يعود مجدداً، محملاً برغبة جامحة فى تدوين سطر جديد لتاريخه السياسى، من بوابة جديدة على المستوى الداخلى بعيدة عن العلاقات الدبلوماسية التى أتقنها على مدار سنوات، ومسئوليات جسام فى تصحيح مسار بدا خاطئاً منذ اللحظة الأولى التى شهدت تنصيب «الغريانى» رئيساً ل«تأسيسية الدستور» فى عهد الإخوان وآمال شعب لطالما حلم بتعديل المسار، وإسدال الستار على عهد أعجف بات فيه مُحبطاً، محققاً طموحاً ظل يراود الدكتور عمرو موسى بالرئاسة، ولكن هذه المرة ترأس خمسين فرداً فقط لتعديل دستور مصر. من وزارة الخارجية إلى أمانة جامعة الدول العربية، طريق صار فيه «موسى» لسنوات جعلته دولياً اسماً يتردد فى تصريحات عدة، يصفه مصطفى عثمان إسماعيل، وزير خارجية السودان الأسبق، ب«صالح» الذى بُعث ل«ثمود» منادياً ومناجياً بالإصلاح. أسس لنفسه قاعدة قوية من العلاقات الخارجية وفق ما ذكره الكاتب حسن عامر، خاصة بعد أن دونت مادلين أولبرايت، وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة، ضمن مذكراتها عن «الصراع فى الشرق الأوسط» فى جملتها الشهيرة «إذا أردتم السيطرة على الشرق الأوسط عليكم بعزل موسى من منصبه». مواقف «موسى» خلال عام الحكم الإخوانى جعلت منه هدفاً سهلاً فى مرمى الانتقادات، فبالرغم من اجتماعه سراً ب«مهندس التنظيم» خيرت الشاطر بصحبة ومباركة «أيمن نور» لبحث أمور لا تزال غامضة، ولكن موقفه من «تأسيسية الإخوان» كان واضحاً، بدءاً من محاولات رأب الصدع والوصول لصيغة توافقية تحمى الحقوق والحريات، وصولاً لانسحاب مُعلن الأسباب نظراً لتحفظه على عدد من مواد مسودة مشروع الدستور من حيث المحتوى والمضمون، فضلاً عن الصياغة غير المنضبطة للمواد وأسلوب إدارة العمل فى الجمعية التأسيسية، وفق ما أورده فى نص الاستقالة. شهور مرت على تمرير دستور «الإخوان» ليعود مرة أخرى إلى نقطة الصفر التى يكتب أول سطورها «موسى» بجلوسه على مقعد رئاسة لجنة دستور ما بعد ثورة 30 يونيو. مسئولية يتصور البعض أنها لن تكون صعبة على رجل رشح نفسه من قبل لرئاسة الجمهورية، 30 صوتاً وضعت الرجل السبعينى على قمة لجنة الخمسين، بمنافسة لم تكن الأشرس مع منافسه سامح عاشور نقيب المحامين، وكان أول تصريحاته وعداً بتحمل المسئولية الثقيلة وإدراكه لخطورة الأوضاع فى البلاد، آملاً فى صياغة دستور يمكّن المصريين من إصلاح ما أفسدته جلسات منتصف الليل.