سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
غلق التحقيق في وجه "فساد القابضة" بسبب "عوار تشريعي" بقانون 203 المستشارة "فاطمة عبد العال": النيابة الإدارية لا يحق لها التحقيق في وقائع الفساد في شركات القابضة ذات اللوائح الخاصة بموجب قانون "203"
يجلسون على مكاتبهم كل يوم منذ الصباح حتى انتهاء ساعات العمل في امتعاض، هنا دائرتهم المغلقة، حيث لا يسير بهم المستقبل إلى جديد، يمر العمر، وتزداد سنوات الخبرة، ومازالت مكاتبهم هي الشاهدة الوحيدة على ذلك، فلا رئيس يراهم ولا ترقية تلحظ وجودهم، هكذا يسير حال عمال شركة مطاحن جنوبالقاهرة والجيزة بإدارة حلوان –كما يصفون-، وهي إحدى الشركات التابعة للشركة القابضة للصناعات الغذائية، بقطاع التبين وحلوان و15 مايو. كانت البداية عندما تقدم بعض عمال شركة مطاحن جنوبالقاهرة، ل"الوطن" بطلب النظر إلى شكواهم عن اعتماد الترقيات والعلاوات في عملهم على الوساطة والمحسوبية بدلا من الكفاءة والخبرة، لم تكن الوطن هي الخطوة الأولى التي اتخذها عمال الشركات التي تتبع الشركة القابضة بفروعها المختلفة لإعلان غضبهم من الظلم الواقع عليهم، بل توجهت الصفوف إلى أبواب النيابة الإدارية تشكو تواطؤ الشركة في مراعاة حقوق عمالها، لكن كان الرد الثابت أمامهم "ليس من اختصاص النيابة الإدارية الإطلاع على هذه الأوراق المرفقة بالشكوى أوالتحقيق مع الجهة المشكو في حقها". حيث إنه بموجب نص قانون شركات قطاع الأعمال العام، رقم 203 الصادر لسنة 1991، "لا يجوز لأية جهة رقابية بالدولة عدا الجهاز المركزى للمحاسبات أن تباشر أي عمل من أعمال الرقابة داخل المقر الرئيس أو المقار الفرعية لأي شركة من الشركات الخاضعة لأحكام مد القانون إلا بعد الحصول على إذن بذلك من الوزير المختص أو رئيس مجلس إدارة الشركة القابضة". الأمر الذي يجعل عمال الشركات القابضة وفروعها، والشركات التابعة لها، تلتزم الصمت أمام الواقع مهما ساد ظلمه، أو الاتجاه إلى مكاتب العمل، أوتقديم الشكوى مباشرة للشركة الأم والرضى بالتحقيق الذاتي، والذي يأتي في نهاية الأمر في صالح الشركة وليس العامل، لم يصمت "على زين العابدين" عن الظلم الذي أبصرت عينه عليه طوال سنوات عمله بالشركة، وأصر على المطالبة بحقوقه هو و"سوسن عبد المنعم" ومن معهم من العمال الذين يقعون تحت سطو المحسوبية، طرق عمال الشركات القابضة عدة أبواب ربما تساعدهم في الحصول على حقوقهم، "أنا تقدمت بأوارق تثبت أن الشركة اختارت رئيس قطاع مطاحن جونب القاهرة بالمحسوبية، إلى النيابة الإدارية بعد إبلاغي عن تلك المشاكل، لكن في النهاية لا توقع الشركة خطأ على قياداتها بقطاعات الشركات القابضة، لم يكن أمامي سوى الجهات الرقابية". توجه علي إلى مبنى النيابة الإدارية، حاملا في يده بعض الأوراق التي تثبت كفاءته في اعتلاء مناصب عليا في الشركة، وكذلك مستندات توحي بتقديم شخص لا تتوفر فيه المعايير الوظيفية كرئيس قطاع، يقول علي، ل"الوطن"، "رد النيابة بعدم اختصاصها في نظر أزمتنا، صدمنا وشعرنا إن حقوقنا مش هترجع"، وهنا جاء دور النيابة. "هناك شركات بالدولة تساهم في أكثر من رأس مالها لا تخضع لرقابة النيابة الإدارية عليها، ومعظمها تندرج تحت الشركات القابضة"، فأشارات المستشارة "قاطمة عبد العال" النيابة الإدارية ل "الوطن"، أن النيابة غير مختصة بالتحقيق مع الشركات التابعة للقابضة، -التي صدرت لهم لوائح خاصة لشئونهم الداخلية-، وفقا لقانون 203 لسنة 1991، والتي لا تستطيع النيابة التحقيق في وقائع الظلم والفساد الإداري التي يعاني الموظفين بموجبه، "هناك ظلم واقع على الموظفين داخل تلك الشركات". بالفعل أطلعت النيابة على بعض المستندات التي يحملها الموظفين لإدانة شركاتهم، والتي تثبت حقًا أن هناك مخالفات مالية وإدارية وإجراءات فصل تعسفية، تظهر في قطاع الأعمال العام، لكن لم تجد سبيلا سوى طلب موافقة "العضو المنتدب" داخل الشركة القابضة على قيام النيابة بالتحقيق في تلك الوقائع، والذي يأتي دائما بالرفض، "طلبنا موافقة العضو المنتدب للشركة القابضة على التحقيق بوقائع الفساد لكنه رفض"، وهو ما يوضح العوار التشريعي بالقانون من الأساس، والذي يدفع حقه المواطن، بعد يأسه في استرجاعه من خلال المحاكم العمالية ومكاتب العمل، طويلة الأمد، وطالبت المستشارة خلال حديثها بمعالجة هذا العوار التشريعي قانون 203، والذي يوضح أن الشركات التي لديها لوائح خاصة، لا يسري عليها نظام العاملين بالقطاع العام.