المادة الثالثة من دستور 2012 «مبادئ وشرائع المصريين من المسيحيين واليهود»، المصدر الرئيسى للتشريعات المنظمة لأحوالهم الشخصية وشئونهم الدينية واختيار قيادتهم الروحية «هذه المادة لا تعترف بغير الأديان السماوية وهى اليهودية والمسيحية، والمقترح لنفس المادة فى الدستور الجديد إحلال «غير المسلمين» محل «اليهودية والمسيحية» ويعتبر السلفيون أن المادة على هذا النحو تعترف بالأديان غير السماوية «كالبهائية» إلى جانب الترويج لبعض الأفكار الشاذة على أن النص يفتح الباب أمام الشذوذ وزواج المثليين ولا أعرف كيف؟ وكلها جرائم غير مباحة فى أى دين سماوى أو وضعى ولا دخل للنص الدستورى فى منع أو إباحة هذه الجرائم ولا صلة للأديان بهذا. وأوجه حديثى للسلفيين على النحو التالى: 1 - ماذا تعرفون عن «الديانة الصابئية» والتى ذُكرت صراحة فى القرآن فى الآية: «إنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ»، وهى ديانة تؤمن بالله الحى العظيم الأزلى المبعوث من ذاته وبأمره وكل المخلوقات تمت بأمره، وخلق آدم من صلصال وبداية هذه الديانة من آدم،كما يعتقدون، وسام بن نوح وحنا بن زكريا، وتتشابه طقوس الوضوء والصلاة فى بعضها مع ديننا الحنيف، ولذلك عندما كان الرسول (ص) يتوضأ لصلاته يقول المشركون «صبأ محمد»، أى أنه أصبح على دين الصابئية، وهذه الديانة أول من حرمت الدم والميتة ولحم الخنزير لسبب لا نعرفه، فإذا كانت هذه الديانة سماوية فلماذا لا يُعترف بها وإذا كانت إنسانية «وضعية» فلماذا ذُكرت فى القرآن الذى لم يحرمهم من الثواب على حسن العمل والأداء فى الدنيا. 2 - ماذا تعرفون عن ديانة الحنيفية وهى ملة سيدنا إبراهيم ((مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفاً مُسْلِماً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ» والحنفاء هم الذين دعوا الناس إلى ترك عبادة الأصنام ومنهم زيد بن عمرو بن النفيل وسيدنا عبدالمطلب جد النبى (ص) وهو أول من تحنث «تعبد» فى غار حراء وكان يصحب ابن ابنه محمداً (ص) وهو أول من حرم على الناس الطواف حول الكعبة عرايا أو سكارى، فإذا كان هذا الدين ديناً سماوياً، فلماذا لم يُعترف به وإذا كان ديناً إنسانياً «وضعياً»، فلماذا ذُكر فى القرآن على هذا الاحترام والتقدير؟ 3 - الدستور يتعامل مع واقع وليس فرضية مثالية ويتعامل مع مواطن داخل وطن وشريك فيه على الرغم من ديانته والدستور فى الوطن مرتبط بدساتير العالم وما فيها من حريات وقيود ولا يمكن للدستور المصرى أن يكون غائباً عن حقوق غير المسلمين فى الوطن والا أصبحنا غرباء فى الأوطان الأخرى بإسلامنا. 4 - التقاليد والأعراف تمنع أحياناً ما هو مباح ومحلل فى الأديان لعدم انسجام المباح فى الدين مع الواقع الإنسانى والثقافى والأمثلة كثيرة فما زال الرق قائماً كتشريع لكن لا يسمح الإنسان لنفسه بالقيام به لعدم انسجامه مع الواقع الإنسانى، وما زال السماح لملك اليمين قائماً ولا يجرؤ أحد القيام به لمخالفته للقانون واعتباره زنا يعاقب عليه، ولذلك فانسجام الحكم التشريعى فى الإسلام مع الواقع والأعراف والثورات التحررية الإنسانية أمر ضرورى وإلا يعتبر العرف والتقاليد هى السباقة فى المنع أو الإباحة. 5 - أما الحديث عن الشذوذ أو زواج المثليين، فلا أعرف علاقته بالدستور، فهذه الفاحشة لا علاقة لها بالأديان، فهى تؤتى من أصحاب الأديان نتيجة خلل تربوى، فالزنا محرم فى كل الأديان ويؤتى به سراً وشرب الخمر محرم ويؤتى به سراً، فالعقوبة ليست فى إتيان الجرم ولكن اكتشافه أو الجهر به، فمنع هذه الفواحش إلى جانب تحريمها دينياً يحتاج إلى تربية سليمة على المثل والقيم والأخلاق، ومع ذلك هل الفاحشة المحرمة والتى يؤتى بها سراً إذا أتيحت فى وقت استثنائى كجواز نكاح جهاد المحارم أو جواز اللواط بين المجاهدين، كما أفتى وأباحه بعض مشايخ السلفية، فهل هذه الفاحشة نستطيع منعها بعد زوال الظرف الاستثنائى؟ لا أعتقد وليس النص الدستورى، كما أسلفنا هو الذى يسمح بذلك؟ إن الالتزام الأخلاقى والقيمى هو المانع وحائط الصد جنباً إلى جنب مع تحريم الأديان الذى بمفرده لا يمنع كما ذكرنا وكما أباح مشايخنا ذلك.