■ «لكل أمة خلق.. وخلق أمتى الحياء».. هكذا قال (صلى الله عليه وسلم).. موضحاً أن الخلق الأساسى لأمته هو الحياء. ■ وهذا رسولنا (صلى الله عليه وسلم) يصفه الصحابة بأنه «كالعذراء فى خدرها».. «والحياء شعبة من الإيمان»، كما أخبر (صلى الله عليه وسلم). ■ وهذا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول «الحياء لا يأتى إلا بخير».. ولكن يبدو أن لقومنا فى مصر رأياً آخر.. وأن البعض يرى أن «قلة الحياء» هى التى تأتى بالخير والربح والمال والأنصار وتدحض الخصوم. ■ فالشعارات على الجدران فيها تسفُّل وانحطاط لا مثيل له.. والكلمات النابية للخصوم جاهزة، وهى أنكى من طلقات الرصاص. ■ والكثير مما هو فى مجتمعنا يصب فى خانة «قلة الحياء».. أو ما كان يطلقه آباؤنا «يا عديم الحيا». ■ فالآن تجد برنامجاً يصوّر امرأة شبه عارية فى وضع مخل فى صورتين بينهما عدة فروق ليجرى مسابقة تستمر عدة ساعات لبيان هذه الفروق وطرح جوائز لذلك.. بدلاً أن تكون هناك جوائز فى العلم أو الأدب أو غيرها.. مما ينفع الأمة والناس والوطن. ■ فتغير القناة فتجد برامج كاملة لا تتحدث إلا عن الجنس بطريقة فاضحة ومنكرة تفتقر إلى أدنى أساليب العلم والوقار والفائدة. ■ تغيرها إلى بعض البرامج السياسية فتجد بعضها الذى تشاهده الأسرة كلها حافل بالإشارات الجنسية الفجة، التى يدركها أصغر الأطفال. ■ فإذا فتحت على المسلسلات وجدت الإشارات الجنسية أفظع وأسوأ مع كم كبير من الابتذال والتدنى الأخلاقى والعرى الذى لا تجد له مبرراً. ■ فإذا رأيت أولادك يشاهدون برنامجاً للمسابقات الغنائية فوجئت بالكثير من التبرج المفرط، الذى لا تعرفه الأسر المصرية.. وكأن ضيوف الدول الأخرى يجبروننا على طريقتهم فى كل شىء.. رغم أن البلد بلدنا. ■ والغريب أن الإلحاح على الحديث على الجنس فى مصر يحدث ونحن نعانى من أعلى النسب فى انتشار حالات الضعف الجنسى، حيث بلغت النسبة فى مصر 40% بعد أن كانت 20% قبل ثورة 25 يناير. ■ إننا لم نتعلم بعد الأدب القرآنى العظيم فى التحدث عن هذه المسائل.. فقد كان على بن أبى طالب رجلاً مذاءً «أى كثير المذى» فاستحى أن يسأل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عن حكم ذلك.. وهل هو يبطل الوضوء أو يوجب الغسل لمكان ابنته منه «أى لأنه متزوج من ابنته فاطمة» ؟ ■ وهذا القرآن العظيم يكنى ويتلطف فى القول حينما يذكر مثل هذه المسائل فيعبر عن الجماع تارة بقوله «لاَمَسْتُمُ النِّسَاء».. وأخرى بقوله «أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَىٰ نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ». ■ هذه المعانى الراقية النبيلة يحفظها طفل السادسة ويقرأها طفل العاشرة ويحفظها الغلام وتقرأها وتحفظها الفتاة العذراء ويتلوها الجميع أمام الجميع فلا تخدش حياءً ولا تجرح مشاعر.. وتسوق الناس إلى فهم الحكم فى رشاقة وعذوبة.. إنها الكناية والتورية الجميلة التى تسعد مستمعها وقارئها حينما يكتشف مغزاها وحده أو بعد أن تُشرح له. ■ إنه الأدب الراقى الذى نفقده اليوم.. فلا مجالس للموظفين والموظفات سوى عن هذا الحديث.. ولذلك نهى الرسول العظيم أن تفضى المرأة إلى زوجها ويفضى الرجل إلى زوجته.. ثم يصبح أحدهما فيهتك سر الآخر «أى الجنس» أمام الآخرين. ■ لقد أسماه الرسول (صلى الله عليه وسلم) «أفضى» وأسماه القرآن كذلك بنفس الاسم «وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَىٰ بَعْضُكُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ».. وعبر عنه القرآن مرة «فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ». ■ ما أجمل هذا الأدب الذى يبدو أننا ودّعناه ولا نريد العودة إليه! وما أعظم القرآن حينما يحرّم جماع المرأة من دبرها تحريماً قاطعا بإشارة رائعة «نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّىٰ شِئْتُمْ وَقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُمْ»! فيقول المفسرون.. وهل يكون الحرث إلا فى موضع الزرع «أى إنبات الذرية». ■ أما المعنى الرائع «وَقَدِّمُواْ لأَنفُسِكُمْ» فهو ما يقوم به الرجل من القبلة والأحضان والكلمات الدافئة بين يدى جماع زوجته.