ماذا لو عادت المادة 219 إلى الحياة مرة أخرى برعاية حزب النور؟ لو عادت «219» إليك البشرى.. ستعفى أيها الزوج الذكر الفحل السعيد من نفقات علاج زوجتك المريضة، اتركها تموت فى ستين داهية والقلب والدستور والنور والإخوان داعيين لها، واستمتع بمرتبك كاملاً غير منقوص، وإذا طالبك الطبيب بالفيزيتة وثمن الدواء ارفع بيدك اليمنى دستور المادة 219 وبيدك اليسرى أقدم حذاء لديك وانهَل به على دماغ الطبيب البجح وقل له: الجثة أهى قدامك اطلب منها الأجرة! لم تتفق المذاهب الفقهية وتتناغم وتنسجم مثلما اتفقت وانسجمت فى عدم وجوب دفع نفقة علاج الزوجة وأن نفقتها لا تشتمل على الدواء إلا بعض الاستثناءات البسيطة النادرة التى تؤكد القاعدة مثل بعض المالكية، وبالطبع لن نقول الزيدية الذين فرضوا نفقة علاج الزوجة على الزوج وقدموا طوق النجاة لقانون الأحوال الشخصية المصرى الذى جاء فى الفقرة الثانية من المادة الأولى من قانون الأحوال الشخصية المصرى رقم 25 لسنة 1920 المعدل بالقانون 100 لسنة 1985 أنه «تشمل النفقة الغذاء والكسوة والسكن ومصاريف العلاج»، وصرحت مذكرته الإيضاحية بأن هذه الفقرة جاءت بما ذهب إليه مذهب الزيدية (انظر تشريعات الأحوال الشخصية فى مصر لكمال صالح البنا ص 64)، لكن للأسف الفرقة دى شيعة كفرة روافض يصيبون الإخوان والسلفيين بالأرتيكاريا ويستحقون القتل طبقاً لمؤتمر نصرة سوريا الشهير برعاية «مرسى»!! أما الصوت الغالب السائد المكتسح فهو إعفاء سيادتك من مصاريف علاج الزوجة، وهذا بالطبع هو أعظم تكريم للمرأة قدمه الإخوان وحزب النور فى دستورهم الذى يعد أعظم دساتير العالم، ولأنها الجوهرة المصونة والدرة المكنونة فقد حذفوا، تكريماً لها أيضاً، عبارة الاتجار بالبشر ليسمحوا بزواج بنات التاسعة ما دمن يتحملن الوطء وقننوا ختانها حتى لا يصيبها الهياج والسعار الجنسى وتتحول إلى سلعوة تغتصب الرجال! تخيل لو حكمنا حزب النور طبقاً للمادة 219 التى تحتم علينا الدوران فى فلك هذه الآراء التى ملخصها تكريم المرأة دفنها، هذه الآراء سأعرضها لكم والبحر من أمامكم والنور والإخوان من خلفكم وأعطنى عقلك: ■ بالنسبة للمذهب الحنفى، جاء فى حاشية ابن عابدين أن «النفقة هى الطعام والكسوة والسكن» ج5/223، فلا يجب على الزوج غير هذه الأشياء الثلاثة. وصرح الكاسانى بأن الزوجة «لو مرضت فى الحضر كانت المداواة عليها لا على الزوج»، بل جاء فى فتح القدير أن شمس الأمة الحلوانى قال: «إذا مرضت مرضاً لا يمكن الانتفاع بها بوجه من الوجوه تسقط النفقة»، وجاء فى حاشية ابن عابدين أيضاً أنه «لا يلزمه مداواتها». ■ بالنسبة للمذهب المالكى فقد نص الشيخ خليل على أنه «يجب لممكنة مطيقة للوطء على البالغ، وليس أحدهما مسرفاً قوت وإدام، وكسوة، ومسكن»، مختصر خليل مع شرح الخرشى: ج4/183، وقال الخرشى عند قول المختصر: «لا مكحلة ودواء وحجامة (...) وكذلك لا يلزمه الدواء عند مرضها لا أعياناً ولا أثماناً ومنه أجرة الطبيب». ■ بالنسبة للمذهب الشافعى قال إن الزوج «لا يكلف غير الطعام العام ببلده الذى يقتاته مثلها، ومن الكسوة والأدم بقدر ذلك» الأم للشافعى، ج5/115، ونقل عنه الماوردى قوله: «ليس على رجل أن يضحى لامرأته ولا يؤدى عنها أجر طبيب ولا حجام». ■ بالنسبة للمذهب الحنبلى، ذكر ابن قدامة أن الزوج «لا يجب عليه شراء الأدوية ولا أجرة الطبيب؛ لأنه يراد لإصلاح الجسم فلا يلزمه كما لا يلزم المستأجر بناء ما يقع من الدار»!! المغنى لابن قدامة، ج9/235، يعنى الزوجة مثلها مثل البيت المستأجَر ما يتهدم منه ليس على المستأجر ديته وثمن إصلاحه!! ■ تبنى هذه الآراء الحرفيون السلفيون، انظر ملتقى أهل السنة والحديث http://www.ahlalhdeeth.com/vb/archive/index.php/t-80644.html. «ليس على الزوج أن يداوى زوجته، وليس على الزوج أن يعالجها إذا مرضت».. هذا محل إجماع واتفاق بين المذاهب الأربعة -رحمة الله عليهم- وغيرهم كلهم نصوا على أن «الزوج ليس ملزماً بعلاج زوجته؛ وذلك لأن المرض متعلق ببدنها، وهذا أمر يتعلق بذاتها وليس له صلة بالحياة الزوجية، صحيح أنه لا يمكنه أن يستمتع بها إلا إذا شفيت، هذا شىء لا يعنينا مثلما لو استأجر أجيراً لعمل ومرض الأجير، فليس من حقه أن يطالب هذا الأجير بعلاجه؛ فالأجير ليس من حقه أن يطالب بعلاجه، وإن كان فى بعض القوانين والأعراف أنها تُلزم رب العمل بمداواة الأجير»، يعنى باختصار المهم هى صلاحيتها للعلاقة الجنسية؛ فهى المعيار والمقياس والمحدد للنفقة! انتهت آراء الفقهاء التى سيرجع اليها أهل المادة 219 التى صدعوا بها دماغنا على أنها هى جوهر وصلب الدين، ومع احترامنا وإجلالنا لاجتهادات هؤلاء الفقهاء العظام فإن آراءهم وفتاواهم هى بنت زمانهم ومكانهم وتقاليدهم وأعرافهم وأفكارهم عن المرأة ولا يمكن أن نمد خطاً مستقيماً ونستنسخ هذه الآراء «فوتوكوبى» نقل مسطرة، لكن واجبنا وواجب مجتمعنا وواجب أزهرنا أن ينقل لب وجوهر ومنهج الاجتهاد وليس نصوصه الجامدة، والإضافة والحذف والتعديل ليست عيباً، لكن العيب هو أن نهين المرأة ونهين الدين فى القرن الحادى والعشرين.