طقوس واحدة تكررت على مدار 39 عاما، رئيس يضع إكليلا من الزهور على قبر الجندى المجهول، احتفالات وعروض عسكرية، أعلام يحملها الشباب والأطفال من هنا وهناك، وإجازة للعاملين فى الدولة لينالوا نصيبهم من الاحتفال، وخطاب تليفزيونى طال أو قصر لا يخرج عن «تهنئة للشعب بذكرى انتصارات السادس من أكتوبر وتحية الشهداء ووعد بالحفاظ على الأرض التى عادت بدماء خير أجنادها». يتكرر المشهد مع اختلاف أبطاله من الرؤساء، فيما يبقى النصر خالداً فى عقول وقلوب المصريين. بين احتفال العام الماضى والذكرى الأربعين لانتصارات أكتوبر هذا العام يقف كاتب التاريخ عاجزاً عن وصف المشهد.. هنا رئيس منتخب يحتفل على طريقته، يبدأ خطابه موجها حديثه ل«أهله وعشيرته»، تتحرك إحدى الكاميرات ليظهر بين الصفوف الأولى للحضور طارق الزمر، أحد مخططى عملية اغتيال الرئيس الراحل محمد أنور السادات، صانع النصر، كما لو كان يحتفل على طريقته الخاصة بما جنته يداه منذ 31 عاماً، على مقربة من استاد القاهرة -مكان الاحتفال- قُتل الرئيس بتوجيهات منه. تُصم الآذان عن سماع خطاب الرئيس المعزول محمد مرسى، اختلاف نوايا الاحتفال أفسده وسط غياب الأبطال الحقيقيين للنصر وحضور قتلة صُناعه. من العبور الأول عام 1973، يخرج «مرسى» بمصطلح «العبور الثانى»، فى إشارة إلى ثورة 25 يناير، يؤكد أنه لولا وقوف الجيش بجانب الشعب لما نجحت الثورة، تزداد حماسة الموجودين من أهله وعشيرته فيهتفون: «ثوار أحرار هنكمل المشوار»، يستفيض فى حديثه ناقلاً الدفة إلى وصف وصوله للحكم ب«العبور الثالث»، يُذكّر الموجودين بتاريخ 30 يونيو، يدونه الموجودون فى ذاكرتهم بمصطلح اختاره الرئيس لنفسه، يمر عام على المشهد، ويبقى 6 أكتوبر هو الاحتفال بالنصر، وتبقى كلمة «مرسى» بوصف 30 يونيو ب«العبور الثالث»؛ فهو بالفعل تاريخ لن ينساه أحد، ذكرى عزله عن الحكم فى ثورة ثانية جنى فيها ما قدمت يداه، ينقلب «مرسى» وجماعته على النصر الذى هللوا من أجله العام الماضى، فيتوعدون بتحويله إلى يوم انتصار لهم على ما سموه «الانقلاب العسكرى» وتحقيق حلمهم بعودة «المعزول». قبل أيام من الاحتفال بالذكرى الأربعين للسادس من أكتوبر، يطل الشيخ الإخوانى ليلقى سهام كلماته عن معايرة الجيش المصرى بمشاركته فى 4 حروب ذاق كأس الهزيمة فى ثلاث منها، يكمل «القرضاوى» كلماته فى محاولة لإفساد الانتصار الوحيد ب«الدعوة إلى انقلاب الشعب على الجيش»، يتناقل الإخوان الكلمات كالأوامر، ينسون تاريخ بلادهم فى محاولة لتحويل النصر لمصالحهم الشخصية، يقف الشعب وكله تصميم على الاحتفال بالنصر مهما كلفه الأمر، يدعو الجيش الجميع للاحتفال دون خوف، فلا يوجد من يفسد نصر الحرب سوى الخائنين، والشعب كله مدعو للتصدى لهم.