أمام غرفة المشرحة فى قبو «بدروم» مستشفى الزيتون التخصصى، افترش عدد من أهل القتيل عبدالرحمن طارق عنتر «17 سنة» الأرض. بعضهم معصوب الرأس، وبعضهم بلباسه الداخلى. بعضهم لا يزال يتصبب عرقاً، وبعضهم يهدّئ مَنْ حوله. هكذا أقفل أمس الأول على عدد من أهل عبدالرحمن الذى لقى مصرعه إثر حادث سيارتين تسبب فى مشادة بينه وبين ضابط شرطة يُدعى محمد جمال عبدالناصر، وانتهت المشادة بمقتل محمد بطلقة فى الصدر. «ثلاث طلقات فى الهواء أطلقها ملازم الشرطة محمد جمال للتحذير، والرابعة وجّه معها فوهة «مسدسه» نحو الشاب الذى احتكت سيارته النصف نقل بسيارة الملازم فرنسية الصنع.. استقرت الرصاصة فى عنق عبدالرحمن عنتر ليلقى حتفه أمام عينى والده وأقاربه الذين قاموا بالاعتداء المبرح على الضابط قبل الاتصال بالشرطة لاستلامه غارقاً فى دمائه»، هذا ما وافى به بعض شهود العيان محرر «الوطن» عن حادثة القتل. فى حدود الرابعة عصر الأحد اتصل عبدالرحمن بوالده، تاجر الخضراوات، ليخبره أن سيارته، نصف النقل، احتكت بسيارة ضابط شرطة فى «شارع المصانع» وأن الضابط مُصر على اصطحابه إلى قسم شرطة الأميرية. انتقل الوالد على الفور مع إخوته وأبنائهم إلى مكان الحادث، ويقول أحمد عنتر، عم القتيل: «الضابط رفض التراضى وأصر على احتجاز عبدالرحمن وأخرج مسدسه أمامنا وأطلق طلقات فى الهواء ابتعدنا قليلاً فأطلق رصاصة أصابت ابننا ومات فوراً». وصل إلى والدة عبدالرحمن خبر أن ابنها أصيب برصاصة أودت بحياته فأصيبت بانهيار عصبى، ودخلت غرفة العناية المركزة فى المستشفى ذاته الذى تم فيه احتجاز جثة ابنها «مستشفى الزيتون التخصصى»، وبعد ساعات خرجت الأم إلى بيتها. ولم تسمح أسرة القتيل ل«الوطن» بالالتقاء بوالدة القتيل «نظراً لظروفها الصحية»، بحسب أحد أقارب القتيل. وأوصد مستشفى الزيتون القريبة من قسم شرطة الأميرية أبوابه وتحفظ على الجثة فى مشرحته لحين وصول أحد ممثلى النيابة العامة، العشرات من أسرة القتيل وأصدقائه انتشروا فى محيط المستشفى بعضهم مترجلاً وبعضهم مستقلاً دراجات نارية «موتوسيكلات»، وفى داخل المستشفى قرابة الثلاثين من ذوى القتيل أغلبهم افترشوا الأرض أمام مشرحة المستشفى الذى تم التحفظ فيه على جثة «عبدالرحمن»، وفى هذه الأثناء حاولت «الوطن» الحصول على تصريحات من بعض أعمام القتيل لكنهم أعلنوا رفضهم التام التصريح لوسائل الإعلام. تطورت الأحداث سريعاً على الأسرة التى باتت ليلتها مقسمة بين منزل القتيل فى سوق الأميرية، ومشرحة مستشفى الزيتون التخصصى، وأمام قسم شرطة الأميرية الذى نشر أفراده المسلحين على أبواب القسم واحتجز بعضاً من أهالى القتيل بالداخل منهم والده وأحد أعمامه بتهمة التعدى على ضابط الشرطة المتهم بقتل ابنهم. تجمُّع الأهالى فى محيط قسم الشرطة قوبل بحالة من الاستنفار الأمنى، كما قام بعض أفراد الأمن باعتقال أحد الشباب فى حدود العاشرة بعدما قاد هتافات ضد جهاز الشرطة ووزير الداخلية المصرى، فيما تعدى أفراد شرطة آخرون، وسط حالة من الشحن، باللفظ والسباب على بعض مراسلى الصحف الموجودين فى محيط قسم الشرطة.