أكدت أكثر من 10 منظمات بيئية حقوقية، من بينها المبادرة المصرية للحقوق الشخصية ومنظمة السلام الأخضر، والمركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، ومؤسسة الغردقة لحماية البيئية، ومركز حابي للحقوق البيئية، وحركة 350، وحركة الشباب العربي للمناخ، قلقها الشديد من إصرار وزارة الصناعة والتجارة، على استخدام الفحم كبديل للغاز في مصانع الأسمنت والسيراميك، والتعجل غير المبرر بإصدار قرار استيراد الفحم، معتبرين أن هذا القرار يفيد قلة من المستثمرين الساعين لتحقيق أقصى الأرباح الممكنة، دون اعتبار للخسائر الاقتصادية والصحية والبيئية، التي ستتحملها الأجيال الحالية والقادمة. وأن هذا الإصرار يؤكد أن السياسات الاقتصادية العقيمة منذ عهد مبارك، التي تنحاز للمصالح الضيقة، لرجال الأعمال ضد باقي أفراد المجتمع، ما زالت مستمرة مع الحكومة الحالية. واتهمت المنظمات الحقوقية تصريحات وزير الصناعة عبر الصحف حول أهمية وضرورة وفائدة استخدام الفحم كبديل عن الغاز الطبيعي، لمواجهة مشاكل الطاقة الحالية في مصر، بالمبالغة وخلط المواضيع والمعلومات الناقصة غير الدقيقة، وأنها استهدفت الضغط لتمرير هذا القرار، رغم اعتراض وزارة البيئة عليه، وأيضا اعتراض عدد كبير من منظمات المجتمع المدني المعنية بالبيئة. ويقول البيان الصادر عن هذه المنظمات إن ما يضاعف القلق هو التعجل غير مبرر اتخاذ مثل هذا القرار، مؤكدين أن التحول للفحم كمصدر بديل للغاز الطبيعي، قرار استراتيجي خطير يستحق دراسة متأنية. وتابع البيان: "من المعلوم أن الفحم مصدر أكثر تلويثا من الغاز، يحمل مخاطر صحية كبيرة مع استخدامه، ونقله واستخراجه وأيضا مع التخلص من مخلفاته، كما يحمل التحول لاستخدام الفحم أعباء اقتصادية كبيرة نظرا لاحتياجه لتجهيزات في البنية التحتية اللازمة لاستيراده، ونقله وتخزينه وأيضا في تقنيات استخدامه". وأوضح البيان، أن كل هذا يأتي في ظل عدم وجود أو استكمال دراسات اقتصادية حول جدواه وفرص ثبات أسعاره، وضمان استمراره، أو دراسات بيئية حول الأعباء والعواقب البيئية والصحية، ويوضح التصريح الذي صدر بالفعل عن الوزير بأنه تم صرف 3 مليارات، من الميزانية في هذا المجال، قبل الموافقة على القرار، على مدى العشوائية في سياسة الحكومة. وشددت المنظمات على حقيقة، أن الفحم شديد التلويث للبيئة للدرجة التي عزفت عن استخدامه، كثير من الدول حتى المتقدمة منها، وللدرجة التي جعلت البنوك الدولية مثل البنك الدولي والأوروبي يضيقون من تمويل المشروعات التي تعتمد على الفحم، خصوصا أن ما يدعى تقنيات التشغيل النظيف ما زالت في مراحل مبكرة للغاية لإثبات كفاءتها، وفرض الحماية البيئية، يكاد يكون وهما في ظل الضعف القانوني والمؤسسي الحالي، للجهات البيئية والإدارية وفي ظل حمل التلوث الذي تئن منه بالفعل المناطق المحيطة بمصانع الأسمنت وتعصف بصحة الساكنين حولها والعاملين فيها. وأوضحت المنظمات أن هناك بالفعل مشكلة تواجه البلاد، فيما يتعلق بنقص موارد الطاقة من الغاز والبترول، وأن كثيرا من الصناعات، خصوصا صناعة الأسمنت كثيفة الاستخدام للطاقة تواجه حاليا نقصا كبيرا في ما يورد إليها من غاز طبيعي، يؤثر على إنتاجها وبالتالي على ما تحققه من أرباح. وتتضمن الحلول التي يقترحها الخبراء لمواجهة هذا الوضع توجيهات بترشيد استهلاك الطاقة وتنويع مصادرها، والتوسع في استخدام المصادر المتجددة للطاقة مثل الشمسية والهواء والطاقة الحيوية وغير ذلك، لكن الحكومة اختارت الحل الذي يحفظ مصالح المستثمرين، خصوصا أصحاب شركات الأسمنت والسيراميك الذي يبدو أنهم القوة المحركة الرئيسية وراء هذا الموضوع، على حساب البيئة والبشر وحتى على حساب اقتصاديات الدولة نفسها. فهذه الصناعات شديدة التلويث للبيئة، وكثيفة الاستهلاك للطاقة، وكثير منهم يصدر معظم أو كل إنتاجه للخارج، تحصل على الغاز مدعوما من الحكومة بأسعار تقل عن نصف ثمنها في السوق العالمي، وبدلا من التوقف عن هذا السفه الاقتصادي، وترفع الدعم عن الغاز والذي سيوفر لخزنة الدولة مئات المليارات من الجنيهات في الحال، يسعى السيد وزير الصناعة والتجارة لتوفير الفحم الأرخص لهذه المصانع، رغم مخاطره البيئية العالية، مع تحميل ميزانية الدولة تكاليف بنية تحتية لاستخدام الفحم بمليارات أخرى، في سبيل أن يحتفظ المستثمرون بأرباحهم العالية التي تفوق بكثير أرباح نظرائهم في العالم.