كلام غريب يتردد هذه الأيام حول منح الفريق «السيسى» تفويضاً شعبياً برئاسة الجمهورية، يأتى بعضه على لسان سياسيين مخضرمين وبعضه الآخر على لسان حركات شبابية. فقد ذكر السيد عمرو موسى أن «السيسى» هو رئيس مصر القادم بتفويض شعبى، ومن قبله قال السيد حمدين صباحى إن «الفريق» أصبح بطلاً شعبياً وإذا ترشح لانتخابات الرئاسة فسوف يكون صاحب الفرصة الأعظم فيها. ومنذ أيام خرجت علينا حركة تطلق على نفسها حركة «نريد» تستهدف جمع 50 مليون توقيع لتكليف الفريق «السيسى» بالرئاسة بدون انتخابات!. وتتمثل أهداف الحركة فى توفير المبالغ المطلوبة للإنفاق على الانتخابات، وما ستجلبه من مشاحنات، خصوصاً أن غالبية من ينتوون الترشح لرئاسة الجمهورية أعلنوا صراحة اختيار «السيسى» حال ترشيح نفسه. الواضح أن أصحاب حركة «نريد» فكروا بطيبة، خصوصاً وهم يرون حالة الحماس التى تسيطر على قطاعات جماهيرية كبيرة لفكرة أن يكون الفريق «السيسى» رئيس مصر القادم، بالإضافة إلى ما لاحظوه من تسليم واضح من جانب المرشحين المحتملين لانتخابات الرئاسة القادمة بأن الفريق «السيسى» لو نزل فسيفوز باكتساح. فإذا كان ذلك كذلك فمن المنطقى أن يفكر أصحاب فكرة «ترؤس» السيسى للدولة ب«تفويض شعبى» فى توفير تكلفة الانتخابات وصراعاتها، وتقصير الطريق على المصريين و«تكليف» الفريق بالرئاسة. أقول لك إن أصحاب هذه الفكرة عالجوا الأمر بقدر كبير من الطيبة حين لم يدركوا أن السياسيين الكبار المخضرمين، من أمثال «موسى» و«صباحى»، يلقون كلامهم حول «تفويض السيسى» أو وصفه ب«البطل الشعبى» لا يعنى التسليم بفكرة ترشحه قدر ما يهدف إلى «تدليك» مشاعر محبى «السيسى»، وهم كثر!. لو كان الفريق «السيسى» يريد الترشح للرئاسة، فهذا حقه الذى لا يستطيع أن يجادل فيه أحد، بشرط أن يتوكل على الله ويخلع «بزته العسكرية» ويترك منصب وزير الدفاع، وأنا واثق أن هناك كثيرين يرون أنه جدير برئاسة مصر، بشرط أن يأخذ الرئاسة بحقها، من خلال انتخابات حقيقية ونزيهة تليق بمصر التى نفضت غبار النوم عنها بعد ثورة 25 يناير، أما طرح الأمر من زاوية «التفويض الشعبى» فذلك يدخل فى باب «اللامعقول السياسى». ومن «الكوميديا» أن يستند البعض إلى التفويض الشعبى الذى منحه ملايين المصريين ل«السيسى» فى تبرير منحه تفويضاً مماثلاً بالرئاسة. هذا النمط من التفكير يذكرنى بحكاية «جحا»، عندما استعار من جاره وعاء كبيراً وتأخر فى رده فطلبه جاره منه فأعطاه الوعاء الكبير وآخر صغير، فقال له جاره: ما هذا؟ قال: لقد ولد عندى البارحة، فسُرَّ جاره وأخذ الوعاءين. وبعد فترة استعار «جحا» من جاره وعاءً أكبر وأغلى ثمناً وبقى عنده فترة من الزمن، وبعدها سأله جاره عن خبر الوعاء، فقال «جحا»: رحمه الله -يقصد الوعاء- مات قبل أيام فغضب جاره وقال كيف يا «جحا».. أوَيموت الوعاء؟. فقال «جحا»: تصدق بالولادة وتكذب بالموت؟!.. يعنى تصدق فى تفويض مواجهة الإرهاب و«تلابط» فى تفويض «الرئاسة»؟!.