لا أستطيع أن أبرئ أطرافاً أربعة من تهمة سفك الدم البرىء لعشرات من جنودنا الذين استشهدوا فى رفح مساء الأحد الماضى، وهم يهمون بارتشاف جرعة ماء يبللون بها العروق الصائمة، ليفاجؤوا بالطلقات الغادرة تخترق أجسادهم. هذه الأطراف هى: جنرال الداخلية، وجنرالات المجلس العسكرى، وجنرال المخابرات، ورئيس الدولة. الجنرال أحمد جمال الدين، وزير الداخلية، لم يجد بداً -بعد ساعات من تعيينه فى منصبه- من أن يسخر من دعوة مكتب مكافحة الإرهاب فى إسرائيل رعاياه لمغادرة سيناء، لحصوله على معلومات مؤكدة بأن هناك جماعات مسلحة سوف تقوم بعمليات إرهابية. خرج علينا جنرال الداخلية -بعد هذه التحذيرات- يكذب المزاعم الإسرائيلية ويؤكد أن «تل أبيب تتعمد إطلاق تلك الشائعات على فترات متقاربه، لضرب السياحة المصرية، وتنشيط السياحة فى إيلات»! أما الجنرال العسكرى فقد أفلح من قبل فى الاستئساد على شباب وبنات الثورة فى محمد محمود، ومجلس الشعب، وميدان التحرير، وبورسعيد، وأسقط منهم عشرات القتلى والجرحى برصاصات الشرطة العسكرية، فى محاولة مستميتة للاحتفاظ بالسلطة فى يديه، لكنه فى المقابل لم يبين لنا أية أمارة فى التعامل مع الإرهابيين الذين يتجولون فى سيناء كما يشتهون، وسبق أن فجروا خط الغاز الممتد لإسرائيل خمس عشرة مرة، دون أن يحرك ساكناً، اللهم إلا فى إصلاح خط الغاز حتى لا تحرم إسرائيل من الطاقة! وتعالَ إلى جنرال المخابرات الذى يبدو أنه ما زال يتعامل بشعار: «إنت بتتعامل مع أذكى مخابرات فى العالم!»، ولست أدرى أين كانت أجهزة معلوماته، وهل كان هناك شك فى أن أحداثاً من هذا النوع سوف تشهدها سيناء، بغض النظر عما طنطن به المسئولون فى إسرائيل؟! نأتى بعد ذلك إلى الرئيس «محمد مرسى» الذى أرسل منذ أيام برقية شكر لشيمون بيريز رئيس الدولة العبرية، اجتهد جهازه الرئاسى فى التستر عليها، وتضليل الرأى العام حول حقيقتها، لتتولى الصحافة العالمية فضح أمره «فضيحة اللحمة فى السوق». كان من الأولى ب«مرسى» أن يخطط لإعادة النظر فى اتفاقية «كامب دافيد» التى تمنع انتشار جنودنا بالكثافة المطلوبة فى سيناء لحماية وتأمين أراضيها، بدلاً من حديثه «الركيك» عن السلام وخيار السلام كما كان يفعل المخلوع! فلم يعد لدى هذا الشعب طاقة للاستماع لأى كلام فارغ من المعنى أو المضمون، ومن لم تعلمه «العشيرة والأهالى» تعلمه «الأيام والليالى». دم شهدائنا من جنود وضباط الأمن المركزى وحرس الحدود فى رقبة جنرال الداخلية، وجنرال «العسكرى»، وجنرال المخابرات، ومحمد مرسى. وسوف تظل لعنتها تطارد كلاً من أصحاب البدل الميرى وأصحاب «الذقون». ومن «الكاب» إلى «الدقن» يحق لك يا قلب أن تحزن!