أطلقت المؤسسات الدينية الرسمية حملات إلكترونية لمواجهة حالات الانتحار، التي شهدها المجتمع خلال الفترة الماضية. وقالت دار الإفتاء، عبر موقعها الرسمي أن الانتحار حرامٌ شرعًا؛ لما ثبت في كتاب الله، وسنة النبي، وإجماع المسلمين؛ فقال الله تعالى: ﴿وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا﴾، وقال النبي : «وَمَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِشَيْءٍ عُذِّبَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ». وأضافت: المنتحر واقع في كبيرة من عظائم الذنوب، إلا أنه لا يخرج بذلك عن الملَّة، بل يظل على إسلامه، ويصلَّى عليه ويغسَّل ويكفَّن ويدفن في مقابر المسلمين. وقال الدكتور أحمد وسام أمين الفتوي بدار الإفتاء، في فيديو عبر صفحة الدار الرسمية: «الإنتحار حرام شرعاً وهو من كبائر الذنوب، وهو حكم ثابت في الكتاب والسنة، وأجمع المسلمون قاطبة علي ذلك، مع كون الإنتحار معصية كبيرة لكنه لا يخرج من الإسلام بل ندعو له بالمغفرة والرحمة ونتصدق عنه بما تيسر والله تعالي اعلي واعلم بحالة إن شاء أن يعذبه وإن يشاء أن يرحمه». https://www.youtube.com/watch?v=606XEB5YId0 وقال مركز الازهر العالمي للفتوي الإلكترونية في تقرير سابق له أعادته نشره عبر صفحته الرسمية: «الحفاظ على النفس البشرية مطلوب، والإنتحار جريمة، فالموت لن ينهى معاناتك ويريحك من كل مشاكلك، فهذا الظن خاطئ بيِّن الخطأ؛ فالله سبحانه وتعالى خلقنا واستعمرنا في الأرض، وأعلمنا أن الدنيا دار عناء وابتلاء، قال تعالى «لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ»،وقال: «وهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ»، وتوعد الله سبحانه وتعالى المنتحر بالعقاب الأليم، قال تعالى «وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا** وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا». وأكد الشيخ جابر طايع رئيس القطاع الديني بالاوقاف ل«الوطن»: الشرائع كلها حرمت قتل النفس وإزهاق الروح، أو اتلاف عضو من اعضاء الجسم أو إفساده، فلم يتقصر التحذير عن قتل النفس بل حرم الله كل ما من شأنه أن يهلك الإنسان أو يلحق به ضرر، وشيوع مثل تلك الظاهرة الغريبة عن مجتمعاتنا وديننا أمر مثير فهل المنتحر يجد الفرج في إنتحار، فهل بموته يترك الشقاء والتعب ويجد الراحة، بل هذا مفهوم خطأ، فالإنتحار ناتج عن الإحساس بالعجز وفقدان الأمل، والحل يكمن في تقوية الوازع الديني مما يجعل النفس تخسي الله وتتقيه دائماً ويعين الغنسان علي تحمل الحياة، فعصمة الدم مركوزة في عقيدة المسلم. أستاذ اجتماع: الانتحار في الاماكن العامة "شو" وليس أكثر .. أستا نفس: ليس كل منتحر مريض نفسي .. «حقوق الإنسان» بالنواب: جميعها حالات فردية ولا يجب تسليط الضوء عليها من جانبه أوضح الدكتور سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع السياسي، أن التغطية الإعلامية لحالات الانتحار تعمل دوماً على إسقاط هذه الحالات وفقاً لأسباب سياسية واقتصادية متمثلة في وضع الدولة والبطالة، مُضيفاً: «كل حالة انتحار لها السبب الخاص بها ، ولعل ما نشاهده الأن من ظاهرة جديدة ظهرت في الفترة الأخيرة لحالات انتحار في الأماكن العامة كمحطات المترو وغيرها يرجع لأن هؤلاء الأفراد يرغبوا في عمل شو أمام من حولهم على حساب حياتهم الخاصة، ومن الممكن أنه ينتحر في منزله وبسهولة فلماذا الأماكن العامة؟». وأشار «صادق» إلى أن مصر تحتل الدولة رقم 167 في قوائم الانتحار حول العالم حيث يقع بها في كل ألف 3 حالات انتحار سنوياً، ووفقاً لهذا الترتيب فمصر في مكانة بعيدة ضمن هذه القوائم مقارنة بالدول الأخرى، التي يأتي على رأسها دول شرق أسيا، أفريقيا، أوروبا، جزر المحيط الهادي، أمريكا اللاتينية. وأضاف: «الانتحار قد يرجع بشكل أساسي لبعد اجتماعي متمثل في الفقر وفشل العلاقات العاطفية وغيرها من الأسباب الاجتماعية، وعلاج ذلك من ناحية الطب الاجتماعي عن طريق الحوار الدائم والاهتمام بالأشخاص أصحاب الميول الانتحارية، والتي تظهر عليهم أعراض كالعزلة والاكتئاب والحديث المستمر عن الموت». وقال الدكتور إبراهيم حسين، أستاذ الطب النفسي بجامعة عين شمس: «الانتحار قد يكون له أسباب نفسية أو عضوية، أو أن يكون شخص عاقل ومدرك تماماً لما يحدث حوله ولا يعاني من اية أمراض نفسية أو عضوية وليس كل منتحر مريض نفسي، إلا أنه حدث معه موقف ما لم يستطع تحمله والتعامل معه كوفاة شخص قريب منه، فالانتحار يقسم لنوعين وفقاً لمحاولاته التي قد تنجح أو تفشل». وأرجع أستاذ الطب النفسي زيادة حالات الانتحار بالأماكن العامة كالمترو و الأبراج، أن المنتحر يفعل ذلك لإظهار نفسه ضحية لواقع فُرض عليه، كنوع من الاستغاثة تسيطر على عقله جملة واحدة هي «أنا بعاقب العالم كله إن محدش قدرني" ظناً منه أن من حوله ملتفتين لما يفعله، والحقيقة أن العكس تماماً ما يحدث»، فكل فرد ملهي في شئونه الخاصة، ولا يلتفت إلا بعد وقوع حالة الانتحار أمامه، الأمر الذي لا يدركه الأشخاص ذوات الميول الانتحارية". وأوضح «حسين» أن علاج الطب لنفسي لحالات الميول الانتحارية يكون عن طريق أدوية مضادات الاكتئاب وأدوية خاصة للحد من الرغبات الانتحارية، أو جلسات كهرباء وتنبيه مغناطيسي للمخ لتنشيطه وعودته لوعيه وصوابه من جديد، ومن المفضل حجز هؤلاء الأفراد في مستشفيات ومصحات نفسية لحين الإشفاء التام لهم. من جانبه قال النائب شريف الورداني، أمين سر لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب، إن حالات الانتحار الموجودة ضعيفة جداً ولا تمثل الأغلب العام وجميعها حالات فردية، ويجب عدم التركيز وتسليط الضوء عليها. وأضاف:«أول حالة اغتصاب كانت موجودة في كتاب منذ السبعينات، ومن ثم تم نشرها في إحدى الصحف، وأخيراً إنتاج أول فيلم عن الاغتصاب انطلاقاً من هذه الحالة المذكورة، ومن بعدها انتشرت حالات الاغتصاب، لذلك لا نريد الاهتمام الزائد بحالات الانتحار التي تحدث، حتي لا تكون ظاهرة منتشرة بين الأفراد».