أمضى محمد مرسي، الرئيس الاسلامي الذي أطاح به الجيش، وبدأت محاكمته اليوم بتهمة التحريض على قتل المتظاهرين، سنة عاصفة في السلطة تخللتها تظاهرات واحتجاجات على "هيمنة للإسلاميين على مفاصل الدولة"، قبل أن يعزله الجيش قبل أربعة أشهر. وتم احتجاز مرسي في مكان سري منذ أن عزله الجيش في الثالث من يوليو الماضي. وسيحاكم مع 14 شخصا آخرين بتهمة "التحريض على قتل" متظاهرين أمام قصره الرئاسي في الخامس من ديسمبر 2005. وكان ثمانية أشخاص قتلوا في الاشتباكات التي وقعت ذلك اليوم في صفوف المتظاهرين الذين أتوا للاحتجاج على إعلان دستوري أصدره واعتبر معارضوه أنه يفتح الباب لحكم استبدادي. وقال "التحالف المناهض للانقلاب" في بيان في الثامن والعشرين من أكتوبر إنه "لن يتولى محامون الدفاع عن محمد مرسي سواء مصريين أو أجانب لأن الرئيس لا يعترف بالمحاكمة أو بأي عمل ناتج عن الانقلاب". وأوضح البيان أن مجموعة من المحامين سيحضرون المحاكمة مع مرسي ولكن فقط "لمتابعة الإجراءات وليس للدفاع عنه". وإثر فوزه في انتخابات الرئاسة في يونيو 2012، أعلن مرسي من ميدان التحرير أنه سيكون "رئيسا لكل المصريين" وسيحترم القيم الديمقراطية التي دعت إليها ثورة الخامس والعشرين من يناير 2011 التي أسقطت حسني مبارك. لكن بعد مرور عام على توليه السلطة نزل الملايين إلى الشوارع للمطالبة برحيله في 30 يونيو الماضي وبعدها بثلاثة أيام استند الجيش إلى هذه التعبئة وأطاحه. وبات مرسي اليوم، مقيد الحرية مثله مثل قرابة ألفي إسلامي من بينهم غالبية قيادات جماعة الأخوان المسلمين التي ينتمي اليها. وبدأت موجة الاعتقالات عقب إطاحة مرسي وتصاعدت بعد أن فضت قوات الأمن بالقوة اعتصامي أنصاره في القاهرة في 14 أغسطس الماضي. وقتل أكثر من ألف شخص، معظمهم من الإسلاميين في مختلف أنحاء مصر، أثناء فض اعتصامي القاهرة وفي اشتباكات وقعت في الأيام التالية. وبعد عام واحد أمضاه في قصر الرئاسة، عاد مرسي إلى نمط حياته السابق الذي اعتاده وهو العمل تحت الأرض داخل السجن وخارجة مثل كل قيادات وكوادر الإخوان خلال حكم مبارك الذي استمر ثلاثة عقود. وكان مرسي ضمن قياديي الاخوان الذين خرجوا من السجن أثناء ثورة يناير 2011 بعد انهيار الأجهزة الأمنية لنظام مبارك في الثامن والعشرين من ذلك الشهر. غير أن محمد مرسي لم يكن الاختيار الأول لجماعة الإخوان المسلمين كمرشح للرئاسة، وتم الدفع به بعد أن رفضت لجنة الانتخابات الرئاسية ترشيح الرجل القوي في الجماعة آنذاك خيرت الشاطر لأسباب قانونية ما جعل المصريون يطلقون عليه "الاستبن" وهي كلمة عامية مصرية تعني إطار السيارة الاحتياطي. وفاز مرسي بالانتخابات بفارق بسيط مع حصوله على أصوات عديدة كنوع من الاحتجاج على منافسه الفريق أحمد شفيق المنتمي إلى نظام مبارك. ولد مرسي الذي يبلغ من العمر الآن 61 عاما، في قرية العدوة بمحافظة الشرقية في دلتا النيل. قبل سقوط مبارك كان يتولى منصب المتحدث باسم جماعة الإخوان المسلمين منذ العام 2010. وحصل على درجة الدكتوراه في الهندسة من جامعة جنوب كاليفورنيا، وعمل فيها مدرسا مساعدا في العام 1988، بعد تخرجه من كلية الهندسة في جامعة القاهرة في العام 1975. وعرف مرسي، وهو متزوج وله خمسة أبناء وثلاثة أحفاد، على الساحة السياسية المصرية في العام 2000 عندما تم انتخابه عضوا بالبرلمان كنائب مستقل إذ كانت جماعة الإخوان المسلمين محظورة في عهد مبارك. وأمضى سنة فى السلطة تخللتها تظاهرات واحتجاجات على ما كان يعتبر "هيمنة للإسلاميين على مفاصل الدولة". وفي آخر خطاب له قبل أيام من إطاحته، اعترف ب"أخطاء عديدة" يجب أن تصحح، لكنه شدد على أنه جاء إلى السلطة عبر انتخابات "حرة نزيهة". غير أن كلماته لم تجد صدى كبير، فقد نزل الملايين الى الشوارع في 30 يونيو للمطالبة برحيله استجابة لدعوة من حركة "تمرد" التي استندت في مطالبتها برحيله إلى أنه لم يف بوعده بأن يكون رئيسا لكل المصريين ولإخفاقه في الحفاظ على مبادئ ثورة 2011. كان المشهد مناقضا لذلك الذي شهده ميدان التحرير قبل عام عندما استقبله الآلاف بحماس في ميدان التحرير.