباء المعيشة قبل الثورة، إلا أنه تواجد من اليوم الأول في ميدان التحرير ملبيا نداء بلده، وتتابع شقيقته حديثها "كان دايما شايف أن البني آدم لازم يعيش علشان هدف يموت من أجله، وكانت كرامة وحرية بلده هي هدفه، وكان يقول لماما دايما إيه الفايدة أني أموت وأنا عندي 70 سنة من غير ما أعمل حاجة لبلدي". تسرد الشقيقة حكاية الشهيد من بدايتها، فتقول "محمد من صغره وهو متفوق دراسيا، التحق بكلية هندسة عين شمس، وكان بيحب الرياضة جدا، فمارس السباحة وعمره 3 سنوات وتفوق فيها وحقق بطولات عديدة، والتحق بمنتخب مصر للسباحة، وأيضا مارس لعبة التنس"، أحاديث الصغير "محمد" مع والده، كانت دائما ثورية، فرغم أنه كان الولد الوحيد لشقيقتين، إلا أنه تمنى أن يتطوع في الجيش، وكان يقول: عايز أحارب علشان القضية الفلسطينية والبلد والناس، نفسي أموت شهيد". محمد كان عضوا بأولتراس أهلاوي، "كان ينزل الفعاليات بشكل فردي، وأصيب بأكثر من طلق خرطوش في أنحاء متفرقة من الجسد، وأنا كطبيبة استخرجت له طلقتين خرطوش من إيده، هو أول شهيد من أعضاء الأولتراس في مجلس الوزراء، ونزل بعد سحل ست البنات، وهو نزل علشان حس إن اللي حصل للبنت في الشارع لا فيه رجولة ولا نخوة، وشعر أن ده ممكن يحصلي أو يحصل لأختي التانية، وقال لماما لو منزلتش مبقاش راجل". الاثنين 19 ديسمبر كان موعد "محمد" مع الشهادة، "نزل من الساعة 8 الصبح، وشارك في جنازة الشيخ عماد عفت، وظل طول اليوم هناك، واتصاب يومها بخرطوش في رجله واتعالج ورجع تاني، والساعة 11 بالليل رجع البيت أكل وغير ملابسه، ونزل حوالي الساعة واحدة صباحا، ومع فجر يوم الثلاثاء أصيب، وحملوه زميله على أكتافهم، ولم يجدوا عربية إسعاف، لأن المجلس العسكري وقتها منع دخول أي عربية لمحيط مجلس الوزراء، بعدها حملوه على دراجة بخارية ونقلوه للمستشفى وهناك لقى الشهادة". "لو أنا استشهدت زي الشيخ عماد عفت وعلاء عبد الهادي لازم تكوني فخورة بيا"، آخر كلمات الشهيد محمد مصطفى لوالدته قبل نزوله الأحداث، تاركا وراءه متع الدنيا وإغراءات السفر لأمريكا، بعد أن استخرج تأشيرة الولاياتالمتحدةالأمريكية يوم 15 ديسمبر، للسفر في منحة لاستكمال دراسة الهندسة خارج مصر، من أجل البحث عن الإنسانية التي فقدها قاتلوه بوحشيتهم. ذكرى استشهاد "محمد" التي كتب عنها شهيد الصحافة الحسيني أبو ضيف قبل عامين، في ملف عن شهداء مجلس الوزراء، تقول عنها شقيته "الحسيني دخل بيتنا واتكلم معانا وصور غرفة محمد، وكتب عنه مقال جميل ورائع، حسيت فيه إن شهيد جي يتكلم عن شهيد، وفعلا معدتش سنة إلا وكان أبو ضيف شهيد زيه".