منذ بضعة أيام وفى هذا المكان كتبت عن أحداث دهشور الطائفية وطالبت بإعادة الأسر المسيحية إلى منازلها وحمايتها وتعويضعها عن الأضرار التى لحقت بها وبمحاسبة قانونية سريعة للمتورطين فى العنف. ونبهت رئيس الجمهورية إلى خطورة صمته الذى استمر عدة أيام وضرورة ممارسته كرئيس لكل المصريات والمصريين للمسئولية السياسية والرمزية والانتصار لحقوق الأسر المسيحية ولسيادة القانون. وقد هالنى سيل من التعليقات من قراء كرام نشر على شبكات التواصل الاجتماعى وورد لبريدى الإلكترونى وفحواه إما رفض الإشارة لأحداث دهشور على أنها طائفية، أو التذكير بأن القتيل الوحيد مسلم، أو التشديد على أن حقوق المسيحيين غير منقوصة وأن الحديث عن ممارسات تمييزية تقع ضدهم عبث مغرض وأن أسر دهشور المسيحية غادرت بإرادتها، أو الدفاع عن رئيس الجمهورية بادعاء أنه قام بالدور المطلوب منه. هالتنى هذه التعليقات لطبيعتها الباحثة عن تبرير للطائفية ولنعراتها المقيتة عبر إنكار الاعتداءات وأعمال العنف التى وقعت بالفعل أو عبر التقليل من أهميتها وتصنيفها كتصرفات فردية أو عبر توظيف وفاة الشاب المسلم هذه المرة فى دهشور كمدخل لتبرير الاعتداءات وكأن الانتقام والعقاب الجماعى باتا ممارسات مقبولة فى مجتمعنا المصرى. هالتنى هذه التعليقات أيضا لتغليبها روح الانتقام والعقاب الجماعى هذه على الالتزام بقيم العدالة والمساواة وسيادة القانون، والأخيرة تقضى فى ما خص أحداث دهشور بمحاسبة المتورطين فى قتل الشاب المسلم وكذلك فى الإضرار بمنازل المسيحيين وممتلكاتهم ونهبها. هالتنى هذه التعليقات ثالثا لخلطها بين المبدئى والسياسى بادعاء أن من ينتقد الدكتور مرسى على خلفية صمته بشأن دهشور لعدة أيام يفعل هذا مدفوعا بالرغبة فى التربص به وبالإخوان وبهدف إثارة الشارع ضده. هؤلاء فاتهم أن موقع الرئاسة كان يملى على الدكتور مرسى سرعة التحرك ورفض تهجير الأسر المسيحية، تماما كما تستدعى الأهمية السياسية والرمزية لملف العلاقة بين المصريين المسيحيين والمسلمين وضرورة احتواء التوترات الطائفية بضمان الحقوق وسيادة القانون خطابا رئاسيا واضحا لا يبرر للتهجير بادعاء أنه كان اختيارا إراديا. لا سياسة هنا فى مطالبة الرئيس بحساسية فائقة وبالتزام علنى بالقانون الذى أقسم على صونه وترجمته لإجراءات محددة تحاسب فى دهشور من قتل الشاب المسلم وتعيد الأسر المسيحية وتحاسب من دمر ونهب ممتلكاتهم. لا سياسة هنا، بل أزمة كان يمكن أن تتحول للتأكيد الفعلى الأول للرئيس على أنه رئيس لكل المصريين. لهؤلاء القراء والمعلقين الكرام، أقول اضبطوا معايير الحكم على الأمور أرجوكم وغلبوا قيم العدالة والمساواة على نوازع أدنى تسوغ للانتقام والعقاب الجماعى وتقبل الانتقاص من حقوق مواطنين وشركاء فى الوطن.