وسط ظلام دامس وحالات من الفزع والإغماء والغضب وبكاء الأطفال قضت «الوطن» ما يقرب من 60 دقيقة داخل أنفاق الخط الثانى للمترو (شبرا - المنيب) بعدما شهد خطا المترو انقطاع التيار الكهربائى، رصدت فيها تفاصيل واحدة من أكثر اللحظات فزعا بين ركاب المترو. البداية كانت فى الساعة 10 صباحا، عندما فوجئ ركاب الخط الثانى للمترو بتوقفه لفترات طويلة داخل المحطات دون سابق إنذار، ففى محطة المظلات وبعد دقيقتين من انطلاق القطار فوجئ الركاب بتوقف القطار داخل النفق ما بين محطتى المظلات والخلفاوى. قضى الركاب أكثر من ربع الساعة داخل عربات المترو، ظنا أن هناك عطلا طارئاً، لكنهم لجأوا إلى فتح الأبواب عن طريق كسر مفتاح الأبواب اليدوى داخل القطار. ورصدت «الوطن» مشاهد بالصور داخل الأنفاق بعدما قرر الركاب ترك القطار، والوصول إلى الخلفاوى سيرا على الأقدام، فى الوقت الذى قرر فيه عدد قليل من المسنين والسيدات البقاء داخل العربات لعدم قدرتهم على السير، ما تسبب فى حدوث حالات اختناق وإغماء لعدد كبير منهم، وشهد قطار المترو اشتباكات بين بعض الركاب وسائقى المترو بسبب عدم تلقيهم أية توضيحات من إدارة محطات المترو بشأن الأعطال. وتباينت ردود أفعال المواطنين بشأن الحادث، ففى الوقت الذى اعتبرت الغالبية العظمى أن ما حدث يأتى ضمن مؤامرة كبرى تحاك ضد الدكتور محمد مرسى، رئيس الجمهورية، ويعد بمثابة سيناريو فوضى منظمة لخلق حالة من السخط وزيادة الغضب الشعبى ضد مرسى، ألقى البعض الآخر بالمسئولية على رئيس الجمهورية والدكتور هشام قنديل، رئيس الوزراء، واعتبروا أن الحديث عن وجود مؤامرة ما هو إلا «شماعة» يعلق عليها المسئولون، وفى مقدمتهم الرئيس، خطاياهم، ما يكشف عن ضعف شديد داخل أجهزة الدولة وعجزها عن إدارة الأزمات الحالية. قال أحد موظفى محطة مترو الخلفاوى: «إن شبكة المترو تعانى مشكلات فنية لا حصر لها منذ انتهاء إشراف الشركة الفرنسية على الخط الثانى، وأضاف: هناك مولدات كهربائية احتياطية من المفترض أن تعمل فى لحظات انقطاع التيار الكهربائى، إلا أنها لم تعمل بسبب إهمال صيانتها من جانب الشركة المصرية لتشغيل المترو». وقال عقيد متقاعد قوات مسلحة، معتز بيومى، أحد الركاب الذين قرروا الوصول إلى محطتهم سيرا على الأقدام داخل النفق: إن ما يحدث «تهريج» منظم، وإن هناك من يريد أن يحارب رئيس الجمهورية من خلال افتعال أزمات فى عدد من الملفات التى تمس الحياة العامة للمواطنين، وأضاف: «أنا لا أنتمى إلى الإخوان لكننى أرى أن هناك محاولات لعرقلة الرئيس». محمد عبدالحليم، شاب يعمل فى أحد المصانع، استقل قطار المترو من شبرا الخيمة أملا فى الوصول إلى محطة الشهداء، قال إنه لن يذهب إلى العمل بسبب تأخره عن الموعد المحدد، وانتقد مسئولى محطة المترو بسبب ما وصف إياه بال«تطنيش» ومعاملة «لا إنسانية»، وقال: «لم يكلف أحد منهم نفسه ويبلغنا عن طريق الإذاعة الداخلية السبب الحقيقى وراء العطل». جمال عبدالوهاب، عامل فى أحد المصانع، يقطع رحلته يوميا من الشرقية إلى شبرا الخيمة ليستقل المترو حتى محطة السادات، قرر عدم الذهاب إلى العمل بعد أن أبلغوه فى الشركة بخصم يومين من راتبه بسبب التأخير عن موعده المحدد، اعتبر هو الآخر أن ما يحدث مؤامرة ضد مرسى والحكومة الجديدة. بينما قال أحمد شعبان، مشرف جودة فى إحدى الشركات، إن الحديث عن نظرية المؤامرة بمثابة «شماعة» يستخدمها المسئولون الجدد لتبرير فشلهم وعجزهم وضعفهم فى إدارة الدولة، وقال: «اللى بيحصل دلوقتى صراع على الكرسى لا دخل للشعب به». وشهدت محطة مترو الأوبرا تكدسا وازدحاما غير طبيعيين، وشهد القطار المتجه من المنيب إلى شبرا توقفا لمدة تزيد على ربع الساعة، ما اضطر الركاب إلى ترك القطار وافتراش الرصيف هربا من حرارة العربات التى توقفت مراوحها. صباح محمود، سيدة فى عقدها السادس، جاءت من منطقة «كرداسة» بالجيزة متجهة بصحبة ابنتها إلى العتبة لإنهاء أوراق المعاش المتعلقة بها، قالت إنها تعانى مرضى الضغط والسكر ولم تقدر على الاستمرار داخل المترو بسبب حرارة الجو، كما أنها لم تجد مكانا على الرصيف لتستريح. وقال أحد موظفى محطة مترو الأوبرا: إن انقطاع التيار الكهربائى عن الخطين الأول والثانى يعد المرة الأولى فى تاريخ المترو، حيث لم يسبق أن حدث انقطاع للتيار عن الخطين فى وقت واحد.