لفت نظرى عند التصويت النهائى على مشروع الدستور، نتيجة التصويت على المادة 218 التى تنص على أن «تلتزم الدولة بمكافحة الفساد، ويحدد القانون الهيئات المستقلة والأجهزة الرقابية المختصة بذلك، وتعد من تلك الهيئات والأجهزة، الجهاز المركزى للمحاسبات، وهيئة الرقابة الإدارية. وتلتزم الهيئات والأجهزة الرقابية المختصة بالتنسيق فيما بينها فى مكافحة الفساد، وتعزيز قيم النزاهة والشفافية، ضماناً لحسن أداء الوظيفة العامة والحفاظ على المال العام، ووضع ومتابعة تنفيذ الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد بالمشاركة مع غيرها من الهيئات والأجهزة المعنية، وذلك على النحو الذى ينظمه القانون». انتهى النص. جاءت نتيجة التصويت مذهلة لى، حيث وافق 44 عضوا فقط على هذه المادة مع امتناع عضو واحد عن التصويت، واعتراض عضوين وغياب عضوين. المادة تتحدث عن مكافحة الفساد فهل هناك أعضاء لا يقفون إلى جانب مكافحة الفساد ودعم الهيئات المستقلة والأجهزة الرقابية المختصة فى مهمتها، مثل الجهاز المركزى للمحاسبات وهيئة الرقابة الإدارية؟ صحيح أن هذه الأجهزة لها وعليها، ولم تستطع أن تقف فى وجه فساد النظام المباركى، ولكنها مثل كل جهاز فى الدولة بعد الثورتين العظيمتين، ينبغى أن تنطلق وتعرف أن الشعب ظهير لها وداعم لأنشطتها. أذهلنى أن هناك من اعترض على هذه المادة، وفيها أيضاً التزام بالتنسيق فى مكافحة الفساد وتعزيز قيم النزاهة والشفافية، ولا أظن أن هناك من فعل ذلك عمدا وإلا كانت كارثة، ولربما كان الجهاز الإلكترونى فى تلك اللحظة لا يعمل، أو به خلل، لأن كل التصويت كان إلكترونيا، فيما عدا التصويت على الديباجة ومرة واحدة للتصويت على مشروع الدستور ككل. ومرة أو مرتين تعطلت فيها الأجهزة الإلكترونية. كما لفت نظرى أثناء الحوار والنقاش، تمهيدا للتصويت حول المادة (217) بعد التعديل والترقيم الجديد، أنها كانت تنص فى الدساتير السابقة على أن تقدم الهيئات المستقلة والأجهزة الرقابية تقارير سنوية إلى كل من رئيس الجمهورية ومجلس النواب بعد مدة شهر من نشرها. وقد حزنت عند قراءة تلك المادة لأننى أحسست أن الزمن لا قيمة له. كيف لا ترسل تلك الأجهزة تقاريرها السنوية إلى الجهات المختصة جميعا فور صدورها؟ وقد وافقت اللجنة بالإجماع على هذا التعديل المقترح كما وافقت اللجنة بالإجماع على أن ترسل أيضاً تلك التقارير، إلى رئيس مجلس الوزراء. الدستور الجديد لسنة 2013 كله، فى يقينى، دستور يعبر عن تطلعات وآمال الشعب بكل فئاته وطوائفه، ويفسح الباب أمام جميع المواطنين بكل عقائدهم وألوانهم وأنواعهم وأصولهم للتمتع بالحريات الكاملة بما فى ذلك حرية الاعتقاد. ومن أجمل المواد التى لا تحتاج إلى تعليق كثير المادة (159) التى تنص على أن «يكون اتهام رئيس الجمهورية بانتهاك أحكام الدستور، أو بالخيانة العظمى، أو أية جناية أخرى، بناء على طلب موقع من أغلبية أعضاء مجلس النواب على الأقل، ولا يصدر قرار الاتهام إلا بأغلبية ثلثى أعضاء المجلس، وبعد تحقيق يجريه معه النائب العام، وإذا كان به مانع يحل محله أحد مساعديه. وبمجرد صدور هذا القرار، يوقف رئيس الجمهورية عن عمله، ويعتبر ذلك مانعاً مؤقتاً يحول دون مباشرته لاختصاصاته حتى صدور حكم فى الدعوى. ويحاكم رئيس الجمهورية أمام محكمة خاصة يرأسها رئيس مجلس القضاء الأعلى، وعضوية أقدم نائب لرئيس المحكمة الدستورية العليا، وأقدم نائب لرئيس مجلس الدولة، وأقدم رئيسين بمحاكم الاستئناف، ويتولى الادعاء أمامها النائب العام، وإذا قام بأحدهم مانع، حل محله من يليه فى الأقدمية، وأحكام المحكمة نهائية غير قابلة للطعن. وينظم القانون إجراءات التحقيق، والمحاكمة، وإذا حكم بإدانة رئيس الجمهورية أعفى من منصبه، مع عدم الإخلال بالعقوبات الأخرى». كل المواد فى يقينى محترمة والعجب العجاب أن بعضهم من الكاذبين والحاقدين مهما كان انتماؤه السياسى، يشيع بين العامة أن هذا الدستور ضد الدين، والدستور يقول فى مادته الثانية «الإسلام دين الدولة، واللغة العربية لغتها الرسمية، ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسى للتشريع». والمصريون فى غالبيتهم مسلمون قبل الدستور ومع الدستور وبعد الدستور. هناك مادة أخرى هى المادة 131، بشأن سحب الثقة من رئيس مجلس الوزراء، يقول النص فى جزء منها «وإذا قرر المجلس سحب الثقة من رئيس مجلس الوزراء أو من أحد نوابه أو أحد الوزراء أو نوابهم وأعلنت الحكومة تضامنها معه قبل التصويت وجب أن تقدم الحكومة استقالتها». هذا الحزم كنا نفتقر إليه وبقى التطبيق. والله الموفق